*رشيد الخديري
1
بدا الزَّمن شاحباً، وبدت المسافة بيني وبينك شاسعة وعميقة، أعرف، ليس ذنبكِ أن نتقاسمَ هذا الوجع المخلوط بالآهات والندم، يقودني خطوي إليك، بيننا شيء لم يتغير.. لعلك الآن وحيدة يا سوزان، تجلسين كالعادة قرب المدفأة، تقلبين ألبوم الصور، فكَّرتُ مراراً في ذلك، وكنتُ أظن أن الأمر سهل، وأنَّ نسيانك مسألة وقت ليس إلا..
2
أستيقظ في هذا الصباح الغائم، على مطر خفيف ينقر نافذتي، لم أنم ليلتها يا سوزان..! حاولتُ التفكير بشكل إيجابي فيما حدث وفيما سيحدث، آه.. يا سوزان.. الحيرة القاتلة تملأ روحي بالهواجس، يصير الزمن في خضم هذا الشعور بالضياع مثل ثعبان مرقَّط يتلوى بين الكثبان والمنحدرات، قلتُ لكِ –وهذا صحيح– أنِّي لم أنم ليلتها، كلما استفقت في منتصف الحلم، أتحسَّس السرير، لا أحد بجانبي.. الغرفة فارغة إلا من علبة الماكياج التي اشتريناها معاً في يوم الحب، كنتُ أحب رؤيتكِ فاتنة، بشعرك المنسدل على الكتفين، والثوب الأحمر الشَّفاف..، نرقص على إيقاع موسيقى تركية حزينة، يا لغربة روحي وسط هذه الأنقاض، وسط الصمت المطبق في مدينة الأحلام، تمرُّ الأيام بدونك ثقيلة يا سوزان..، ويُخَيَّلُ إليَّ أنِّي متُّ قبل الآن..
3
اشتد بي السعال، تنبَّهتُ إلى علبة (الدولبران) على الرف، فجأة، أعثر على يومياتك.. أقلب الصفحات بعصبية زائدة، ربما، يا سوزان كتبتِ أسباب الرحيل، -وإن كنتُ أظن- أن سبب خلافاتنا هو عصبيتي..، قد تَغيرتُ، صدقيني تغيرت.. تعلَّمتُ من غيابكِ معنى الحب، أصبحتُ بمزاج رائق، آه.. لم أخبركِ انتهى مشكلُ الوظيفة، لديَّ مقابلة بعد يومين من أجل محرر صحفي في جريدة، لطالما تمنينا ذلك معاً، سأرتدي البذلة الجديدة بربطة عنق، ما رأيك.. سأبدو وسيماً وأنا دون سروال الجينز الأزرق والقميص الشجري، أحتاج دعمكِ يا سوزان..، فقد مرَّت أيام وما زلتُ في قاعة الانتظار.
4
أجلسُ قرب النافذة في انتظارك..
لعلك تأتينَ من عمقِ جراحاتي..
صوتٌ من أعماقي يقولُ لي:
– لنْ تأتي..
– بالتأكيد، لن تعودْ
– ربما تأتي في هذا المساء الخريفي..
– ربما
كرهتُ صمتي، كرهتُ نفسي..، ما أمرَّ العيش بدونكِ سوزان.
___________
*شاعر من المغرب(المجلة العربية)