*عذاب الركابيّ
إلى الشّهيد محمّد سالم العبّار .. والشُّهداء من رفاقهِ الشباب الخالدينَ
في ذاكرةِ الوطن.. وهم يُؤرّخون لربيعه بدمائهم الطاهرة .
عندما تنفجرُ الحُريةُ مرةً في روحِ إنسانٍ، فأنَّ الآلهةَ لا تستطيعُ شيئاً ضدَّ هذا الإنسان ،
جان بول سارتر
فقط..
عشرونَ ربيعاً،
وثروةٌ لا تُحصى مِنَ
الأحلامِ السجينةْ
فتىً..
مِن ٍسُلالةِ الرّيح ِ،
وعائلةِ المدى
بذاكرةِ ريحانةٍ مُتمرّدةٍ،
وحُرقةِ سؤالٍ صعبٍ،
يَسبقُ زمنَهُ السّاكنَ،
ويحتالُ على سُلطةِ الانتظارْ
. هذا الفتى اللليكيُّ..
لا يرى أحداً غيرَهُ
في اتّخاذِ القرارْ،
يُدفّيءُ وردةَ أسرارهِ،
ليبقى صديقَ النّهارْ
فتىً غيرُ الّذينَ يُولدونَ
من رحمِ الوقتِ المُهادنِ
بهاجسِ الشامخينَ مِنَ الأجدادِ،
شرسُ الرأيِّ،
صاخبُ الخُطواتِ،
وهوَ يُتقنُ بلاغةَ القدّسينَ
في الحُبِّ،
وعلى إيقاعِ وحيِّ الانتماءِ،
يُؤلّفُ كتابَ الخُلودْ
. تَغتسلُ الفتياتُ العذرواتُ
بفسفورِ أحرفِ اسمهِ،
تنسجُ الفراشاتُ من ظلّهِ
زورقاً
وتستأذنهُ الشّمسُ
وهيَ تُرخي ضفائرَها الذّهبيةَ
على كتفِ النَّهارِ البهيجْ
. يُؤطّرُ صورةَ الحقِّ
بظمأ روحهِ..
هائمٌ أبداً بموسيقا التعبِ،
والصّلاةِ الواجبةِ على قِبلةِ
الوطنْ ،
يُوجّهُ دعوةً للتّاريخِ تارةً،
وتارةً أُخرى..
يشربُ نخبَ الخُلدِ
مَعَ الزّمانْ
. مِن email الوطنِ،
وعبرَ شفرةِ المحنةِ
تبعثُ الإرادةُ رسالتَها المصيريةَ،
كأُنثى ورديةٍ مُتيّمةٍ
بعدَها..
يُقبّلُ الفتى العاشقُ
يدَ أبيه ذاتَ صباحٍ
مُستأذناً..،
بكُلِّ ما في مهجةِ الياقوتِ
مِنْ خجلٍ،
كيْ يلتحقَ بموكبِ الكرامةِ الشّمسيْ
. فتىً..
يتفوقُ في دفءِ..
ورقةِ الفكرةِ،
على تلقائيةِ طيورِ البحرِ
لحظةَ التناسلِ،
وعلى حميميةِ شجرةٍ
تأوي عصافيرَها على بساطِ الله
لمْ ينظرْ وراءَهُ أبداً،
وهُوَ يسمعُ صوتَ النشيدِ،
بداية الحصّة الأولى،
إيقاعَ الطباشيرِ الملونِ،
على سطحِ السبّورةِ الرافضةِ
الدرسَ المُكرّرَ
وهوَ يرى خُطواتِ رفاقهِ الضوئيةَ
على أول الدّربِ المُلغّمِ بالمفاجآت الجارحةِ،
المضيءِ.. بابتسامةِ الهدفِ العظيمْ
. عقاربُ ساعتهِ
خارجَ دائرةِ الوقتِ،
حُلمهُ بعدَ الحُلمِ،
و نقّالهُ الفضيُّ الأنيقُ
مُتاحٌ..
حتّى نهايةِ الزّمانْ
. تناولَ قارورةَ الماءِ
زادهُ عسلُ التحياتِ السّريعةِ
الّتي فاضتْ بها قرائحُ أخوتهِ
النَّهاريينَ
باتّجاهِ رقصةِ الضّوءِ الجنونيةِ،
حيثُ أوركسترا الشُّموخِ
الّتي يعزفها رفاقهُ الفارّونَ
إلى الوطنِ الجديدْ
. كانتْ بينَهُم
وبينَ الوطنِ المُفضّضِ
بالحنانِ الإلهيِّ..خُطواتْ
هزموا الموتَ بكيمياءِ الموتِ،
والحياةَ بما بعدَ الحياةْ
. ألقوا بالذنوبِ الصَّعبةِ
في بحرِ الصّبرِ،
وبنوا بعطرِ الفكرةِ،
وكرستالِ الرُّوحِ
مسجداً للعناقِ،
ومنارةَ مغفرةٍ للتائبينْ
. هذهِ هيَ أحلامُهم النَّهاريةُ
جُملُ الحقِّ الرّشيقةُ،
وأبجديةُ الفرحِ السّجينْ
* الشهيد محمّد هو نجل الناقد والقاص والكاتب الليبي الكبير سالم العبار، رئيس تحرير مجلة الفصول الأربعة، مجلة اتحاد الكتاب الليبيين ورئيس تحرير جريدة، أخبار بنغازي الأوسع انتشاراً
____________
*شاعر عراقي يقيم في ليبيا.
عن (الزمان) العراقيّة.