وجوه


إبراهيم العامري *

( ثقافات ) 
 


الأنثى التي لا تملك وجهاً.. والتي تتجنب المرايا وأحمر الشفاه …والتي تحفل أيام حياتها بأحداث كثيرة صامتة وإختباء متواصل في فوضى البيت، ترنحت في مشيتها وبدت خطواتها متلعثمة حين سمعت صوت حذائه المميز يدرك درج الدار شيئاً فشيئاً .

وعوت ذئبةٌ جائعةٌ في زر قميصها المزدان بورق توت بري وفراش أبيض. وتهيأ قلبها لخفقان أقوى زاد من حدة تمسكها بعصى المقشة.
الأنثى انجذبت نحو الصوت وألصقت وجهها بخشب الباب كعادتها حيث مرت خطواته واحدة تلو الأخرى واضحة وممشوقة .

الأنثى لملمت نفسها هذه المرة يدها الناعمة، انثناءة الخصر، وذاك التكور التوأمي في مكان ما من جسدها فضلاً عن شعر خروبي يندلق حتى أسفل ظهرها ورجلين مبلولتين، ثم دفنت وجهها في يديها وفتحت الباب زاعمةً تنظيف العتبة.
العتبة تململت بنظافة مفترضة حين شمّت رائحةً أنثويةً تختلط بتصبب عرقٍ حارٍ، وهمسٍ غير مسموعٍ في قلب الصمت الذي تكرهه, ورأت ساقها نظيفة وبضّة ثم حدقت كي تحسن التقاط المشهد

حين عاد الصوت مرة أخرى شهقت، دفنت وجهها أكثر وتوارت خلف الباب . العتبة راقبت بأسفٍ؛ هو أيضاً لا يملك وجهاً.. هو يدفن وجهاً آخر، لكن في يدين خشنتين

* من الأصوات القصصية الجديدة في الأردن

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *