سلمان كاصد
ترسخت في أبوظبي تقاليد مهمة ضمن المشروع الثقافي الذي تتجه إليه بكل جوانب الإبداع المتعددة، فمن المتاحف والمهرجانات السينمائية والمعارض التشكيلية الكبرى، حتى المهرجانات الموسيقية العالمية والمعارض التشكيلية ومعارض الكتب، نجد الاهتمام بصناعة الكتاب العربي ونشره هذا بالإضافة الى ترجمة الكتاب الغربي والحرص على تقديمه للقارئ العربي بحلة أنيقة وراقية تليق بمكانة الكاتب والكتاب. وربما حينما نستعيد لحظات التاريخ ومشابهته مع هذا الولع المعرفي الذي تعيشه أبوظبي بكل مفاصلها الحياتية، نتذكر بغداد في زمن المأمون حين كانت صناعة المعرفة همها الأول، فتأسست المكتبات وترجمت الكتب الغربية إلى العربية وفتحت الأبواب لتهب رياح المعارف لتعطر الثقافة العربية.
نتذكر كل ذلك حين نتعرف على ما تقوم به دار الكتب الوطنية في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة من جهد معرفي ومهني خلاق، يقوم في أساسه على صناعة الكتاب، وتقديم ما هو جديد في المعرفة العربية والشرقية والغربية، ولهذا وضعت تلك الدار همها في كيفية تجويد الكتاب، من حيث الشكل والمضمون، فكان الاختيار صائبا في مادته العلمية، وكان تقديمه إلى القارئ العربي جميلا في صناعته، ومن هنا بدأنا نشعر بقيمة المعرفة التي تدعو لها هذه الدار، القوية في استراتيجيتها، الراسخة في رؤيتها، النابضة في روحها، وهي تتقدم بخطى واثقة نحو مشاريع عدة تبتغي تأصيلها، فمن مشروع لآخر، ومن فكرة لأخرى، تنتقل دار الكتب الوطنية في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة.
ولسنا مغالين حين نقول: إن مطمح الكاتب العربي اليوم ينصب على فكرة واحدة ومهمة لديه، وهي أن يصدر كتابه عن هذه الدار، لأنه سوف يضمن على الأقل جمالية ما سيقع بين أيدي القراء الذين يعشقون الجمال.
وحين نريد ان نتعرف على تشكلات هذه الدار، وعلى نظرتها المستقبلية، لابد لنا أن نتعرف على محمد عبد الله الشحي مدير النشر في دار الكتب الوطنية، الذي لا يهدأ مكتبه من حوارات مستمرة في الجديد الذي تريده الدار والتي يقيمها مع صانعي الكتاب، ومع أدباء وباحثين ومحققين ومثقفين يعرضون نتاجاتهم المعرفية على الدار لطبعها، هذا بالإضافة الى ان الشحي يعد الآن ليستقبل معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته الثالثة والعشرين والتي ستقام على ارض المعارض بأبوظبي في الرابع والعشرين وتستمر فعاليته حتى التاسع والعشرين من أبريل الجاري.
ويشرف الشحي على المعرض تنظيما وأداء كون دار الكتب الوطنية في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة هي الجهة المسؤولة عن المعرض وبتنظيم شركة «كتاب».
محمد عبدالله الشحي، الرجل الذي يعشق الكتاب، طاقة لا تهدأ وذاكرة متحفزة لاتنس شيئا، وهي مع مشاغلها الكثيرة مع اقتراب موعد انطلاقة معرض أبوظبي الدولي للكتاب، آثرت أن تتجاذب مع «الاتحاد الثقافي» أطراف الكلام في هذا الحوار الذي يتناول منجزات الدار واستعدادها لمعرض الكتاب المرتقب.
هوية النشر
◆ في أي موقع عربي للنشر يمكن أن تقف دار الكتب الوطنية في حركة النشر؟
◆◆ بدأ النشر في دار الكتب الوطنية عام 1989، ومنذ ذلك التاريخ بدأت تتشكل هوية دار النشر بتركيزها على ما يخص الجزيرة العربية من موروثها الشفاهي والتاريخي، من شعر قديم قبل الإسلام إلى عصوره المتقدمة والسير الذاتية للأشخاص المؤثرين الذين أثروا الحياة الثقافية لهذه المنطقة، إلى الرحلات التي قام بها المستشرقون في ظل غياب تام للتدوين والتسجيل في فترة انحدار الثقافة العربية.
تلقفت دار الكتب الوطنية كل هذه العناصر لتشكل هوية النشر لديها، وذلك بجهد جمعة القبيسي المدير التنفيذي لقطاع المكتبة الوطنية في الهيئة، الذي يعمل بإصرار وبتفان على ابتكار كل ما هو راسخ ومهم في تطلعات هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، ومؤخراً أطلقت الدار العديد من المبادرات والمشاريع المتعلقة بصناعة النشر.
أما من حيث موقع دار الكتب الوطنية في ساحة النشر العربي، فإنها تسعى لكي تكون في طليعة كبريات دار النشر العربية، ومثيلاتها في العالم، من خلال التركيز على ما تقدم من منتج يضاهي في محتواه وفي إخراجه المقاييس العالمية، إذ أننا نجمع سمات المقاييس العالمية كلها في توظيفها عند إصدار أي كتاب جديد.
◆ وما هي توجهات دار الكتب ومتغيرات استراتيجيتها في النشر وإلى ماذا تتطلع مستقبلاً؟
◆◆ الركيزة الاستراتيجية للنشر في دار الكتب الوطنية أنها تدعو الى أن يتم دعم الكاتب المحلي والعربي، من خلال تقديم إبداعاته في الساحة العربية والعالمية، والحفاظ على حقوقه المتعلقة بالنشر، وبالتركيز على مسألة أهمية اللغة العربية وصونها والتركيز عليها في منشورات دار الكتب الوطنية والاعتناء بها وتقديم المنشورات بلغة عربية.
ومن حيث المتغيرات الاستراتيجية في نشر الدار، فإننا نعد لخطة جديدة تستوعب كامل الثقافة العربية وتؤكد اتساعنا إلى آفاق اثر رحابة في الجانب العملي، وهنا لابد من القول إن تاج الثقافة والمعارف يصنع في أبوظبي.
كما إننا في الدار نسعى أيضاً لترجمة الأعمال العالمية المشهورة، ولا سيما التي حازت على جوائز عالمية، وتشجيع المؤلفين المواطنين، ثم العرب من خلال نشر نتاجهم الفكري والأدبي، ونشر المؤلفات تلك التي تبحث في تاريخ الدولة ومجتمعها وثقافته، وتحقيق المخطوطات المهمة والتي درجت دار الكتب الوطنية على تقديمها كمنتج يعج بالحركة والنشاط من خلال تقديمها بلغة، تحاكي هذا العصر لا سيما أن المخطوطات كتبت بطريقة مختلفة وبلغة لها سياقاتها الخاصة. وتسعى دار الكتب الوطنية للمساهمة في تنشيط حركة النشر على المستوى المحلي والعربي، والحفاظ على النتاج العربي والفكري والأدبي، والتعاون مع المراكز والمؤسسات التي تؤدي دور دار الكتب الوطنية.
حقل جديد
◆ في حقل جديد من سلسلات كثيرة تتبناها الدار وهو سلسلة وصف الرحلات هل يمكن أن نرى حقلاً آخر يغني المكتبة العربية؟
◆◆ سلسلة روّاد المشرق ركزت على نقاط مهمة جداً في تاريخ الجزيرة العربية، وإلى حد ما الوطن العربي، من خلال نشر تلك الأعمال التي برأيي حافظت على الكثير من تفاصيل الحياة اليومية التي عيشت في تلك الفترة، ولا سيما الشعر النبطي الذي لم يدون في تلك الفترة، فهناك كتب تطالعنا بقصائد لم تنشر سابقاً، وبالتالي حافظت على لون معين من النتاج الأدبي.
أما الآن فإن دار الكتب الوطنية تتجه إلى إيجاد حقل معرفي جديد، وهي كتب السيرة التي تم اختيار العديد من العناوين المهمة والشخصيات التي أثرت وتأثرت في المحيط العربي، وذلك بنشر ما كتبوه عن حياتهم أو حياة غيرهم.
