دمٌ في قَصَبِ النَّاي


* أحمد الشهاوي

خاص (ثقافات) 

كَنَستُ الكلامَ الذي لم أُحِب
وودَّعتُ عَرْشِي علَى المَاء
وحَذفتُ نُورًا لم ينمْ في السرير
وقتلتُ ظلَّا ليسَ لي
وقفزْتُ من سُفنٍ تحملُ الوردَ
أصرُخُ من دمٍ في يدَيْ
وأطلبُ حقِّي منَ اللَّيل
وأرُوحُ إلى شَجنِ الصَّوتِ الذي غَاب.
غابٌ يُغنِّي وَحْدَهُ
مُودِّعًا جِذْرَ القيامَة
مُتنازلا عن حقِّهِ
في أن يُراودَ
أو يُراوغَ 
في أن يكُونَ القطعُ سيرةَ عُمرهِ.
كلٌّ 
في موتهِ نائمٌ
دمٌ في النسيجِ
دمٌ في قَصَبِ النَّاي
ودمٌ في اليدِ التي تكتُبُ الآنَ
ودمٌ في انتظارِ الأوامِرِ.
وعلى تُخومِ أصابعِنا ينتظرُ برابرةٌّ
وتصعدُ فتوى من مِئذنةٍ صَفْراءَ.
لا الضوءُ يسْعى إلى العيْنِ
ولا العينُ تأكلُ غيْمًا تطَايرَ قُرْبها
ولا الحوائط ُتحفظ ُسِرَّكَ فِي اللَّيلِ
ولا أنتَ كما أنتَ منذُ دقائقَ.
أنتَ شَذَيً وشَظَايا
وأنتَ سافرتَ نحوَ الرِّمَالِ
ولم تر في النِّيلِ إلا دمَ الأولين
ولم تر أسدينِ عَلَى راحتيْكَ 
إلا صَنَمًا من تُمُور. 
ما أنتَ الآنَ سِوى مَلكٍ
لقشِّ الطُيورِ التي هَجَرَتْكَ
ومُلكُكَ كانَ على ذهَبٍ زائفٍ
وآيةُ عرشِكَ منحُولةٌ ولا إلهَ رحيمًا لهَا
وكتابُكَ لم يكُنْ باليمين 
ولم يأْتِكَ الوحيُ يومًا
ولم تُشْبه البومَ في الشُّؤمِ
ولا الغربانَ في سُودِ الطَّوالع
فَما أنتَ سِوى جَرْوٍ في البرَاري يَعدُو
تضْحكُ الأقمارُ على ذقنِهِ البالية.
دمٌ في الشَّوارعِ
ولم تعُد في يميني شمسٌ
ولافي شِمَالي زمَانٌ يرى
أو يستُرُ الماءَ
عادتِ الذكرياتُ إلى الشنطِ المدرسيَّة
وغابتْ عن عَصَايَ التعاويذُ
خاصَمتِ الرسالةُ بيتِي
ونام الفَراشُ على الباب
وجاءتِ الجِنُّ تعجنُ خُبزي
فَفَتَّلتُ العجينَ حِبالا
من نُجومٍ تائهات.
القاهرة
15 من أغسطس 2013
________
*شاعر من مصر 

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *