(ثقافات)
عن دار«ﺃثر» بالدارالبيضاء (2013) ، صدر للناقد المغربي الدكتور عمر العسري كتاب نقدي ، تحت عنوان : « القصة والتجريب : دراسة في أعمال أنيس الرافعي ». يقع المؤلف الجديد ، الذي يعتبر مقاربة مونوغرافية في التجربة القصصية المتشعبة والإشكالية للكاتب المغربي أنيس الرافعي ، في 64 صفحة من القطع المتوسط ، وتتوزع مفاصله على خمسة مداخل ، جاءت موسومة ﺑ : ( القصة ومخارج الغرابة، القصة ومداخل التغريب، القصة ولغة العين، القصة وهندسة المعمار، القصة وطقوس العبور ) .
كما تم تصدير المؤلف بتأطير نظري مستفيض وقيّم ، تحت عنوان : «التجريب القصصي : تلاقي المتنافرات » ، أكد فيه صاحب« الفرشاة والتنين » على أنّ « هذه الدراسة المفردة لأعمال القاص المغربي أنيس الرافعي، تنطلق من فرضية مؤداها أنّ التجريب ليس مفهوما شاسعا أو إطلاقيا، بل هو تدبير خاص أو دليل استعمال شخصي يُستخلص من متن كاتب معين، ومن وعيه الجمالي المصاغ داخل مشغله السردي. إنّه تكثيف لمختلف التقنيات والبناءات والانفتاحات النصية والتجديدات اللغوية والأشكال المستخلصة ، ومن الأساليب المترسبة . إنّها فرضية اقتراب وتوقع واستخلاص ، لا موروث وصدى وﺃطر نقدية تخضع لمرجع سابق » .
ولتحقيق هذا المسعى ، عمل الناقد عمر العسري على التنويع في وسائل إبحاره في العوالم السردية لأنيس الرافعي كما لو أنّه يتعقب خيط أريان ، وهكذا ﺃفرد دراسة لغوية ولسنية خالصة لمجموعة «علبة الباندورا »، و تحليلا لبنية الحكاية وتحولاتها وأنماطها من خلال مجموعة « ثقل الفراشة فوق سطح الجرس »، كما تناول الأداء المرئي والسينمائي في مجموعة «اعتقال الغابة في زجاجة » ، و استدعى الجانب الطقوسي وموسيقى كناوة في حديثه عن مجموعة «الشركة المغربية لنقل الأموات » ، و اختتم دراسته بالكشف عن تعالقات الحكاية والتصوير الصباغي في مجموعة «أريج البستان في تصاريف العميان » ، ثم ذيل المتن ببليوغرافيا منتقاة للدراسات المنجمة والإشارات النقدية المحكمة و اﻷطاريح الأكاديمية التي تناولت أعمال أنيس الرافعي .
إنّ كتاب « القصة والتجريب » للناقد المبدع عمر العسري ، شرحٌ مستفيض لتقنيات الكتابة
القصصية عند واحد من ﺃبرز كتاب الموجة الجديدة في المغرب وأكثرهم عطاء ، وتكمن أهميته
النقدية والمعرفية في كون منهجيته تعتمد استراتيجية النظر إلى عوالم القصص ومتخيلها عبر كرة
بلّوريّة متعددة المناحي والزوايا ، مما يتيح تبئير وعي مرﺁوي بالمقروء وتحقيق متعة مضاعفة
للقارئ.