وجديد هذه السلسلة كتاب جان كير وهولاكو وجنكيز خان، وهي بذلك تدخل إلى عمق التاريخ فتقدم للقارئ العربي جوانب مهمة وخفية في حياة تلك الشخصيات التاريخية المهمة، علما ان هذه السير قد نقلت من أعمال مترجمة حائزة على جوائز عالمية كبرى.
◆ كيف تصف لنا مشاركة دار الكتب الوطنية في معرض الكتاب الثالث والعشرين الذي سينطلق في الأيام القليلة المقبلة في أبوظبي؟
◆◆ معرض الكتاب هو مشروع من مشاريع دار الكتب الوطنية، وستشارك الدار في المعرض بجناح متكامل وكبير يضم المنشورات الجديدة للدار، والتي سوف تطلق لأول مرة في معرض أبوظبي الدولي للكتاب الدولي، سواء الكتب الورقية والتي تربو على أربعين إصداراً وهي ما تم إصدارها خلال الربع الأول من 2013، وكذلك الصيغ الإلكترونية التي دخلت دار الكتب الوطنية مجالها منذ عامين، وأطلقت أكثر من سبعين كتاباً إلكترونياً، بالإضافة إلى الكتب المسموعة، كونه مشروعاً مهماً، ومنه المشاريع الأولى في دار الكتب الوطنية، والذي حاز على شهرة واسعة في أوساط الثقافة العربية والنشر العربي والذي سجل حضوراً دائماً في الابتكار النشري.
منبر الحوار
◆ ولكن ما الجديد في دار الكتب الوطنية من مبادرات وفعاليات ثقافية ستقدمها خلال معرض أبوظبي الدولي للكتاب في نسخته الجديدة؟
◆◆ درج معرض أبوظبي الدولي للكتاب بتقديم الجديد في دوراته السابقة جميعها، فإلى جانب منبر الحوار الذي يستضيف أكثر من 220 نشاطاً ثقافياً من محاضرات وأمسيات وتواقيع كتب، إلى جانب عروض موسيقية لأول مرة في تاريخ معرض الكتاب والمعارض العالمية للكتب، فإننا نستضيف ركناً للرسامين والمقصود هنا المتخصصين في صناعة الكتاب، والذين يبتكرون أغلفة متميزة وراقية ويصنعون ابتكارات جديدة في هذا الحقل المهم، هذا الى جانب رسامي كتب الأطفال، بالإضافة إلى الورش الخاصة بتلك الشريحة المتميزة، وتقديمها للناشر العربي من خلال انتقاء أهم الرسامين في الوطن العربي، والتعريف بهم وتسليط الضوء عليهم، وكل ذلك نطمح فيه الى غاية اطلاع المتلقي على هذا الفن الذي ظل مجهولاً.
ولا بد لي أن أؤكد أن هناك العديد من المشاريع التي تم توقيعها بين الناشرين والرسامين، وجديد هذا العام، تقديم دار الكتب الوطنية لمعرض خاص بالمخطوطات العربية التي تملكها دار الكتب الوطنية، بالإضافة إلى ورش مصاحبة تعنى بتجليد فني للكتاب القديم من خلال تسليط الضوء على هذا النوع من الفن، كونه فناً لا يزال يعيش ذروته، وذلك في خطة لإنتاج نسخة مطابقة للأصل من الكتاب القديم في سعي الهيئة للحفاظ على الموروث العربي القديم لمخطوطات تاريخية مهمة.
◆ ونعود الى خطة الدار ما دمنا نرى ان هناك تنافسا بين المعارف والآداب في تقديم المزيد المبتكر، ونسأل على أي الحقول سوف تشتغل دار الكتب الوطنية مستقبلاً وقد يبدو ذلك واضحا من خلال ما تقدمه الدار بعد أيام من مطبوعات جديدة في معرض أبوظبي الدولي للكتاب؟
◆◆ نحن في دار الكتب الوطنية نسعى للاهتمام بما لم ينشر من قبل من ذخائر التراث العربي، حيث نعنى بنشر الكتب المؤلفة والكتب المحققة، بالإضافة إلى الكتب المترجمة في المجالات التالية:
-1الدواوين الشعرية.
