*
أعلنت وزارة الثقافة البيرونية بأن الدار التي ستحتضن الأعمال التي تبرع بها ماريو فارغاس يوسا لمدينة أريكيبا التي رأى فيها النور ستكون جاهزة في أذار/ مارس المقبل.
وأوضحت وزارة الثقافة في بلاغ لها بأن الكاتب البيروني الحاصل على جائزة نوبل للآداب تبرع للدار الأثرية التي ستحمل اسمه بنحو 30 ألف كتاب.
وأفادت أن الدار التي تبلغ مساحتها 1453 مترا مربعا وتضم 14 غرفة وثلاث فناءات وأقواس٬ تعود إلى القرن الثامن عشر وكانت في ملكية أسر مهمة في أريكيبا قبل أن تنتقل ملكيتها إلى ثانوية كاثوليكية.وأشارت إلى أن الدار التي ستضم كذلك جميع البحوث التي كتبت حول أعمال يوسا الإبداعية ستكون مفتوحة في وجه السياح الذين سيزرون مدينة أريكيبا.وتوقعت أن يزور هذه الدار التي اقتنتها الحكومة الإقليمية بمليون و 945 ألف دولار سيزورها حوالي 649 ألف سائح سنويا.
وتتضمن المرحلة الأولى من الدار استثمار 236 ألف دولار ستوجه للصيانة وللحفاظ على هذه الدار الأثرية.
ومن بين النصوص التي تبرع بها الكاتب أرشيفه الشخصي الذي سيتم تسليمه للدار بعد وفاته٬ بالإضافة إلى كتبه القادمة من مكتباته الخاصة بمدريد وباريس وليما.
وترجم انتاج فارغاس يوسا الذي يضم حوالي ثلاثين عملا بين الرواية والدراسة والمجموعة القصصية والمسرح في العالم باسره ويرد اسمه بانتظام منذ سنوات بين المرشحين لجائزة نوبل.
ونوبل وصلت هذا الكاتب عندما كان عمره (74 عاما) المنقلب من أقصى اليسار الى أقصى اليمين، وهذا مالم تتداوله الأكاديمية السويدية في اعلانها عندما ذكرت “رسمه لخارطة السلطة وصوره الحادة حول صمود الفرد وتمرده وفشله”.
فيما يعتبر بارغاس يوسا ان “الكاتب لا يفترض به ان يكون مسليا فحسب”.
ويقول “لا ينبغي للكاتب ابدا ان يتحول تمثالا”، موضحا “لم يرق لي يوما مفهوم الكاتب العالق في مكتبته، المعزول عن العالم مثل الفرنسي مارسيل بروست، يجب ان ابقي قدمي على ارض الواقع وأتعرف على ما يدور حولي، لهذا السبب لا أزال امارس الصحافة”.
ماريو فارغاس يوسا سبق ان هاجم الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز في وسط كراكاس، آخذا عليه انه وضع بلاده على طريق “دكتاتورية شيوعية” وهو اليساري السابق الذي انقلب الى أقصى اليمين!
وغالبا ما يشن فارغاس يوسا المرشح اليميني السابق الذي لم يحالفه الحظ للانتخابات الرئاسية عام 1990 في البيرو، حملات على تشافيز الحليف المقرب من نظام كوبا الشيوعي.
ورأى الكاتب الذي كان في الماضي من المعجبين بـ”الثورة” الكوبية قبل ان يتحول إلى معارض شرس لها “اذا لم يتوقف هذا المسلك، فسوف تتحول فنزويلا إلى كوبا ثانيا في اميركا اللاتينية. علينا ألا نسمح بذلك”.
لكن ماذا عن روايته الجديدة، هل يمكن أن تكون هذه الآراء المحتدمة، التي تحول الكاتب إلى سياسي بامتياز “السياسيون الكبار كذابون كبار”، أن يكتب عن تاريخ مناضل قومي؟
نعم! فقد استوحى فارغاس يوسا روايته من سيرة ايرلندي في الكونغو.
وقال انه استوحى روايته الأحدث من سيرة المناضل الايرلندي القومي روجر كيسمنت الذي اعترض على انتهاكات حقوق الإنسان في الكونغو مطلع القرن العشرين وحكم عليه الانكليز بالإعدام شنقا بعدما دانوه بالخيانة.
وقال مؤلف “العمة خوليا والناسخ” و”موتي في جبال الانديس” انه “أعجب بالتجربة الغنية للدبلوماسي البريطاني التي تنطوي على مغامرة”.
