مرجعيات القرأة والتأويل عند نصر حامد أبو زيد


عمر كوش

يبحث اليامين بن تومي في كتابه “مرجعيات القراءة والتأويل عند نصر حامد أبو زيد” بالإطار المرجعي الذي دارت حوله كتابات أبو زيد، ويطرح من خلاله إشكالية النص والقراءة، عبر ما تبلور من نظريات وتيارات نقدية في ما يسميه “المصبّات الغربية”، التي استند إليها أبو زيد في قراءته للتراث، ومكنته من بناء مقاربته للنصوص التراثية العربية الإسلامية، واختراق دلالاتها ومضمراتها الخفية.

ويقرر المؤلف بأن مرجعيات أبوزيد متأرجحة بين المنحى الإيديولوجي، والخيار العقلاني، والاتجاه الصوفي، وأن تلك المرجعيات متمحورة حول آلية الحوار بين العقل والنص، ومقتدية بالفكر الغربي التنويري ذي النزعة الرشدية، ومسترجعة للخط الاعتزالي العقلاني، مع أنه يقرّ استعارات أبو زيد، بوصفها أمراً مفروغاً منه، بل وعملاً طبيعياً وضرورياً، ومن مستلزمات حركة التثاقف أو المثاقفة.

ثم يسحب الأمر نفسه النهضويين العرب التنويريين، أمثال سلامة موسى وطه حسين وأمين الخولي ومحمد أحمد خلف الله، وسواهم. كان الهاجس الرئيس لدى الراحل نصر حامد أبو يزيد، يتمحور حول كيفية استنهاض الإنسان العربي، من خلال وضعه ضمن رهان الوعي المعاصر، بمختلف إشكاليات الإنسانية والحرية، والنظر إليه بوصفه كائناً فاهماً، ضمن حدود تصرفه مع النصوص، ولا تتحقق إنسانيته إلا في إطار وعي عام بمسألة الحرية، وأن يكون حراً ضمن شروط وجوده كائناً لغوياً، مع الأخذ بالاعتبار أن الوعي هو مفتاح الفهم، ورأسمال رمزي للإنسان، ومتعلق بما يكونه إنساناً، وبما يشكل فهم الإنسان لعالمه ومحيطه، أو للمجال الثقافي الذي ينوجد فيه.

ويرى المؤلف أن جهود نصر حامد أبو زيد تفرقت في التوليف بين التأصيل وإعادة بناء الأصل في شكل جديد، وفق مناهج البحث الغربي، وتوجب عليه القيام السعي إلى إحياء التراث في أرقى صوره، إلى جانب فض النزاع، الذي نشب تاريخياً بين الأنا والآخر. وعليه، سعى إلى تحقيق مبدأ التكامل المعرفي في دراسة التراث الإسلامي، وذلك بربط الدراسات القرآنية بمجال تداولي أوسع، يضمن لها الوعي الكلي، ويفتح بعض مستغلقاتها.

وقد حدد الهدف من كتابه مفهوم النص في إعادة ربط الدراسات القرآنية بمجال الدراسات الأدبية والنقدية، بعد أن انفصلت عنه في الوعي الحديث والمعاصر نتيجة لعوامل كثيرة، أدت إلى الفصل بين محتوى التراث، وبين منهاج الدرس العلمي. ولكن ذلك لا يمكن أن ينفذ إلى الدراسات القرآنية، بحسب بن تومي، لأن القرآن هو من دفع علومه إلى التخلق. وهو من استنبت هذه العلوم لضبط الأفهام، التي قد تقع في تلبيس بعض المظان الحجاجية للنص بشكل عام.

كما استنبت هذه الفهوم، المتأخرة زمنياً، من خلال قيم بعيدة عن مدركات النص ومحيطه المعرفي، وبالتالي فإن كتاب “مفهوم النص” يخوض في إشكالية “المفهوم الفعل”، الذي طرح إيديولوجيا وفق منطلقاته الأساسية، الأمر الذي أفضى إلى تضارب واضطراب في المطارحة المعرفية، الفهمية بالأساس.

مرجعيات

يحدد المؤلف مرجعيات أبو زيد في القراءة والتأويل في مبدأ التكرار، المتمحور أساساً حول السيناريو، الذي عرفه العقل والنص. وهذه الآلية تشتغل على طول خطابه الباحث في المجال الديني، حيث يعلق الدال المكون أصلا من ثنائية، المركز الهامش، لتدور باقي الصراعات لغوية، ومنها قضية المجاز، وتوسيع التشريع على السنة، والصراع على السلطة.

وجميعها تدور على محور واحد، متجسد في مبدأ التكرار لاشتغال الثنائية. ثم هناك مبدأ المقايسة، ويحكمه البحث في الآخر الغربي عن حلول أو إجابات صريحة عن انهيار منظومتها الثقافية، وعن انسداد المجال الحضاري لقبول الآخر في معطياته الفكرية، ومن ثمة اتخاذه قدوة نتيجة سيطرة النزعة الرشدية على العقل الغربي.

المؤلف في سطور

اليامين بن تومي، كاتب جزائري، يعمل أستاذ تحليل الخطاب والآداب العالمية بجامعة فرحات عباس في سطيف الجزائرية. نشر بحوثاً عدة في مجلات عربية، كما أنه عضو محكم في مسابقات نقدية وشعرية عديدة، عضو وحدات بحثية داخل الجامعة المذكورة له مجموعة من الأعمال، مثل “مرجعيات القراءة والتأويل قراءة في مشروع نصر حامد أبو زيد، و”البروكسيميا في السرد العربي؛ قراءة في دوائر القرب”، وممكنات النهضة في الجزائر”، كما له مجموعة من الأعمال الروائية.

الكتاب: مرجعيات

القراءة والتأويل

عند نصر حامد

أبو زيد

تأليف: اليامين

بن تومي

الناشر: منشورات

الاختلاف

ودار الأمان

الرباط 2012

الصفحات:255 صفحة

القطع: المتوسط

 

– البيان

شاهد أيضاً

“المثنوى”و”شمس” من كُنوز مَولانا الرُّومي

“المثنوى”و”شمس” من كُنوز مَولانا الرُّومي منال رضوان     المثنوى المعنوى، وديوان شمس لمولانا جلال …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *