*إبراهيم جابر إبراهيم
الرجل العربي عموماً رجل مُداهن، يؤيد امرأة غريبة في “معركة حقوقها” وهو يحبس خمس نساء من عائلته في البيت!
وهذا مفهوم ضمن ثقافة التزلف، والتقرّب الدبق، الذي يمارسه كثرة من الرجال مقابل نظرة او ضحكةٍ من امرأة. لكنه لا يتوقف أمام خطابها ليناقش هذا الخطاب بما يستحقه من نضج، لأن عينيه مشغولتان -في الغالب- بتصفّح صورتها!
ولا يتوانى الرجل، من هذه الكثرة، عن خلع شرقيته والتنصّل منها، بل وقذفها بأسوأ الصفات، كرمى لعين امرأةٍ قد تمنّ عليه بفنجان قهوة أو تبادله الحديث. ثم سرعان ما يعود لارتداء شرقيته وهو يعود أدراجه متعثراً بساقيه المرتبكتين!
لماذا يخجل الشرقيّ من شرقيته؟ ولماذا لا يقول صراحة إنه يواجه مشكلة جينية يحاول التغلب عليها! وأنه يحاول تفهم التغيرات التي حدثت خلال الأربعين سنة الأخيرة في مفهوم الحقوق والواجبات، وانه يعمل على فضّ الاشتباك الحادث في داخله، دون أن يخلع شرقيّته ويتنصّل منها، حتى يكاد يقسم أمام النساء ان جدّه من أصولٍ بريطانية!
لا أفهم لماذا لا يعترف الرجل العربي بأنه يحمل إرثاً ثقيلاً يربكه، ويعيق مشيته، وأنه يحاول التفاهم مع هذا الإرث، وإعادة قراءته وفق تغيرات الحياة وسيرورتها،… لا أن يخلعه على سبيل المجاملة في سهرة أو جلسة حديث (لم يسمع خلالها شيئاً) لينال اعجاب امرأة احتدت في النقاش!
لا أعرف لماذا يعتقد البعض، ومنهم مثقفون وإعلاميون ومحسوبون على تيار التنوير، ان المرأة العربية تريد حقوقه هو؛ لا حقوقها هي!
فيتنازل لها عنها، ويلفّها بباقة من الكلام المسطّح والغزل الرديء.
ولماذا لا يفهم هذا البعض، أيضاً، أن مناصرته لرأي امرأة في ندوة أو حوار يمكن ان تكون بطريقة أكثر نضجاً من التصفيق العالي والتصفير كأنه في مباراة كرة قدم، ويمكن ان تكون أكثر وعياً من كيل الشتائم للرجال واعلان البراءة منهم، .. حتى يكاد يقول: صدقيني لستُ منهم، او حتى: صدّقيني لستُ رجلاً!!
هذا الدبق الذي يحيط بهؤلاء الرجال، يجعلهم يظهرون بصورةٍ مُنفّرة وتثير الشفقة، وحتى لدى المرأة لا يُعدُّ تحصيل الحقوق منهم هم تحديداً انتصاراً ذا قيمة!
على الرجل العربي أن يعترف: لديَّ مشكلات في التربية والإرث القَبَلي، ومشكلات في المناهج المدرسية، ومشكلات في فهم الدين وتفسيره، وهي مشكلات جِدّية وقاسية، ولا أستطيع حلّها خلال محاضرةٍ واحدة. وربما أحتاج لتجريفات هائلة في ثقافتي وقناعاتي الموروثة تجاهِك؛ فأنا ضحيةٌ مثلكِ تماماً!
لكنَّه بصراحة يبدو مثيراً للرثاء حين يتوسّل لامرأةٍ ان تسامحهُ لأنه وُلِد في الشرق!
____________
* (الغد)