وأوضح أنه اكتشف قصة هذا الرجل خلال قراءته سيرة لجوزيف كونراد.
وكيسمنت الذي دافع عن حقوق هنود الأمازون، اشتهر في 1904 عندما نشر تقريرا يتحدث عن انتهاكات حقوق الإنسان في الكونغو ابان في عهد الملك البلجيكي ليوبولد الثاني.
وشكل هذا التقرير الدافع لإقدام بلجيكا على إعادة النظر في نمط إدارتها لهذا البلد الإفريقي.
وزار يوسا الكونغو الديمقراطية، كما زار ايرلندا الشمالية من اجل “التآلف مع البيئة والمناظر الطبيعية والحياة الاجتماعية” التي يصفها في كتابه وان “بتصرف”.
ويصف فارغاس يوسا المناضل الايرلندي “كيسمنت كان من أوائل الأشخاص الذين رأوا ووثقوا لوحشية الاستعمار، كان طليعيا”، مؤكدا ان “الرواية مستوحاة من احداث حقيقية”.
وكان كيسمنت مؤيدا للتيار الاستقلالي في ايرلندا. غير انه اعتقل خلال الحرب العالمية الأولى بتهمة الخيانة ونفذ فيه الانكليز عقوبة الإعدام شنقا في 1916. “هل ستذكر هذه القصة البعض بشيء ما مشابه؟”.
عمل يوسا بين 1959 و1960 في القسم الاسباني لمكتب وكالة الصحافة الفرنسية في باريس قبل ان ينجز الرواية التي اكتسب شهرة بعدها “المدينة والكلاب” التي تجري أحداثها في مدرسة عسكرية في ليما. وترشح في 1990 للانتخابات الرئاسية عن يمين الوسط على الرغم من انخراطه في شبابه في تيار سياسي يساري.
ويقول “على الكاتب التزام أخلاقي يقضي بأن ينخرط في الحياة المدنية وأحيانا في السياسة ايضا”.
وخلال مساره المهني المديد الذي أخذه إلى أماكن مختلفة، لم يكف فارغاس يوسا إلا نادرا عن الكتابة مازجا “الانضباط” و”الفضول” وهما صفتان يعدهما أساسيتين لأي كاتب.
ويقول مبتسما “انني محظوظ جدا لاأي حظيت بفرصة رائعة وهي ان أكرس معظم وقتي لممارسة النشاطين الأحب بالنسبة اليه الا وهما الكتابة والقراءة”.
ترجم انتاج فارغاس يوسا الذي يضم حوالي ثلاثين عملا بين الرواية والدراسة والمجموعة القصصية والمسرح في العالم بأسره ويرد اسمه بانتظام منذ سنوات بين المرشحين لجائزة نوبل.
وإن كان مسار فارغاس يوسا الأدبي حافلا بالنجاحات والأمجاد، إلا أن حياته الخاصة مليئة بالتقلبات.
ولد في اريكيبا جنوب البيرو في 28 اذار/مارس 1936 ونشأ مع والدته وجديه في كوتشابامبا في بوليفيا ثم في البيرو. وبعدما درس في الاكاديمية العسكرية ليونثيو برادو في ليما حاز شهادة في الاداب من جامعة سان ماركو في ليما ثم حصل على منحة مكنته من مواصلة دراساته حتى حصل على دكتوراة من مدريد.
زوجته الأولى التي كانت تكبره 15 عاما كانت زوجة عمه المطلقة خوليا اوركيدي، وقد استوحى منها على الأرجح روايته “العمة خوليا والكاتب” الصادرة عام 1977 والتي يروي فيها المراسل السابق في وكالة الصحافة الفرنسية قصة فتى تراوده أحلام أدبية ويغرم بزوجة عمه خوليا.
وبعد سنة على فشل زواجه مع خوليا التي توفيت في آذار/مارس الماضي، تزوج في 1965 ابنة عمه باتريثيا يوسا.
صعد نجم بارغاس يوسا سماء العالمية عام 1966 بعد نشر روايته “زمن البطل” التي تدور أحداثها حول عملية قتل في أكاديمية عسكرية.
ومن بين أشهر روايات بارغاس يوسا “ألاعيب الطفلة المشاغبة” عام 2006 و”زمن البطل” عام 1962 و”حفلة التيس” عام 2000.
وتستند أعمال يوسا إلى خبرته في الحياة في بيرو في أواخر الأربعينات والخمسينات.
_____________
*(ميدل ايست اونلاين).