*مرفت واصف
قال الفنان التشكيلي محسن شعلان إنه قد تم اختيار تيمة “القط الأسود” لكل لوحاته بمعرضه الجديد، لأنه يحمل كل معاني الفساد والشر وعلامة على الغموض والغدر الذي تعرض له في حياته الوظيفية.
واعتبر الفنان بخياله أن القط الاسود هو مندوب الشر الذي جاء في السجن ليطمئن على إتمام مهمة توقيع الظلم على المظلومين داخل السجن موضحا بأن القط تقمَّص شخصية بعينها تأكيدا على تنفيذ مخططاته الشريرة واحيانا أخرى يرى فيه تجسيما في مجال من مجالات تفصيل القضية أو مرحلة من مراحلها، أما باقي اللوحات فقد جسد الفنان رؤيته النفيسة الداخلية للعذابات التي تعرض لها أثناء وبعد خروجه من السجن، كما يصور رموز النظام السابق والذين زاملوه في سجن مزرعة طرة بعد ثورة 25 يناير وإلقاء القبض عليهم في قضايا الفساد الشهيرة.
وأشار الفنان شعلان إلى أنه استخدم القط الأسود كرمز فني يحمل كل الملامح السيئة التي تحوم بهذه القضية الفجة، وقال من حقه أن يصرخ بعد أن اتهم تهمة باطلة ودفع الثمن كفنان، والفن دائما ما يكون صوته أعلى وأداة وسلاحا ورأس حربة يستطيع أن يصدره في وجه من يخالف ضميره امام الله، واضاف انه لم يكتب اسماء في الرسم ولكن الجميع يعرفونهم.
وحول الشخصيات التي قابلها في طرة قال انه لا بد أن نحترم القضاء وهو أعلم بتفاصيل قضاياهم، ولكن نحن كبشر مسجونين سويا ويجمعنا نوع من سلب الحرية وأنه خرج من هذه التجربة بأن في السجن لا أحد يكذب لأنه يتصل بالله بشكل أعمق وأوسع لأن أمله الأخير أن يغفر الله له، مضيفا بأن رموز النظام السابق يخضعون للتفتيش المهين، وذكر بعض الحكايات الانسانية التي رآها لرموز النظام السابق من خلال مزاملته لهم في سجن مزرعة طرة.
وكان د. محمد صابر عرب وزير الثقافة المصري، ود. صلاح المليجى رئيس قطاع الفنون التشكيلية قد افتتحا معرضا بعنوان “القط الأسود .. تجربة سجن” للفنان محسن شعلان بمركز الجزيرة للفنون بالزمالك، ويستمر المعرض حتى 28 من الشهر الجاري.
وأعرب صابر عرب عن مدى سعادته بافتتاح معرض الفنان محسن شعلان وقال انه ليس مجرد معرض عادي, وانما ذاكرة تاريخية ثقافية فكرية وعام كامل من المعاناه، وأنه سجل نبضات كل لحظة من بداية التحقيق انتهاءً بخروجه من السجن، مشيرا الى أن يُسجن فنان لا بد أن يتوقف المجتمع عندها للدراسة والتمعن، فهو ليس سجناً عادياً ولكنه سجن اعتباري وإنساني، وحتى الخروج، وانه سعيد على المستوى الانساني بهذا الصديق والزميل أن يعود الى حياتنا الفنية كمبدع من المبدعين الكبار للحركة الفنية، فالمعرض غير تقليدي، فكل مبدع له لون ورؤية وبصمات واضحة،
وأضاف أن حالة محسن شعلان حالة مختلفة فقد خاض تجربة انسانية شديدة الصعوبة والاختناق وعبر عن ذلك بفنه وكل لوحة يمكن أن يكتب عنها عشرات المقالات، وهذه التجربة ستبقي مستمرة وجديرة بالدراسة في المدارس الفنية وسنظل نتوقف أمامها أحيانا بقدر من الألم والمرارة وأحيانا بقدر من الشجاعة لأن محسن تجاوز هذه التجربة بقدر من الشجاعة وخرج وهو يمتلك طاقة هائلة قادرة على أن يتجاوز بها هذه التجربة في حياته.
يضم المعرض 112 لوحة ما بين التصوير الزيتي ورسم بالحبر الأسود والألوان المائية، ويعبر عن صرخة داخلية للفنان محاولا الصمت الذي كان يمثل عبئا ثقيلا بداخله، ولكنه لم يستطع، فوجد الفن هو الوسيلة الوحيدة للتنفيس عما يجول بداخله، وجسد شعلان ووثق تجربة السجن منذ بداية قضية اختفاء لوحة زهرة الخشخاش لفان جوخ من أحد المتاحف المصرية حيث كان يعمل رئيسا لقطاع الفنون التشكيلية في وزارة فاروق حسني الأخيرة، ومروراً بالتحقيقات والسجن.
وأضاف شعلان بأنه ستقام ندوة مساء الاربعاء الموافق 20 فبراير/شباط الجارى بعنوان “ماذا يفعل السجن بالفنان” يشارك فيها معه كل من الفنان نور الشريف ود. مصطفى الرزاز.
________
*ميدل ايست اونلاين .