مقاسمةُ السّماء


علي لفتة سعيد *

فارغٌ هذا الكأسُ

أشْربُ ما فيهِ
لنْ أقْتلَ الجنودَ ليعيشَ الملكُ
وأُخيفُ ملكًا أخرَ بكلمةٍ فارغةٍ (كشْ)
تلْكَ صَلاتُنا واضحةٌ بلا سجودٍ
وما على جباهِنا ليْستْ سيْماؤنا
آثارُ وُجوهٍ وقهْرُ سنين
ونارُ الحرْبِ
هم وحْدهم
تقاسَموا السّماءَ مع اللهِ
وأخذوا الأرْضَ لهم
لمْ يعدْ ينفعُ أن ننْتبذَ مكانًا
ما بين ذراعيْنِ
أوْ دمْعتيْنِ
أوْ نخْلتيْنِ
أوْ أرْضيْنِ
أن نعْرجَ بالغيْمةِ للرّوحِ
ونصْعدُ الكلمَ عند الله
هناكَ أخاطبُهُ
يا صديقي الذي خلَقني
هبْ لي من لدُنْكَ حَبيبًا
وامْنحْني وطنًا
بلا أقْمشةٍ على الرُّؤوس
وأصْنعْ من صوْتي مُؤذّنًا للْحُبّ
وأنْسجْ من خيْبتي آياتٍ يتْلوها
من لا يؤْمن بالحريّةِ
لعلّه ينْتفِضُ ويأتي معي إليْك
أنْتَ الحريّةُ الكُبْرى
يا الله
وهذا وطَني المَسْكونُ بالموْتِ
وأنْتَ تَقول
ان جاءَتْنا حسَنةٌ فهي منْكَ
أكلّ هذه السّيئات منّا؟
يا واحدًا بداخلي
حتى إذا اختْنقْتُ بطاغيةٍ
تذَكّرت
حتى إذا أردْت ثوْبَ الفَضاءِ
اقْتربْت
فهبْ لي من لدنْكَ سعْفةَ نخْلٍ بلا دود
لم يعَدِ الكأسُ فارغًا
كما كان
ليْسّ فيهِ نصْفٌ لأريحَ الرأسَ
وليْسَ فراغٌ لأحْتكم
أنا واحدٌ
حينَ أدسُّ الصّلاةَ على اليَقين
أُولدُ في آخرِ النفقِ ضوْءًا
من أجْلِ ما في داخلي من طفْلٍ
يبْحثُ عنْ حضْنِ ملائكةٍ
سرَقَتْ أمَّهُ قبل خمْسين منَ المَطر
سأرْسمُ كلّ الطّغاةِ ميّتينَ
وأزيدُ سوادَ وجوهَ اللّحى
وأُفْتي
من عاشَ بغير حبٍّ
ولمْ يحُجّ قلْبُهُ للنّاسِ
ولمْ يعْزِفْ نايًا في الصّباحاتِ
ولمْ يسْمعْ صوْتَ الماءِ
ماتَ مِيتةَ الجاهليّة
سأُفْتي
أنْ نَعيشَ خارج الشطْرنْجِ
وأكون مثْلَ نَبيٍّ أسيرُ فوْقَ الماءِ
أحْملُكِ أيّتها الحَبيبَةُ
وأسْري بكِ ما بيْنَ الثلْجِ والدفْءِ
وأنا الموْجُ الذي يغْسلني
كلّما غفوْتُ عنّي لأصْحو
________
* شاعر من العراق (المدى) 
– القصيدة ألقيت في مهرجان الحرية العربي الذي أقيم في مدينة سيدي بوزيد التونسية في الرابع عشر من الشهر الجاري بمشاركة العشرات من الشعراء العرب

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *