تاريخ الإسلام:جديد كيمبردج عن تاريخ الإسلام


*

رحبت (الديلي تليغراف) بكتاب جديد للباحث مايكل كولف المؤلف من ستة أجزاء عن تاريخ الإسلام بشكل منصف انه عمل باحث جاد، ويعتبر بالنسبة للمهتمين بالدين الإسلامي حدثا بارزاً وعلامة تستحق الاهتمام والتقدير الذي يستحقه.

ان كتاب كيمبردج الأول عن (تاريخ الإسلام) نشر في عام 1970 لجزءين ضخمين، وغطى الجزء الأول (البلدان الإسلامية الأساسية) وعلى الاخص في الشرق الأوسط، بدءاً من أصول الإسلام والى الزمن الحاضر، اما الجزء الثاني من الكتاب فتناول دولاً أخرى في غرب أفريقيا وأجزاء من اسيا.
وكان المساهمون في تلك الطبعة من الكتاب من الخبراء البارزين، ولكن أسلوبهم في الكتابة كان بسيطاً بدون شروحات من اجل كسب القارئ العادي وليس المثقف بشكل خاص.
ولكن العقود الأربعة التي مضت على إصدار الطبعة الأولى من الكتاب، شهدت تغييرات ضخمة، حتى ان الطبعة الجديدة من الكتاب قد صدرت بـ 6 أجزاء، وكل جزء منها بـ 800 صفحة، مع كثرة الشروحات الموضحة في اسفل الصفحات مع مناقشات الاكاديميين حول العديد من الموضوعات ومع ان سعر الكتاب يبدو ضخماً بالنسبة للقارئ العادي، فإن الطبعة الجديدة من (تاريخ الإسلام) لا يخص المكتبات الأكاديمية فقط، بل انه مناسب وضروري لكل مكتبة عامة.
ان الفرق بين صفحات الطبعة الأولى والثانية، يمكن تبريره: لأن الكتاب في طبعته الجديدة، مناسب للباحثين القراء العاديين أيضا.
ان السبب الرئيس في اختلاف عدد صفحات الطبعتين يعود الى الجيلين الأخيرين من الناس قد شهدوا اتساعاً غير اعتيادي في اتساع حجم الدراسات الإسلامية وخاصة فيما يخص أواسط آسيا او في غرب أفريقيا، وخصوصية الإسلام في اندونيسيا.
وفي الطبعة الأولى من طبعة كيمبردج، نجد أن هناك إشارات قليلة للصوفية، مجرد إشارات متفرقة ترد في الفهرس، وهذا الأمر كان يعكس وجهة النظر الرسمية الإسلامية، دين يحتفل به في المساجد، ويدار من قبل الإمام والمفتي، وكانت (الصوفية) نوعاً من الظواهر الغريبة الدخيلة.
وفي كتاب كيمبردج، نجد فصلاً طويلاً على تطور الصوفية، وفصلاً آخر عن (الصوفية الحديثة) في عصرنا الحالي وتنظيماتها الحالية وتقاليدهم بالنسبة للتعليمات الشخصية وطرقهم الخاصة بالعبادة، وقد أصبحت هذه الأمور جزءاً من نسيج الحياة الدينية في معظم المجتمعات الإسلامية، مقبولة ومقيّمة من قبل الجميع (ما عدا الوهابيون في السعودية)، ولكنّ الباحثين الاجانب لم يثمّنوا دور الصوفية في الإسلام إلا مؤخراً.
وفي الوقت الذي أضافت الدراسات والأبحاث الجديدة الكثير الى معلوماتنا عن الإسلام، فانها عملت على تقديم طروحات جديدة عليها، وفي أعوام السبعينات من القرن الماضي، كانت كل المعلومات المتوفرة عن اصل الإسلام، تعتمد القصة الأساسية التي يرويها المسلمون انفسهم- قصة تعتمد على القرآن، والاحاديث النبوية (تعاليم محمد الدينية) إضافة الى الكتابات التي سجلت عدداً من اليوميات وسيرة حياة عدد من الأشخاص، وفي السبعينات تحدى عدد من الخبراء الغربيين (ومن بينهم مايكل كوك، المحرر الرئيس للكتاب) ذلك الأمر لعدم وجود نص معتمد عليه في المرحلة الأولى للإسلام: إذ ان القرآن قد تبلور تدريجياً.
وبلا شك فان هذه الطبعة الجديدة لكيمبردج ستظهر له مستقبلا طبعة احدث، ربما افضل، وأوسع وأعمق، والفصول الجميلة عن الموضوعات الثقافية (منها المرأة والجنس)، (المدينة والبداوة)، أو المناقشات الثقافية، تجعل القارئ يشتاق الى المزيد منها.
فمثلا اننا لا نجد فصلاً عن العبودية في الإسلام، او تاريخ بدء الحج، وقد تجد الطبقة الثالثة من الكتابة مجالاً للكتابة عن الإسلام في أوربا (البوسنة) لها عدد من الصفحات في الطبعة هذه وكذلك عدد مماثل عن المسلمين في كندا.
ويقول الناقد نويل مالكون اخيراً، انه قد أمضى شهراً تقريباً، في قراءة هذا الكتاب، وتعلم الكثير جداً- على الأقل، فقد عرف اساس ما يعرف اليوم، (الإسلام السياسي)، كما انه في النهاية، تعلم وتأثر بشيئين: الكيفية التي حافظ فيها الإسلام على تماسكه كدين، وانتشاره في العديد من الدول والثقافات، بدون وجود (البابا او الكنيسة الهرمية للحفاظ عليه، وأيضاً الطريقة التي أرتكز عليها فريق الباحثين لتكثيف هذه المعرفة، بكل هذا الوضوح، في 4929 صفحة فقط.
_________
عن الديلي تليغراف

شاهد أيضاً

“المثنوى”و”شمس” من كُنوز مَولانا الرُّومي

“المثنوى”و”شمس” من كُنوز مَولانا الرُّومي منال رضوان     المثنوى المعنوى، وديوان شمس لمولانا جلال …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *