جواد كاظم غلوم *
نعتوكِ بشواردِ الصفات
هذا يسميك محلاّةً بالشهد
ذاك يدعوكِ بالثيمة المطعّمة عالية التركيز
منهم من بناكِ عمودا في قارعة الطريق
يعلِّق فيه الصبيةُ نزواتِهم وشعاراتهم
أيتها الزاهيةُ المتمردة على الحدود
على التعاريف الرثّة
على لوائح الكتابة
من ضيّعكِ على ناصية النفق
أدخلكِ في دهاليز البلاغة المظلمة
وحشركِ في زحام التشبيه الخانق
أنت الآن تتنفسين وخمةَ الاستعارة
ويعرق جبينُك المقمرُ بزناخة المجاز المقيت
من قادكِ إلى حتفكِ
أهي الكنايةُ الغادرة ؟
من حفر قبرَك أيتها الموءودة الفتية
أهو حسنُ التعليل الهادر المارد ؟؟
أنا الماءُ الرائق في صدور أحبابي
كيف لي أنْ اتقولبَ كالثلج الجامد
في توابيت الجِناس والطباق !!
أنام في رمسِ التورية
خاليةً من الحسِّ والحدس
******************
أتراكمْ افترشتم باحاتِ المساجد ؟
وأشبعتموني شرحاً وتشريحاً
ودسّاً ورفْساً بعصا الجرجاني
وفَلَقَتِهِ الموجعة
وطبقات ابن سلاّم
وتصانيفه الفجّة
وتخاريج أبي هلال
ونظريات “النظْم “
والحماسات البالية
ولغات الصمِّ والبكم
حتى كادت تزهقُ روحي
وتسيل دمائي ، تسيح أحشائي
أمام موائدِكم العامرة بالأشواك والسكاكين
بالأمس البعيد
علقتموني مشنوقةً على أستار الكعبة
كأنني دعاء وذكرٌ حكيم
وسَجعٌ يتقاذفه الكهّان بألسنتهم السليطة
شتمْتم أبي ، نعتُّموه وصحبَهُ ب “الغاوون”
و” الهائمون” في وديانكم العميقة القرار
وسُمْتم نسلي سحرةً مشعوذين
ألا تباً لعمائمكم المحشوّة ببعَرِ المفردات
أعيدوا لي الألقَ الزائل من عيوني
قوِّمي ظَهري المعوج يوم كنتُ مكبَّاً
حانيا جسدي أستقريء أسفارَكم الهائلة
في ليالي الشتاء القاتمة
وعلى ضوء الشموع
حتى تقوّس ظَهري
وذبل عودي الأخضر
وضاقت حيلتي
****************
أيتها القصيدة الراعشة
أدري أنك كنتِ ترتجفين
من برْد نظرياتهم الشوهاء
لكنّ حضنَ أبيك الشاعر
ودفءَ قلبه
سيدخلكِ في مصحّته ِ
وتخرجين معافاة ًكالصحو
مبدعة ًكصورِ الخالق
يأنسُ بكِ مريدوك
وتتخلصين من زكام التنظير
سوف تتطهرُ روحك من نتن سجّانيك
وتنزعين الحبل الذي حزّ رقبتك
تتحررين من بنودهم وقوالبهم الصدِئة
وكليشاتهم الجاهزة
وسلاسلِ حديدهم التي قيّدتْ تحليقك
سيتسعُ شهيقك
يسمعُ حفيفَه محبوك
يأتونكِ كالمطر المباغت
تغتسلين بماء الورد والغار
تتعطرين بالفجر
تنامين على وسائد الخيال الناعمة
مغطاة بالحرير
ونسميك القصيدة
* شاعر من العراق