(ثقافات)
رأس الخيمة ـ صدر مؤخراً عن دار نون للنشر في رأس الخيمة، المجموعة الشعرية “يوميات التراب والدم” للشاعر السوري فراس أحمد، والتي جاءت في ٨٣ صفحة من القطع المتوسط واحتوت على ثلاثة وعشرين نصاً حمل غلافها لوحة للفنان التشكيلي سعد عباس، لتكون الإصدار الثاني لفراس أحمد بعد إصداره الشعري الأول “على قدر جناحيك” ٢٠٠٩ .
في يوميات التراب والدم يميل الشاعر إلى الشكل التوثيقي في الشعر، فتبدو الأحداث اليومية حاضرة في الكثير من النصوص التي تأخذ طابعَ السرد بلغة شعرية بسيطة منسابة، لتبدو النصوص أكثر تفاوتاً على صعيد الشكل تحديداً بعد النصوص الأولى التي تأخذ الطابع السرد أكثر من شكل قصيدة النثر، وتتفاوت كذلك قوة اللغة وانسيابها، ليضع فراس بين يدي قارئه عبر دفتي كتابه تنوعاً من النصوص التي تختلف شكلاً ومضموناً لدرجة التفاوت.
هذا التفاوت لا يقف فقط عند الشكل والمضمون، بل أيضاً يظهر باعتباره أسلوباً للشاعر في التجديد، فتارة نراه يميل أكثر للاختزال النص الذي يمنحه مجازه الشعري أكثر، وتارةً أخرى في الإسهاب مانحاً القصيدة مساحتها الكاملة لتعطي مطلق إحساسها الكامل بما التقطته الشاعر من محيطه المحلي اليومي العادي وغير العادي أيضاً.
يقول الكاتب إبراهيم حسو في وصف الكتاب: بأن فراس كما كثير من التجارب الشعرية الشابة يغرق حساسيته في مناخات المشهد السوري بكامل فضائياته وجمالياته، خالطاً الحياة واللغة ضمن حركة الصور… ويضيف: شعرية فراس تتمة لإصداره السابق الذين حقق تكويناً التزم به في جديده ليبدأ الغوص في جزر تشبه افتتاحيات الربيع ويتواءم مع الكلمات والإنشاءات الشعرية، أما التجربة الشعرية ذاتها تعكس حماسة الشعراء الشباب لقصيدة النثر للتمرن على كتابة تتجاوز الكثافة المعهودة والإسهاب الفاضح لقصيدة النثر.
وكما معظم شعراء جيل الشباب، تنتمي قصائد المجموعة الشعرية لقصيدة النثر، في محاولة للوصول للنص الأكثر شاعرية دون سطوة الوزن والقافية، ويحشد في نصوص “يوميات التراب والدم” مستويات تعبيرية تكاد تتنوع على أشكال كتابية (نثرية) السرد الحكائي و(القصيدة الومضة)، كل ذلك يجعل من النص يعلو تارة، أو ينكس تارة أخرى، لتخلق فضاءات متشابكة ومضطربة، عوالم متضادة بعناوين شعرية مرصوفة من مفردة واحدة (مهادنة، مرثية، رؤيا، صمت، شعراء) وبناء تشكيلي قائم على صور مختلطة وأفكار مبعثرة عن (الوطن والحب والصمت والجسد) تحضر الأنا الخفية فيها، وتغيب الذات على حساب (القضايا الكونية) و(الإنسانية) من القتل والدماء وصراع الوجود والتراب والخوف والموت.
ومن نصوص الكتاب:
وكنت تنكشفين كالغلسِ
أخضرُ الأجمات
من لفح رغبتك
والندى عرقُ التنهّدِ،
على التراب ينمو لون عُريك
وصبابةُ العُشب
تحتَ جسدينا
هي كل ما نسمعُ
في هذا العراء