-2 السير التاريخية.
-3 كتب الرحلات القديمة إلى المنطقة ومذكرات المستشرقين.
-4مختارات من روائع الكتب العالمية المترجمة.
-5 رسائل الدكتوراه المتميزة التي تخص الإمارات والمنطقة.
-6 الكتب المحققة.
-7 كتب الأطفال.
-8 الكتب التي تبحث في تاريخ الإمارات ورموزها.
هذا بالإضافة إلى مشروع قلم الذي ألقى الضوء على أهم الأعمال الأدبية الإماراتية الشابة، والتي سعى من خلالها إلى انتقالها إلى اللغات الحية الأخرى في عدة مشاريع ترجمة تم الانتهاء منها.
مبادرات عفوية
◆ ولكن هل سنجد في جناح دار الكتب الوطنية فعاليات استثنائية وعفوية يمكن أن تجذب الجمهور إليها والمتعطش لما هو جديد في الثقافة والمعرفة اللتين تشتغل دار الكتب الوطنية عليهما؟
◆◆ جناح دار الكتب الوطنية مصمم ليقدم كل المشاريع التي تعمل عليها دار الكتب الوطنية، بالإضافة إلى معرض أبوظبي الدولي للكتاب والأنشطة والفعاليات التي ترمي إليها سواء أكانت المبرمجة أو العفوية فإنها ستكون في جميع وجهات المعرض، ولا بد أن أقول إنه ستكون هناك فعاليات توجد فيها إلى حد ما الجانب العفوي الذي لا غنى عنه من أجل التجديد والابتكار.
نعم.. لقد دعت دار الكتب الوطنية عدداً كبيراً من المثقفين، وسيقدم بعضهم نتاجهم الأدبي ضمن فعاليات معرض أبوظبي الدولي للكتاب.
◆ يعتبر النشر من خلال دار الكتب الوطنية غاية كل أديب عربي يطمح إلى أن يطبع فيها كتابه، كون الكتاب لديها يحظى باهتمام خاص كيف استطعتم في الدار ان تولدوا هذا الإحساس عند المبدعين العرب؟
◆◆ دار الكتب الوطنية قدمت أنموذجاً مختلفاً تماماً في صناعة النشر، ويقوم هذا الأنموذج على التركيز بالمقام الأول على الكاتب نفسه، وسمعته وموقعه الثقافي، والتركيز على مسألة الحقوق الفكرية لهذا الكاتب أو ذاك، والحفاظ على قيمة الكتاب وسمعة المؤلف، وأن يكون الكتاب يحمل صبغة خاصة غير موجودة في كتب دور النشر الأخرى، وهذه الصبغة انعكست على تحقيق دار الكتب الوطنية للعديد من الجوائز في المحافل المختلفة خلال السنتين الماضيتين، إذ حققت دار الكتب الوطنية 5 جوائز عربية ومحلية وهي:
-1 جائزة معرض الشارقة للكتاب، حيث فازت بها أربعة كتب.
-2 جائزة معرض الكويت للكتاب من مؤسسة التقدم العلمي في الكويت عن كتاب «بحرنا المشترك».
وأعتقد أن أهم شيء في بنية طبيعة النشر لدار الكتب الوطنية هو انفرادها في دقة الإخراج، وحرفية الطباعة، واختيار الورق الأكثر بقاء وحميمية، وبالمقام الأول اختيار نوعية الكتب التي نطمح إلى نشرها.
هذه الخصائص والسمات باعتقادي هي التي شكلت أفضليتنا عند المثقف العربي والمبدع العربي، لكي يتوجه إلينا في نشر كتابه.
الشكل الاحترافي
◆ من تشكيلات دار الكتب الوطنية مشروع كلمة ومشروع قلم، فهل يمكن أن نتعرف على منجزاتهما في حقل النشر والاهتمام بما هو محلي؟
◆◆ منذ إطلاق مشروع كلمة للترجمة ثم قلم للأدب المحلي الشاب، قطع مشروع كلمة خطوات عملاقة وجبّاره من خلال التركيز على نشر الأعمال في مختلف المجالات وردم الهوّة التي كانت فجوة بين القارئ العربي والثقافة العالمية، فجاءت لتؤكد أن هناك مؤسسة ثقافية مهمة تعمل بشكل احترافي، حيث أعادت للكتاب أهميته وتواصله الحضاري، كما ساعدت في دعم المترجمين العرب من خلال تكليفهم بترجمة الأعمال العالمية.
أما من حيث مشرع قلم، فإن المشروع ساهم في نشر المؤلفات الأدبية للأدباء الإماراتيين وبخاصة الشباب، كما نقل المشروع أكثر من 30 عملاً للغات الأخرى، من خلال مشاريع مشتركة مع مؤسسات ودور نشر إقليمية وعالمية وهذا ما يسجل لهذا المشروع ريادته.
الدورة 23 تحقق نموا بنسبة 15%
تسجل الدورة الـ 23 من «معرض أبوظبي الدولي للكتاب»، والذي يقام تحت رعاية الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، رقماً قياسياً مع زيادة مساحة المعرض بنسبة 15% بالإضافة إلى الإقبال المتزايد الذي يشهده سنوياً.
ويعتبر معرض أبوظبي الدولي للكتاب أحد أهم المشاريع التي تنظمها «هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة»، ويقام في مركز أبوظبي الوطني للمعارض خلال الفترة ما بين 24 إلى 29 أبريل المقبل، ويستقطب مئات المشاركين من أكثر من 50 دولة، ويعرض أكثر من نصف مليون عنوان كتاب ثقافي وأدبي وتجاري بــ30 لغة مختلفة.
وتتميز الدورة الحالية من المعرض، ببرنامج موسع من الفعاليات والأنشطة الثقافية بمشاركة رموز الفكر والثقافة الحائزين على جوائز عالمية، مثل أحلام مستغنماني وكينيزي مراد وابراهيم عيسى، بالإضافة إلى نهاد سيريس وجيم الخليلي ورشيد بوجدرة ويوسف رخا وجاك فيرندز وجيروم فيراري وفرانك كلوتجن واندريه كيركوف وعمارة لخوص وغيرهم.
ويرسخ معرض أبوظبي الدولي للكتاب مكانته الرسمية كأكبر حدث من نوعه بالمنطقة بالإضافة إلى مكانته في عالم قطاع النشر، بما يجسد التزام المنظمين وحكومة أبوظبي لجعل العاصمة أبوظبي منارة للإشعاع الثقافي ووجهة عالمية لصناعة النشر.
وتشهد الدورة الحالية من معرض أبوظبي الدولي للكتاب نمواً في المساحة، حيث يشغل المعرض خمس قاعات عرض للمرة الأولى منذ انطلاقه، بالإضافة إلى التركيز على النشر الرقمي وزيادة مساحة ركن النشر الإلكتروني عما كان عليه في العام 2012، مع برنامج موسع من الفعاليات والأنشطة الثقافية ضمن البرنامج الثقافي للمعرض.
ويعزز معرض أبوظبي الدولي للكتاب التزامه للقراء الصغار بشكل أكبر هذا العام، مع ابتكار برنامج القراء الصغار كجزء من البرنامج الثقافي الذي سيدعم ركن الإبداع المتواجد حالياً للزوار من الأطفال، مما يسمح لهم بالاستمتاع بروعة القراءة والكتابة من خلال عدد من ورش العمل مثل «التعليم الترفيهي» وغيرها من الأنشطة المتنوعة.
ويمثل النشر الرقمي أمراً بالغ الأهمية في تطور هذه الصناعة ومواكبة اتجاهات النشر الحديثة. وتظهر أهمية هذا الاتجاه في الأعداد المتزايدة من ناشري الكتب الرقمية ومؤسسي هذا الاتجاه في صناعة النشر الرقمي ـ مما يعكس نمو النشر الرقمي والشعبية المتنامية للكتب الإلكترونية.
