من بريد “شاعر سابق”


*يوسف خديم الله

(ثقافات)

من الشاعر التونسيّ الشابّ، الحاصلِ على ستيّن جائزةً أدبية ٍمحليّة.1..
الى الدّعيّ، الكهل العاثر، الشاعر السّابق، ي/خ…

أنا فعلاً واحدٌ من “زملائك” الذين وصفتَ في الفقرة الخامسة ِمن نُباحك الأخرقِ في تلك
الصحيفة(؟!)2،يعتزبأنه “جمع بالابتدائية و قليلٍ جدا من الثانوية بين الشعر و النثر- فصيحِه و ملحونهِ-
و بين الصّحافة و الفصاحة – مرئية و مكتوبة- حتى بات نجما يتكوكبُ حوله الشبانُ و الشابات
من مراسلي الصّحف و مُهاتفي الاذاعات و التلفزاتِ العربية الشقيقةِ و من قواعدِ اتحادِ الكتّاب و نوادي
القصّ و الرقص و الجسّ و الهمس و اللمسِ – نهارا- و أهل الحلّ و العقد في الشأن الاعلامي و الثقافي
الوطني و القومي، ليلا..”
أنا فعلا كذلك، فلا تظنّن أن أحدا أو جهة ما فوّضني- بصفتي القاهرة المذكور أعلاه- لإخراسكَ أو
تجفيفِ أصابعك المتخشبة أصلا أو تقشير لسانكَ الغرّ من لغو متثاقفٍ سادومازوخيّ يخلطُ الباطلَ
بالحقّ الذي يُراد به الباطل، يتوسّل معارف لقيطةٍ ألّفتها ذاكرةُ قارئ كسولٍ سيء الطويّة و شاعرٌ كلبيّ
بطيء مثلك، مزاوجا بين تراثٍ مهملٍ لدعاة اليأسِ القاعدين على ركام عثراتهم، مدّعيي الحكمة و الفقر،
الجافلين الغافلين عن شرف المالِ و معدن الجاهِ، من طينة عاثر الحظّ جدّك المنتَحلِ أبي حيان التوحيدي و
خلطائك من شواذّ أدباء الافرنج و فواضلِ فلاسفتهم، استراتيجييّ نصف كأسِ الحياة الفارغِ و أتباعهم من
مُلحدين منحليّن و مجاذيب مسلولينَ، فرائسِ العاهات الذهنية و اللعناتِ الميتافيزيقية من قبيل من تُشهرُ و
تستظهرُ به و له ، بمناسبة أو بدونها، شوبنهاور، نيتشة، سيوران، لوريامون، هويسمان، دوستويفسكي…
إلى آخر من عاصَرهم و صاهرهُم من الأعرابِ الأغرابِ من ذوي السلطان الأصغر..!

أنا أدعوك فقط، أمام الملأ و أينما شئتَ، على الطريق السريعة الرابطة بين محلات “شعراء البهجة” في
تونس و الشاشات الملونة العملاقة ل”شعراء المليون” في خليجها، إلى استنطاقِ المعادلة الإحصائية
الواصلة الفاصلة بيننا، نحن و أنت، عساها تتكلّمُ عن ضلالكَ و تُفصح عن صوابي الذي بوّأني مرتبة
الشّرف الوطني الأعلى:

أنا/ عمري الابداعيّ عشر سنوات، كتبتُ ستين قصيدةً حصلتُ بها على ستين جائزة، أي، بنسبة نجاحٍ
تساوي مائة بالمائة (100%)، نسبةٍ لم يتطاول عليها حتى التسعينيون من دكاترة العالم و مستبدّيه المدجّجين
بالدساتير و الدبابات…
أنت / عمركَ الإبداعيّ ثلاثون سنة أو يزيد، كتبتَ، متعثرا، ستين قصيدة لم تؤهّلكَ حتى لمجرّد مشاركة
رمزية في مسابقةٍ ثقافيةٍ عامة تنظمها “جمعية مقاومة القراءة في المحلاّت العامة” أو “ورشة تصفيف
الشِّعر و المشاعر”، أي، و بنسبة فشلٍ قياسية(100%) تجعل نسبة مساهمتكَ الشخصية في الناتج الثقافي
الوطني الخامّ تساوي الصفر.. ولا خجل ..

و عليه، فإن قانونَ النّوع الدّارويني- البقاء للأصلح- يتوفّر، في هذه الحالةِ، على كاملِ مشروعيّته ِ
الاجرائية، وهو ما يرفعُني أنا تحديدا إلى أعلى، فوق المائة، و يحُطّ بك، أنت لا غير، إلى الأسفلِ، تحت
الصّفر، قابلاً أن أبقى المرشح الدائم للتمجيد! ثم إن ذلك كافٍ لتبرير، بل تثمينِ سكوتِ وزارة الثقافة على
ما لغَوتَ، و تكلّم وزارة التربية على ما لم تقلْ أيضا، بالطريقة التي وصلتكَ، و بآثارها الجانبية من
النيران الصّديقة التي لا تهمّ أعداءك – يا عديم الأعداء أيضا – في شيء.
ختاما، لا أملكُ إلاّ أن أؤبّن فيك قلّة الحيلةِ و اختلاط البصيرة على لسانِ جدّك العاثر، أبي حيان التوحيدي
الذي نصحَ فلم تنتصح، حينما قال (لك، دائما):
“لعلّك، و أنت تكتبُ الرّقعة َبعد الرقعةِ (يا صحيحَ الرّقعة!) تعدُو طوركَ بالتشدّق و تجوزُ حدّكَ
بالاستحقار و تتطاولُ إلى ما ليس لك تغلطُ في نفسك، و تنسى زلّة العالِمِ و سَقطةَ المتحرّي، و خَجلة
الواثقِ، هذا و أنت غِرّ لا هيئةَ لك في لقاءِ الكبُراء و محاورة الوزراءِ، و هذه حالٌ تحتاج فيها إلى عادةٍ
غير عادتك و إلى مِرانٍ سوى مرانكَ، و لبسةٍ لا تشبهُ لبستكَ. و قلّ من قُرّب من وزير خدَمَ فـأجادَ، و تكلّم
فأفادَ، و بسَط فزاد إلاّ سكِرَ، و قلّ من سكر إلاّ عثرَ، و قلّ من عثرَ فانتعشَ…”

دمتَ، للبلاد، عارَها و شنارَها
” شاعرُ البهجة “، تونس، أكتوبر، 2010
_________________________________________
إشارات:
1- واقعة “ثقافية” حقيقية فعلا، سمعتُ صداها في إذاعة جهوية شعارها الثقافي: “الفرحُ الدائم “، و لن يتغيّر في أمرها شيءٌ حتى و إن توهمّتُ السـتّة ستّيناً.
2- القدس العربي، 10مارس 2010
________________
* شاعرٌ سابقٌ من تونس

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *