في عالم إيزابيل:كتابة، حب ،ودمى من القماش


*

إيزابيل الليندي (70 سنة)، ولدت في بيرو لأبوين من شيلي، وعاشت هناك حتى الانقلاب العسكري عام 1937، حيث اضطرت اللجوء الى فنزويلا أولاً، حيث عاشت 13 سنة ، ثم الى كاليفورنيا، حيث تعيش حالياً مع زوجها الثاني، ويلي غوردون الذي يمتهن الكتابة أيضا لقد نشرت الليندي 19 رواية، ترجمت الى 35 لغة وبيع منها 57 مليون نسخة، وروايتها الأخيرة، (مفكرة مايا)، ستصدر خلال هذا الأسبوع.

وتتحدث الليندي عن حياتها، انها تستيقظ في ساعة مبكرة من النهار على نباح كلبيها، وتستغرق بعد ذلك في التأملات ساعة واحدة، ثم الحمام اليومي، في حوالي الـ7 صباحاً، لتكون مستعدة لليوم الجديد.
ولإيزابيل مكتبتان في البيت- واحد بلا انترنت أو تليفون، حيث تكتب عادة وآخر حيث تنصرف الى بريدها وشؤون العمل، وتتناول تفاحة أو قدحاً من الشاي، وفي السادسة مساء، تجلس مع زوجها لتناول المشروبات (وهي تكتفي باحتساء المياه المعدنية). وبعدها يقوم الاثنان بتحضير العشاء معاً، ويذهبان إثر ذلك الى النوم في الـ 9 ليلاً.
ولم تلتق إيزابيل بوالدها بعد سن الثالثة من عمرها، إذ انه انفصل عن والدتها، وكان يعمل سفيراً لشيلي في ليما. بعد انفصالهما، وجدت والدتها نفسها وحيدة مع ثلاثة أطفال، وكانت الأم كل شيء بالنسبة إليها، الأم والأب والصديقة، وهي اليوم تبلغ الـ 92 من العمر، وتعيش في شيلي وتلتقيان أربع مرات سنوياً.
وعاشت والدة إيزابيل في منزل والدها- حيث وجدت الأمان والطعام ولكن بلا حرية تعليمها كان محدوداً- إضافة الى 3 من الأطفال، بعد زواج فاشل.
ومنذ طفولتها، انتبهت إيزابيل الى مدى اختلاف حياة والدتها عن حياة اخوتها، وحياتها شخصياً عن شقيقيها، كان على الإناث الجلوس في داخل البيت وتعلّم الحياكة، في حين كان الذكور يمضون أوقاتهم في الخارج.
ولم تجد إيزابيل في نفسها رغبة تملك الأشياء المادية لأنها كانت تنتقل من منزل الى آخر، وعندما غادرت شيلي في عام 1975 لم تعرف انها لن تعود الى البلاد، ولذلك قامت بإغلاق منزلها قبل سفرها- لم تحس بالألم أو أحساسها بفقدان شيء ما- إذ ان هذه المشاعر ساورتها لاحقاً، وعندما ارتبطت بويلي بعد علاقة حب انتقلت الى الولايات المتحدة الأمريكية، ولم تحسْ بالحزن لتركها فنزويلا لأنها كانت في حالة حب، وشقيقتها الوحيدة هي صديقتها الأفضل وتدعى –بياليفا، وتعيش في شيلي، وقد تكون أفكارهما مختلفة ولكن الحب كبير بينهما.
وقد نشأت علاقتها بزوجها (ويلي) إثر حضوره أمسية لها في كاليفورنيا، ثم دعاها في اليوم التالي للغداء، وقعت في حبّه، دون أن تعلم إن كان هو أيضا أحس به، وفي الأسبوع التالي، انتقلت إيزابيل لتعيش في منزله، دون دعوة منه، وفكرّت آنذاك، انها في حاجة الى عدد من الأيام لانتزاعه من نظام حياتها، لأنه كان يعيش في الفوضى، ولم تكن هناك أمور يتقاسمانها معاً، ولكن ذلك كان قبل 25 سنة.
أما بالنسبة للقصص، فان جدّها كان راوٍ لها، وما يرويه لهم في أعوام الطفولة، كان يثير فزعهم، وعندما كانت في فنزويلا (المنفى)، علمت بمرض جدها، وأنه موشك على الموت، لم تستطيع الذهاب إليه، بل كتبت له رسالة تقول فيها انها تتذكر كافة قصصه، وكل الأحداث وكل حياته، وان عليه الرحيل بسلام واطمئنان. ومن أجل الرهفة على ذلك، بدأت في كتابة قصة، في كانون الثاني عام 1981، وقد تحولت الى الرواية الأولى لها (منزل الأشباح)، وعندما طبعت حققت النجاح، وهكذا بدأت إيزابيل في كتابة الرواية التالية في كانون الثاني أيضا، وبدأت كل أعمالها في نفس الشهر من العام.
لقد فرّقت الكتابة ما بينها ووالدتها، عدة مرات ولكنهما واصلا الكتابة فيما بينهما يومياً ولعدة أعوام، ووالدتها تبلغ حالياً 92 سنة من العمر، أما اليوم، فهما تتراسلان عبر البريد الانترنت، وتقوم إيزابيل بجمع الرسائل في نهاية كل عام، في رزمة واحدة.
وقد كتبت (منزل الأرواح) على الآلة الطابعة، وكانت آنذاك تعمل (مديرة مدرسة) وتعمل يومياً 12 ساعة، وعندما تعود الى البيت تحضر الطعام الأطفال، ثم تغلق على نفسها باب المطبخ من اجل طبع الرواية، ومع التطور التكنولوجي، انتقلت الى الطابعة الكهربائية ثم أرغمها ابنها على شراء الكومبيوتر من اجل روايتها الثالثة، ثم أرغمها مؤخراً على الانضمام الى موقع (تويتر) لخلق صلة مع قرائها من الجيل الجديد، وابنها يقوم بتأدية المهمة ووضع صورة لها نقلاًُ عن مجلة قديمة، عندما كانت في شبابها، في حين ينشر القراء صورا لها نقلاً عن صحفهم، انه أمر ممتع.
وفي منزلها الكثير من الصور الفوتوغرافية لابنتها بولا، التي دخلت في غيبوبة وهي في الـ 28 من عمرها، (وتوفيت لاحقاً هي تبلغ الـ29 سنة)، وكانت وفاتها أسوأ ما مرّ في حياتها، وبعد ذلك، أنشأت مؤسسة خيرية، وكلما وقعت على صك مالي، أحسّت ان ابنتها تقوم بذلك، لقد تغير حضورها في حياتي، لأنها رحلت، ولكنها لا تزال حاضرة.
وتحتفظ إيزابيل الليندي بعدد من الدمى، وتقول انها في خلال مرحلة حملها، كانت تتمنى ولادة طفلة لها، وقامت بصنع دميتين من القماش، كي تراها ابنتها حال ولادتها، وقد أحبت بولا الدميتين، وأخذتهما معا، حتى الى المستشفى وبعد رحيلها، عادت بهما إيزابيل الليندي الى البيت، وهما موضوعتان اليوم في مكتبها، حيث تكتب، لتراها يومياً.
________
* عن الديلي تليغراف

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *