أيوب مليجي *
( ثقافات )
بتعدد الأجناس الإبداعية شعرا و قصة و رواية و تشكيلا ، تتعدد عوالم الإبداع لدى المبدعة المغربية زهرة زيراوي ، حيث تسكن تلك العوالم ذاتها ، لتنطلق في رحلة البحث عن الذات ، عن الآخر الذي يسكنها و تسكنه ، الآخر الذي يؤثر فيها و يشدها إليه ، البحث عن الإنساني الذي في طريقه إلى الزوال.
إذا أردنا أن نلج عوالم زهرة زيراوي التي تزخر بتجاربها الإبداعية المتعددة التي راكمت لحد الآن العديد من الإصدارات المختلفة ، حيث أصدرت شعريا ديوانها ” ليس إلا ” عن دار ميريت بالقاهرة ، أما قصصيا فقد صدر لها ” الذي كان “ و ” حنين” و ” مجرد حكاية “ و “نصف يوم يكفي” إضافة إلى عملها الروائي المخطوط ، ثم كتابها ” التشكيل في الوطن العربي مقامات أولى ” وهو عبارة عن مجموعة من الحوارات التي أجرتها مع فنانين تشكيليين عرب و مغاربة و مغتربين حول تجاربهم الفنية ، وهو العمل الذي مزجت فيه بين مختلف التجارب الشابة منها و المحترفة ، حيث تقول في مقدمة العمل : ” تعمدت أن يكونوا – هكذا عرضا- جنبا إلى جنب ، لتجمعهم الروح الحميمية للفن ، لا تجردن بين أسماء و أسماء ، بين جيل و جيل . هم فنانون و كفى…”(1) ، نذكر كذلك أنها شاركت بأعمالها الفنية في كثير من المعارض الجماعية في المغرب و بلجيكا.
و قد جعلت من بيتها صالونا أدبيا منذ سنة 1990 مفتوحا في وجه المبدعين ، حيث شهد عدة تكريمات لوجوه الثقافة و الإبداع المغربي ، و لأنها تعشق العمل الجمعوي الذي يخدم الثقافة و الإبداع خصوصا، فقد عملت من خلال جمعية ملتقى الفن التي يرأسها البروفيسور الدكتور رضائي محمد على إقامة العديد من الأنشطة الثقافية . حيث تعمل مؤخرا على مد جسور التواصل الثقافي و الفني بين المغرب و بلجيكا .
و بخصوص هذه العوالم التي تتلبسها بتعددها نراها تقول : ” تعلمت أن أدع الحالات تلبسني و ألبسها بإخلاص ، أرفض الوقوف على باب مغلق ، أرفض أن أقف في الصف الواحد ، ما الذي يمنعني؟ “(2)
من هنا تتبلور لدينا رؤيتها من الإبداع الذي يكتفي بالجنس الأدبي الواحد ، فالإبداع لدى زهرة زيراوي لا حدود له ، قد تجد نفسها اليوم في نص شعري ، و بعد برهة في نص قصصي ، و بعده في لوحة تشكيلية ، وهي هنا تتقاطع مع تجارب لمبدعين عالميين ، حيث نرى الأديب شاعرا و قاصا و ناقدا و تشكيليا و روائيا ، الإبداع هنا لا يخضع للتسطير و نظام الصفوف ، الإبداع هنا يصير كونيا.
– عالم الكـتـابــة :
الكتابة عند زهرة زيراوي هي انكتاب للذات تقول : ” لا يلذ لي أن أقول إني أكتب ، أشعر أني أنكتب من خلال اليومي سواء كان محليا أو كونيا.هكذا أشعر أنني أتنفس و أن هناك ما يستحق أن يعاش من أجله ، و الكتابة ليست إلا حقلا من حقول المشائين “(3) .
فالكتابة سواء كانت شعرا أو قصة أو رواية ،هي في الأخير بالنسبة لها انفعال و تفاعل للذات مع محيطها، أن تتوحد الكتابة مع الجسد ليصيرا ذاتا واحدة ، تقول: ” أن تصبح الكتابة هي جسدنا الحقيقي ، الجسد الخالص ، تعنيني اللغة التي لا تصبح رمادا ، اللغة التي معناها الصوت ، و صوتها هو المعنى ، يعنيني الإبداع الذي هو اغتسال اللغة “(4).
هكذا تنغمس مبدعتنا في عالم الكتابة لكي تبحث عن العشق و الحضور و الغياب و لملمة الصور.
– عالم التــــشكـيل :
تراهن زهرة زيراوي في اشتغالها الفني على البعد النفسي ، حيث تقول : ” أنا لست سوى حالتي ، الأنا التي تتبطنني ” أي أن الفنان محكوم ببيئته و نفسيته ، تضيف قائلة : ” مساحات القلق لا تملأها عندي اللغة وحدها…هناك أشياء في الذاكرة …في الماضي…في الراهن…لا تستطيع كل لغتي استرجاعها و بنفس القوة “(5) هنا نستحضر بول كلي حيث يقول : ” أنا و اللون شيء واحد فإني أرى أنه لا يوجد عندي تقاطع ، فأنا و اللغة و اللون شيء واحد “(6).
هنا تتوحد المبدعة المغربية زهرة زيراوي مع لونها و فرشاتها و قلمها حتى يصيرا كيانا واحدا ينتج في الأخير عملا فنيا متناسقا ينبثق من تلك العوالم الإبداعية المتعددة.
ومن باب الإشارة فقط أضع هنا السيرة الذاتية لمبدعتنا زهرة زيراوي :
تخرجت من دار المعلمين 1961
عينت أستاذة بمركز تكوين المعلمين بالبيضاء
اتجهت إلى الصحافة. وضمن هيئة الكتاب المساهمين بمجلة الزمان الجديد اللندنية
عضو اتحاد كتاب المغرب.
رئيسة ملتقى الفن بالدار البيضاء.
تكتب الشعر والقصة والمقالة الأدبية وتمارس التشكيل والنقد الفني.
جعلت بيتها صالونا أدبيا مند عام 1990 ينظم لقاءات مفتوحة وقراءات شعرية للشباب تهدف لخصوصية ثقافية و تفجير الطاقات المحلية.
تحضر ندوات النادي جنسيات عربية وأوربية واستضاف النادي أسماء من العالم العربي لها دورها التفعيلي.
وقد أشارت مجلة الهلال القاهرية التي أسسها جرجي زيدان عام 1892 إلى ذلك في رسالة المغرب عدد أكتوبر 1997 ص : 105 عمود1 و 2
صــدر لهــــا :
– الذي كان! … / مجموعة قصصية عن مطبعة النجاح الدار البيضاء 1994.
– نصف يوم يكفي / مجموعة قصصية عن دار النشر المعرفة 2000.
– مجرد حكاية / مجموعة قصصية قدم لها كل من الشاعر عبد المنعم رمضان والأديب سعيد الكفراوي صدرت عن مطبعة النجاح الجديدة 2002 .
– ليس إلا! … / قصائد شعرية عن دار مريت – القاهرة.
– حنيــــــن / مجموعة قصصية دار النجاح الجديدة /2004 الدارالبيضاء.
– التشكيل في الوطن العربي / مقامات أولى / وهو عبارة عن سلسلة من لقاءات مع فنانين من مختلف أنحاء الوطن العربي : مصر سورية العراق الجزائر تونس المغرب … صدر عن دار النشر إيديسوفت
– و لأنـــــي / ديوان شعر صدر عن منشورات ملتقى الفن سنة 2012 و قد قدم له الشاعر الدكتور محمد علي الرباوي .
يصدر لها قريبا :
– الفردوس البعيد / رواية تحت الطبع بمطبعة النجاح صدر الفصل الأول منها بمجلة المدى السورية العدد 20 – 1998 –
– نساء على خط منكسر / مجموعة قصص
– الأرض برتقالة زرقاء / ما الكتابة، وأية خصوصية للإبداع.
– التشكيل في الوطن العربي / مقامات ثانية
* * * *
تنشر كتاباتها الأدبية والنقدية الفنية في المجلات التالية : الزمان الجديد – المدى الثقافة المغربية – أخبار الأدب – عمان – الآداب البيروتية – القصة – الناقد سابقا.
* * * *
شاركت في عديد من المعارض الجماعية بمجموعة من أعمالها في كل من المغرب و أوربا : فيينا بلجيكا ، الرباط ، البيضاء ، فاس ، سطات
– هــوامش :
(*)عنوان مداخلتي التي شاركت بها ضمن اللقاء الشهري الذي نظمه “الصالون الأدبي” المغربي يوم الأحد 28 نونبرعلى الساعة الرابعة زوالا بفضاء الهمذاني التابع لجمعية الأعمال الاجتماعية نيابة الحي الحسني بمدينة الدارالبيضاء، و الذي استضاف خلاله الأديبة المغربية زهرة زيراوي.
(1)- من مقدمة كتاب التشكيل في الوطن العربي – مقامات أولى- طبعة سنة 2006 – إيديسوفت.
(2)- مقتطف من الحوار الذي أجراه نجيب خداري عن جريدة العلم ، ص 95 ، كتاب التشكيل في الوطن العربي – مقامات أولى- طبعة سنة 2006 – إيديسوفت.
(3)- نفس المصدر .
(4)- نفس المصدر .
(5)- نفس المصدر .
(6)- بول كلي : رسام ألماني ولد في سويسرا ، تتراوح أفكاره بين السوريالية ، التعبيرية و التجريدية.
* كاتب من المغرب