حاورها : جمال القيسي*
الاحتفاء بالحياة كما يجب، مع الإدراك العميق أنها إلى زوال، كان لهما الأثر البالغ على تجربة القاصة الأردنية بسمة النسور التي راهنت على اللحظة الراهنة باعتبارها اليقين الوحيد. وتقول:” فعلت ذلك انطلاقاً من إنسانيتي واختصاصي الأدبي، وأتيح لي مزاولة الدفاع عن الحق بالمعنى المهني من خلال عملي كمحامية”.
النسور: “الثورات ما تزال قائمة وصراخ المظلومين يملأ الشارع العربي”
تذهب القاصة الأردنية إلى وصف المشهد القصصي والإبداعي بالعموم بأنه “ملتبس وفوضوي”
والنسور المولودة في الزرقاء (شرق الأردن) حاصلة على ليسانس حقوق، وعملت لسنوات محامية في عمان،” وهذه حكاية تطول”، بحسب تعبيرها في حوارها مع 24.
وتذهب القاصة الأردنية إلى وصف المشهد القصصي والإبداعي بالعموم بأنه “ملتبس وفوضوي”، محيلة ذلك إلى “اختلاط الحابل بالنابل، بسبب الواقع السياسي غير المستقر في غير بقعة”.
وتقول: “الثورات ما تزال قائمة وصراخ المظلومين يملأ الشارع العربي”، معتبرة أن ترجمة ذلك إلى أشكال إبداعية يتطلب وقتاً كافياً. وترى أن ما يكتب حالياً “يتميز بالعجلة والتسرع بسبب تسارع الأحداث الدراماتيكية”، معتقدة أن ذلك “لا يصنع أدباً عظيماً”، إضافة إلى مواقع التواصل الاجتماعي التي تتيح “منبراً سهلاً وتفاعلاً سريعاً، مما أدخل الكثيرين في “وهم الموهبة”، فضاعت “الطاسة تماماً”، بحسب تعبيرها.
والكاتبة التي شغلت عضوية الهيئة الإدارية في رابطة الكتاب الأردنيين، قبل أن تستقيل من هيئتها العامة منذ نحو شهر “احتجاجاً على صمت هيئتها الإدارية عن الدم المسفوح في سوريا”، ترد قلة إنتاجها القصصي إلى مزاجها الإبداعي “شديد الوعورة”.
بيد أن النسور التي صدر لها أربع مجموعات قصصية، هي “نحو الوراء”، “اعتياد الأشياء”، “قبل الأوان بكثير”، و”النجوم لا تسرد الحكايات”، ما تزال تكتب “رغم الظروف الاستثنائية في واقعنا العربي الراهن المفتوح على الفوضى والخيبة”. وهو أيضاً “الواقع الكفيل بإطفاء جذوة الرغبة في الكتابة الإبداعية التي تبدو ترفاً فكرياً في حضرة الدم”.
وتقول: “لدي مخطوط شبه جاهز لمجموعه قصصية، غير أني لا أملك الرغبة أو الدرجة الأدنى من الحماسة لنشرها في الوقت الحالي”. وترفض في المقابل اعتبار صمتها القصصي سكوناً يسبق عاصفة الرواية، وتحتج عليه بشدة “لما يتضمن من انحياز للرواية، وتقليل من شأن فن كتابة القصة”.
تدير النسور الآن فعاليات ثقافية تابعة لأمانة عمان الكبرى، بعد قيادتها لبيت تايكي الذي أقام مئات الفعاليات الثقافية من أمسيات شعرية وقصصية، وحفلات توقيع كتب، وتنظيم رحلات ثقافية داخل المملكة، ويعد قطباً ثقافياً جاذباً لمثقفي الأردن والوطن العربي بفعالياته وأنشطته الريادية، وزارته شخصيات إبداعية وقامات أدبية أشادت بتميزه، ومن أهم تلك القامات الشاعر الراحل محمود درويش.
وتلفت النسور التي ترأس أيضاً تحرير مجلة “تايكي” الصادرة عن البيت، إلى تأسيس ملتقى القصة العربي في بيت تايكي، وعقد الملتقى بحضور عربي نوعي بنجاح ثلاث دورات: ” كرمنا فيها العديد من كتاب القصة مثل محمود الريماوي وعدي مدانات، كما كرّمنا كتاباً راحلين مثل غسان كنفاني وسميره عزام وغيرهما”.
وحتى اليوم أقيم في بيت تايكي مشروع طموح لتكريسه وجهة لمثقفي الأردن والعالم العربي، “غير أن قرارات الإدارات المتتابعة على أمانة عمان قلصت نفقات البيت، خصوصاً في الجانب الثقافي، وبذلك جمدت أنشطتنا وحدّت من أحلامنا في مواصلة الإنجاز، وهذا وضع مؤسف بكل المقاييس، بحسب قول النسور.
( عن موقع 24 .ae )
* أديب وإعلامي من الأردن يقيم في الإمارات