*ل. غ.
تبدأ مقدمة الكتاب بهذه الكلمات: “عندما نكون صحافيين هناك ما نقوله مباشرة أمام الكاميرا وما نشعر به في الكواليس”. هذا ما ترويه الصحافية الفرنسية كارولين بورجوري، التي صدف وجودها في بيروت عندما اندلعت الحرب الاسرائيلية على لبنان في تموز 2006. انها مراسلة حرة لمحطات فرنسية مهتمة بأحداث المنطقة، كتبت يومياتها ومشاهدتها وتعليقاتها كأنها تروي لذاتها كل ما رأته وشعرت به بصدق واختصار. كتبت بتجرد للمحطة التي كلفتها وصف مشاهداتها، وسجلت ما يقوله الناس، عن الحياة والمأساة.
في موازاة رسائلها الحربية، كتبت نوعا من رسائل تتضمن كل ما لا تذكره في رسائلها المباشرة مع العاملين في الاستوديو، وقررت نشرها في كتاب عنونته “تمطر أيضاً على بيروت”، على شكل مراسلة داخلية تنطلق مما كتبته خلال الحرب، مع إجابات محددة من “الأنا” إلى “الأنت”. بين الأحداث والكلمات اجواء شاعرية، حزينة، مختصرة، مليئة بذكريات سعيدة.
في 96 صفحة وعن دار نشر تشجع المواهب nova editions سردت الكاتبة بحرارة، لكن ببطء وغضب واسى، بعض التقلبات العاطفية والمشاهدات المأسوية، كأنها في مواجهة مع ذاتها أمام مرآة ترد هيئة ذاتية مهزوزة بعض الشيء كأنها هلوسات متقطعة مر الزمن على بعضها وخفتت حدة المعاناة في بعضها الآخر. توسلت الصحافية بلحظات حميمة استطاعت من خلالها البوح على رغم الانضباط والتحفظ في أمكنة كثيرة من الكتاب. تبلغ المؤلفة – المراسِلة اليوم الثلاثين من العمر وكانت في الثالثة والعشرين عندما عايشت حرب تموز ونقلت بواقعية وصدق مشاهداتها وأحاسيسها وعرفت كيف تكون الحروب وويلاتها على المدنيين. رسمت صديقتها صوفي رينال بالاسود والأبيض بطريقة طفولية بعض المواقف والمعلومات والمشاهدات بعدما قرأت عشرات المرات النصوص مع كارولين.
الكتاب يُقرأ بسهولة وبسرعة، ويترك في الذهن صورا من الماضي البعيد ومشاهدات عن كوارث الحرب ممزوجة بأوصاف دقيقة للاوضاع الانسانية والحربية والاجتماعية من دون مبالغة أو ثرثرة سخيفة وسطحية.
“تمطر أيضاً على بيروت”، يستحق أن يحفظ كمقدمة شاعرية وحميمة لما رافق هول القصف والقتل والتدمير.
________
*(النهار)