(ثقافات)
عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، صدر كتاب “الثورة المجهضة..دراسات في إشكاليات التجربة الوطنية الفلسطينية” بيروت، للكاتب الفلسطيني ماجد كيالي،في 202 صفحة، من القطع المتوسط, ويتألف من أربعة فصول، وخاتمة; صعود وأفول الهوية الوطنية والكيانية السياسية للفلسطينيين، وإشكاليات المقاومة والعمل المسلح، وإشكاليات التسوية والمفاوضة،وإشكاليات النظام السياسي وتوليد حركة وطنية جديدة. وجاءت الخاتمة تحت عنوان: السؤال الفلسطيني عن البديل. أما الغرض من الكتاب، فقد عرضه الكاتب في المقدمة، بقوله:
لم تحظ التجربة الوطنية الفلسطينية، بما لها وما عليها، بمراجعة نقدية إستراتيجية، على الرغم من خطورتها وتعقّد قضاياها وتنوّع أشكالها، ومداخلاتها الدولية والإقليمية، وعلى الرغم من امتدادها على مدار ما يقارب قرن من الزمن. فإذا استثنينا الجهود الفردية لبعض الكتّاب أو الباحثين، وجهود بعض المؤسّسات المتخصصّة، فإن الهيئات الرسمية والفصائلية لم تشرع، في أية مرحلة من المراحل، في دراسة التجربة الفلسطينية، وتقييم مساراتها وخطاباتها وبناها وأشكال عملها، لاستنباط العبر المناسبة منها. وبشكل عام فإن هذه الساحة مازالت تفتقر لأية دراسة تتناول تجربتها السياسية أو العسكرية أو التفاوضية أو التنظيمية، أو تجربتها في المقاومة أو في التسوية، وكذا تجربتها في الأردن أو لبنان أو في الأراضي المحتلة بعد إقامة السلطة (1993).
هكذا، بات ثمة أسئلة كثيرة تطرح نفسها على الفلسطينيين على كياناتهم السياسية، ومثلا: هل مازالت القوى السائدة قادرة على حمل المشروع الوطني؟ وهل المعطيات التي تأسّست عليها تلك القوى، بشعاراتها وبناها وأشكال عملها مازالت صالحة، على ضوء النتائج، والتغيرات والتحولات العربية والدولية والفلسطينية والإسرائيلية؟ وهل الخيارات السياسية والكفاحية مازالت صالحة، أم ينبغي البحث عن خيارات أخرى بديلة أو موازية؟
في هذا الكتاب: “الثورة المجهضة” ثمة محاولة للإجابة على هذه التساؤلات من خلال الدراسات المتضمنة فيه، علما أن هذه المحاولة لاتدّعي امتلاك الحقيقة بقدر ماتتوخّى حث التفكير السياسي النقدي، ولا تحاول تقديم الإجابات الجاهزة بقدر ما تحاول توليد الأسئلة، والبدائل، التي تتولّد عن الطبيعة المعقدة لقضية الفلسطينيين في صراعهم الطويل والمديد مع المشروع الصهيوني، ووليدته إسرائيل.
وينبغي الإشارة هنا إلى أن الدراسات والمواد المنشورة في الكتاب، كان تم نشرها، في غضون الأعوام القليلة الماضية، في مجلات من مثل: “الدراسات الفلسطينية” (بيروت) و”شؤون عربية” (القاهرة) و”شؤون فلسطينية” (رام الله) وصحيفة “الحياة” اللندنية”، وفقط فقد أجريت عليها بعض التعديلات التي تتعلق بالصياغات، لا بالمضامين، لزوم إصدارها في كتاب..وقد توخّيت في تناول كل تلك المواضيع التعامل معها وفق عقلية نقدية، تأخذ في اعتبارها مصلحة الشعب الفلسطيني، بعيدا عن الاعتبارات الأيدلوجية أو الفصائلية، محاولاً مقاربة الآني بالمستقبلي، والممكن بالمتوخّى؛ آملاً أن أكون وفقت في ذلك.
بقي القول أن هذا الكتاب يأتي في ظرف صعب يمر به شعب فلسطين وقضيته وحركته الوطنية، فثمة انتهاء مرحلة، ببناها وخياراتها وأشكال عملها، وليس ثمة يقين من بدايات مرحلة جديدة. أيضا، ثمة واقع من ثورة فلسطينية مجهضة، في حين ثمة ثورات شعبية وليدة مازالت تتفاعل في أكثر من بلد في هذا العالم العربي، وهو تفاعل لابد سيؤثر على مستقبل شعب فلسطين وشكل تعبيره عن ذاته في المستقبل.