توأمي


* زوليخا موساوي الأخضري

( ثقافات) 

1 أراك هناك.. في الركن الذي تعشقين. تربّتين عليه بحنان. 
كانت الغيمات البيضاء كخراف تائهة تسافر في مجالك البصري و أنت تتصنّعين فرحة كي لا تجرحي نضارة الصباح.
أكون ضائعة في اللاهنا. 
تميلين برأسك جهة اليسار و أنت تحدقين إلى العالم يدخل مطبخك من شاشة الحاسوب كأنك تشتهين تعديل كفتي أرض تميد بنا. لماذا لا نسقط مادامت هذه الحقيرة تمشي على رأسها؟ تضحكين و أنت تلعقين بشبق سواد فنجانك.
لا تكثري من القهوة سوف تمرضين. (ضحك)
لا يمكن أن تؤذيني ابنة جلدتي.
تسندين رأسك إلى كفيك. تشدين بحماسة على صدغيك كي لا تتسرّب الأسئلة المتكّورة كخيوط الحرير داخل شرنقة روحك فتملأ عليك المكان. 
لماذا تقذفين بوجهك في الشارع وراء النافذة؟ 
لأهرب من الأسئلة. حاولت حبسها في قارورة عطر بارد فانفجرت في وجهي: أين الوطن؟ أين الأمان؟ أين جسدي؟ أين الوردة التي كنت أشبكها في شعري؟ أين العصفور الذي كان يغرّد على حافة نافذتي بعد منتصف الليل؟ أين صوت الماء في قبقاب جدّي؟ أين أنا؟ أين أنت؟ أين الأين الذي يجرحنا؟
ثم تقدمت بعد أن هدأت العاصفة اللولبية، تقدمت بخطى مرتبكة نحو السرير الذي كان يسافر إلى الحواس الخمس. أعيتني محاولات اللحاق بأنفاسي المتقطعة. 
تمددت على الأرض و غسلت آلام البشرية بدموعي.
كم نتشابه أنا و أنت يا قدري!
كانت العواصف الصهباء تعربد في دمي.
تضحك الكؤوس و الغرفة ترقص السامبا نشوى بعزف خطاك على ذبذبات الروح.
الآن كل شيء في مكانه.
شهرزاد تمسّد فرو القطة على الأريكة.
المرايا تنظر إلى صورتها فيها.. محتشدة بخيالات اللوحات، حواشي الأفرشة،خطوط السّجّاد ، شهقة الأورطانسيا و نظرات الستائر المتلصصة على العشاق في جنتهم ينتشون برذاذ المساء.
كل شيء في مكانه. كل شيء صامت، مهذب و أنيق كتلميذ يبتسم لعدسة المدرسة. 
كل شيء هادئ، عاقل و رزين.. كل شيء في مكانه سوى الحب.
أين اختفى هذا اللعين مرة أخرى؟ صرخت بهلع بطلة الرواية المفتوحة على مرمر الرخام.
خرج ليتمشّى قليلا.. لقد أصيب بتخمة المسلسلات المكسيكية. أجابت المذيعة المتحجبة.
_______________
* روائية و قاصة 
المغرب

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *