دينا عصفور
اعتبر الدكتور أحمد ماضي يوم تكريمه الذي أقامه، الخميس طلبة الدراسات العليا في قسم الفلسفة بالجامعة الأردنية يوما تاريخيا، بل لعله أجمل أيام حياته، كما قال في كلمته أثناء الحفل الذي حضره رئيسا الوزراء السابقان فيصل الفايز وعبد الرؤوف الروابدة، كما حضره وزير الثقافة الأسبق الدكتور صبري الربيحات، وعدد من أساتذة الجامعة وطلبتها وأصدقاء الدكتور ماضي ومحبيه. كما حضره نائب رئيس الجامعة الأردنية للشؤون الإدارية والمالية الدكتور شتيوي العبد الله.
وأكد ماضي أنه لن ينسى هذا اليوم، مقدِّما الشكر لطلبته “الذين غمروني بمشاعرهم الدافئة”.
واستعرض ماضي تجربته في العمل الأكاديمي الذي امتد طيلة 42 عاما في الجامعة الأردنية والذي انتهت بإحالته على التقاعد، بعد حياة حافلة بالعطاء والإنجاز العلمي.
وكان أول المتحدثين في الحفل رئيس جامعة آل البيت الأسبق، وأستاذ الفلسفة في الجامعة الأردنية الدكتور سلمان البدور الذي تمتد علاقته بالدكتور ماضي على مدى ثلاثين عاما.
ونوه البدور بميزات ماضي في التنظيم والدقة والأداء والذاكرة القوية، عازيا ذلك إلى عمله الحزبي المبكر، لافتا إلى المواقع التي شغلها في رئاسة وتأسيس الجمعية الفلسفية العربية، ورئاسة رابطة الكتاب الأردتين لدورتين. كما أشاد بعلاقته الطيبة بالناس وخبرته بهم.
وكان الحفل ابتدأ بتلاوة الفاتحة على روح المفكر الأستاذ الدكتور سحبان خليفات الذي غيّبه الموت قبل شهرين.
صديق الدكتور ماضي في الدراسة الأولى بموسكو أوائل سبعينيات القرن الماضي، الدكتور عيسى دبّاح استذكر تحولات صديقه وتمزقه بين أن يدرس الهندسة أو الطب، أو بين أن يدرس الفلسفة، حيث انحاز ماضي إلى الفلسفة على الرغم من معارضة الحزب الشيوعي الأردني الذي أوفده آنذاك لهذا القرار.
كما استذكر لقاءه الأول به في رام الله حينما كان يعمل على تأسيس اتحاد لطلبة الأردن.
وألقى تلميذ الدكتور ماضي، وأول طالب يحصل على درجة الدكتوراة في الفلسفة من الجامعة الأردنية، الدكتور موسى برهومة كلمة وجدانية بثّ من خلالها مشاعره تجاه أستاذه الذي قدم له الكثير من الخبرة والمعرفة.
وقال برهومة “إن أستاذي وصديقي ورفيقي الدكتور أحمد ماضي عاشق للحياة بامتياز. وما التصاقي به إلا من أجل أن أتتلمذ على يديه، من جديد، في مدرسة الأمل. إنني أتذكره كلما داهمته لحظة حب غامرة يقول بلسانه الفصيح ووجهه المتورّد (الحياة جميلة يا صاحبي)”.
وأضاف “ولا أزيد شيئا إن قلت إنه المعطاء، المحب، الحنون، المتسامح، الدقيق حد الحرفية، الحازم الصارم، صاحب الذاكرة الثاقبة، والقلب المضمّخ بالشذى، والمأهول بالجمال، وبخاصة جمال النساء اللواتي يمزّقن شغاف روحه، ويلوّعنه، ويجددن شباب فؤاده، حتى ليبدو فتى يافعا يناهز من العمر سبعين ربيعا”.
وختم برهومة كلمته، مخاطبا الدكتور ماضي:
“أستاذي الجميل والأنيق:
يستبدّ بي محمود درويش في هذه اللحظة المكثفة بالشغف، فلا أستطيع منه فكاكا، لذا أخاطبك بما خاطب به صديقا حميما نادرا مثلك:
أحبك، إذ أحب طلاق روحي
من الألفاظ، والدنيا هديلُ
……
لنا جسدان من لغة وخيل
ولكن، ليس يحمينا صهيلُ”.
وتخلل الحفل، الذي تميز بالأناقة والحفاوة والذي أعقبه حفل غداء، قطع “كيكة” بمناسبة عيد ميلاد الدكتور ماضي الذي صادف في يوم التكريم نفسه. كما قُدم له درع من طلبته الذين وزعوا على طاولات الحضور ميدالية عليها صورة الدكتور أحمد ماضي، في خطوة بالغة الوفاء والتقدير.
وكانت ألقيت كلمات وقصائد، وعزفت مقطوعات موسيقية عبرت في مجموعها عن الأثر الكبير الذي لا يمحى للدكتور ماضي في نفوس طلبته، وقلوب محبيه
( في المرصاد )