تضاعف منطقة eZone الالكترونية في المعرض
تتميز الدورة الحالية لمعرض أبوظبي الدولي للكتاب، بالبرنامج المهني، الذي يشمل توفير أطر للنقاش والحوار وتوقيع الكتب.
وبحسب المدير التنفيذي لقطاع المكتبة الوطنية في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة ومدير معرض أبوظبي الدولي للكتاب جمعة عبدالله القبيسي فإن المعرض يوفر تقييماً دقيقاً لقطاع النشر والمحتوى الرقمي في العالم العربي.
وتتناول العديد من أنشطة البرنامج المهني للدورة الحالية الأوضاع الحالية في دول منطقة الخليج العربي من خلال حلقات نقاش حول قطاع النشر وكيفيه استفادة القطاع من شبكات التواصل الاجتماعي وكذلك قطاع التعليم وسوق كتب الفنون. وتقام الدورة الحالية على مساحة أكبر بنسبة 15% نظرا للإقبال المتزايد من قبل مئات المشاركين من أكثر من 50 دولة، لعرض أكثر من نصف مليون عنوان كتاب ثقافي وأدبي وتجاري بــ30 لغة مختلفة.
يسلط البرنامج المهني الضوء على عدة قضايا عالمية تتعلق بقطاع النشر وأهمها دور التكنولوجيا في الارتقاء بالقطاع، كما ستقدم المنطقة الإلكترونية eZone والتي تضاعفت مساحتها هذا العام، حلقات دراسية حول القضايا الحديثة المتعلقة بالنشر والتكنولوجيا، فضلاً عن استضافة شركات من الولايات المتحدة والمانيا واسبانيا واليونان ودولة الإمارات العربية المتحدة والأردن والهند.
ويضم البرنامج مجموعة من الفعاليات التي تشمل حلقات النقاش ولقاءات الموائد المستديرة لمناقشة دور التكنولوجيا في تطوير التعليم، والتطور الذي تشهده سوق الكتب الإلكترونية على المستوى العالمي ووسائل الاتصال الاجتماعي والطباعة والنشر واستراتيجيات شراء الكتب الأكاديمية الرقمية وتعزيز سبل التعاون بين مختلف القطاعات ذات الصلة.
وتركز الدورة الحالية لمعرض أبوظبي الدولي للكتاب على محتويات كتب الأطفال والشباب والتوجهات العالمية في مجال طباعة ونشر كتب الأطفال وكم القراءة عند الأطفال واستخدام التكنولوجيا في التعليم وداخل الفصول الدراسية.
تستضيف حلقات النقاش هذا العام السيدة فانيسا ميدلتون، المسؤولة عن المكتبة في المعهد البترولي في أبوظبي، والتي ستشارك من خلال طرح موضوع «المكتبات تصنع الفرق وتمحو الأمية في مجتمعاتنا». كما سيناقس أخصائيو المكاتبات تأثير المكتبات على المجتمعات العالمية والمحلية ووضع الاستراتيجيات المبتكرة لمحو الأمية والترويج لأهمية القراءة والكتابة.
ويقام بالتزامن مع معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2013، المؤتمر السنوي التاسع عشر لجمعية المكتبات المتخصصة، والتي تضم أكثر من 350 متخصصاً في المكتبات من دول الخليج العربي. يقام هذا المؤتمر في الفترة من 23 إلى 25 أبريل وستشارك وفوده في معرض أبوظبي الدولي للكتاب لاختيار كتبهم المفضلة من كتيب المعرض. يتوفر الكتيب أيضاً على الموقع الإلكتروني قبل انطلاقة أعمال المعرض. يذكر بأن المعرض يوفر الكثير من المزايا للمشاركين والتي تشمل مواقف سيارات مجانية ومساحات لتخزين الكتب ودعوات لحضور الأنشطة الاجتماعية المسائية.
ويحتفظ ركن الرسامين بشعبيته ومكانته المميزة هذا العام أيضاً مع إضافة طابع عالمي من خلال مشاركة فنانين من اسبانيا وسويسرا والإمارات العربية المتحدة وسوريا وماليزيا. والجديد هو المسابقة التي ستقام هذا العام لاختيار أفضل الرسامين من قبل لجنة التحكيم.
( الاتحاد )