*دبي رشا المالح
يدرك الزائر لحظة دخوله المعرض السنوي الثامن “نساء في الفن” في غاليري “كورتيارد” في منطقة القوز بدبي، أنه أمام معرض بانورامي نوعي بالمستوى الفني المتقدم للفنانات التشكيليات العشر المشاركات فيه من 7 جنسيات، والمستوى الإبداعي لهؤلاء الفنانات المقيمات في الإمارات.
ويتجلى المشهد البانورامي في المعرض، الذي يستمر حتى 11 مارس المقبل، من خلال اللوحات الفنية التي عكست التمازج الفكري والثقافي بين مكانين وبيئتين وثقافتين، برؤية فنية معاصرة. والقصد من “فنية معاصرة” هو التوازن بين فكرة العمل وخصوصية أسلوب الفنان، بعكس المفهوم “الاستهلاكي” الذي يروج له في الحقبة الأخيرة عن الفن المعاصر الذي يعلي من شأن فكرة العمل على حساب أدوات ومهارات الفنان التي تعتبر جزءاً لا يتجزأ من قدراته الإبداعية.
جولة عبر الحضارات
تأخذ الجولة الزائر من ضفاف عوالم الشرق المستلهمة من حضارة جلجامش مع زاهدة زيتون ملّي، إلى ابنة الأهرامات كريتش المتأثرة بأجواء الفن البيزنظي، وابنة بلد دور الأزياء العالمية باريس المتأثرة بألوان تراث الأزياء الخليجية.
ومنها إلى القهوة التي تحولت بأنامل ابنة بلاد الهند والسند أرشانا كينغ إلى مادة ملونة آسرة، لينتقل بعدها إلى عوالم التأمل والفكر والخيال مع صور حاصدة الجوائز الإماراتية والعالمية موزه الفلاسي، ووجوه لتفاعلات وانطباعات مع ابنة الشام، وصولاً إلى أجواء قريبة من لاعبي الأكروبات وفن “الباوهاوس” بعد الحرب العالمية الأولى لابنة الفرات لينا العجيلي، ومنها إلى عوالم القرويات في أرياف العراق مع فهيمة فتاح، إلى جماليات فنون العمارة مع ابنة الكثبان علا اللوز، لتكون المحطة الأخيرة مع فن البوب آرت الذي استلهمت ابنة الأرز سوزي ناصيف أجواءه من الفنان الأميركي آندي وارهول لتقدم رؤيتها بأسلوبها الخاص الذي يتماهى مع حضورها الإنساني.
وما يزيد من جمالية المعرض تواضع الفنانات المشاركات على الرغم من نضج تجربتهن الفنية، حيث تحدثت كل واحدة منهن عن هواجسها في انجاز العمل الفني أو أسلوب عملها والتقنيات التي تستخدمها دون مبالغات أو محاولة خلق هالة استعراضية حولهن، فجميعهن كن حريصات على الحوار المفتوح مع الجمهور والإجابة على تساؤلاتهن بحماس واهتمام.
حاصدة جوائز
قالت موزة الفلاسي ، حاصدة الجوائز محلياً وخارجياً في التصوير الفوتوغرافي، عن مستجدات نشاطاتها لـ “البيان”: (حصلت الشهر الماضي على وسام شرف من مسابقة “بين السماء والأرض” السلوفانية، وفي شهر ديسمبر الماضي، فزت بالميدالية الذهبية في مسابقة آل ثاني للتصوير الفوتوغرافي الدولية، إلى جانب حصولي على ميدالية ذهبية من مسابقة الإمارات كأفضل مصور لعام 2012).
ورداً على سؤالنا عن مدى تأثرها بهذا الرصيد الكبير من الجوائز خاصة في المنطقة، قالت: (لا أستغرق كثيراً في أجواء الفوز، فأنا سرعان ما أبدأ في البحث عن فكرة جديدة، وفي بالي دوما مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، “المستحيل وجهة نظر”).
فيما يتعلق بطموحها كفنانة، قالت: “أن أكتب من خلال الصورة تاريخي وتاريخ والدي الشاعر محمد بن صبيح الفلاسي رحمه الله، الذي زرع في داخلي حب الفن والإبداع”.
لون القهوة
أما أرشانا فقالت، عن رسمها بالقهوة: “تعرفت على القهوة العربية لدى إقامتي في الإمارات، وشدني عبق رائحتها وطعمها، لأترك أسلوبي في الرسم بالألوان الزيتية والسكين، لأتفاعل مع ملمسها ومزيجها في لوحاتي القريبة من شفافية الألوان المائية”.
تهويمات وقراءة
ووصفت كريتش أسلوبها الفني الذي تتجلى فيه قدرتها على جمع العديد من التفاصيل والعناصر في تداخل تسيطر فيه من خلال مشهد بصري هادئ بألوانه الباردة ذات الشفافية والنقاء، لتتجلى جماليات تداخل التفاصيل مع زمن التمعن بالعمل، قائلة: “أبدأ لوحتي دون تصور أو فكرة مسبقة أفرش الألوان، ثم أنظر إليها عن بعيد بعين أخرى، لأستلهم موضوع اللوحة لأبني عليه، بالتتابع. أما عن مشاركاتي القادمة، فستكون في بينالي فلورنسا بإيطاليا خلال شهر ديسمبر من العام الجاري، حيث تم اختيار عملي للمشاركة.
المعرض في سطور
تستضيف كل دورة من معرض “نساء من الفن”، الذي تنظمه غاليري كورتيارد كل عام وعلى مدى 8 سنوات، مجموعة من الفنانات المقيمات في الإمارات، وتحرص كل عام على تقديم مجموعة من المواهب الجديدة التي تمتلك تجربة فنية واعدة، إلى جانب مجموعة من المواهب التي وصلت في تجربتها مرحلة النضج وتبلور الأسلوب. ويجتذب المعرض كل عام عددا كبيرا من المقتنين حيث يعتبر فرصة لاقتناء أعمال فنية بأسعار معتدلة، خاصة وأن عددا كبيرا من الفنانات الموهوبات في بداية مشوارهن وبالتالي فإن فكرة الاستثمار في أعمالهن، تجذب الكثير من المقتنين.
_______________
*البيان.