سميرة عوض
وقعت الشاعرة والكاتبة الاردنية زليخة ابو ريشة كتابها ‘أنثى اللغة’: أوراق في الخطاب والجنس’، وذلك في جناح ‘دار نينوى’ في معرض الكتاب الدَّولي المقام في عمان، وقدمت تجربة ابو ريشة الناقدة الاردنية رفقة دودين.
و تستكمل الباحثة في هذا الكتاب أطروحتها التي بدأتها في كتابها السابق ‘ اللغة الغائبة: نحو لغة غير جنسوية’ (1996 ، مركز دراسات المرأة، عمان). والكتاب مجموعة أوراق بحثية كتبتها المؤلفة في أثناء وجودها في مدينة إكستر البريطانيّة وشاركت بها في عدد من المؤتمرات المتخصّصة، لعلها ترسم حرفاً في مجلد النقد اللغويّ النسويّ والدراسات النِّسويّة القادمة، كما تقول.
يقع الكتاب (200 ص) في تقديم وتمهيد وأربعة فصول وإثني عشر ملحقاً. ويعالج الفصل الأول ‘أزمة المصطلح النِّسويّ ودور المعجم’ حيث يسود اضطراب المصطلح وغياب مفاهيمه المؤسِّسة للخطاب، وتورُّط المعجم – بالعربية والإنجليزية بالفكر الجنسويِّ الذي يُقصي المرأة/ الأنوثة/ التأنيث. ويقترح الفصل معجماً عربيّاً نِسويّاً تُعالَج فيه المفاهيم ومفردات اللغة النِّسويَّة. ومن أجل ذلك تعرِّف الباحثة عدداً من المصطلحات والمفاهيم المتّصلة بالفكر النِّسويّ ورؤاه.
أما الفصل الثاني فيعالج تحت عنوان ‘تحدِّيات الدراسات النِّسويَّة في القرن الحادي والعشرين’ موضوع ‘مأزق اللغة وأسئلته الجوهريَّة’، حيث يتلخَّص السؤال الميثولوجيّ في مكانة الأنثى في المجتمعِ الأموميّ وتأليهها وأثرها الافتراضيّ في اللغة، إذ ليس تأنيث المفردات الإيجابيّة الدّلالة في اللغة (كالرّحمة والسعادة والمحبّة والحكمة….) إلا صورة فكريَّة وروحيّة وذهنيَّة لتأنيث الإلاهات. وما حملها لدلالات سالبة (كالخيانة والنّقمة والرّداءة…) إلا صورة فكريّة وروحيّة وذهنيّة لتذكير الآلهة. وأما السؤالان الثقافي/ السوسيولوجي والتراثيّ فتضرب عليهما مثلاً فكر عباس محمود العقّاد وموقفه المعادي للمرأة والذي سعى إلى أدلجته في غير كتاب واحد. وكذلك فكر أبي حامد الغزاليّ الذي عبَّر عنه في فصل ‘آداب النِّكاح وكسر الشَّهوتين’ في كتابه الشَّهير ‘إحياء علوم الدّين’. كما أشارت الكاتبة إلى مرَضَيْ ‘كره النساء’ و’رِهاب المرأة’ في بعض الأحاديث المنسوبة إلى النَّبيّ (ص)، وفي بعض الأمثال العربيَّة.
ويتناول الفصل الثّالث عدداً واحداً من صحيفة ‘القدس العربيّ’ اللندنية متَّخذَته مثلاً على الصَّحافة العربيَّة، لتُحلِّل صورة المرأة فيه تحليلاً كمّيّاً ونوعيّاً ولتُظهِر مسرحَ الصّحيفة – ومن ثمَّ مسرحَ الحياة – كمؤسَّسة ذكوريّة، وكذلك العنف والحروب، حيث تُغَيَّب المرأة تغييباً منهجيّاً، وتحتلُّ القوَّةُ اللغةَ والتعبير.
ويتناول الفصل الأخير اللغة وذكوريَّتها في رواية المرأة العربيّة ‘ذاكرة الجسد’ لأحلام مستغانميّ نموذجاً’. حيث يعرض أولاً لقضيَّة ‘النَّحل’ في إبداع المرأة العربيَّة، والمشكلة التي نشبت بين الروائيَّة أحلام وأحد الصحافيين التوانسة والشّاعر العراقيّ سعدي يوسف على خلفيّة الزَّعم أنَّ الأخير هو الذي كتب لها روايتها الآنفة الذّكر. ثمّ يقدّم الفصل تحليلاً بنيويّاً للغة الرواية المثقلة بذكوريَّة الخيال والمفاهيم؛ فمع أنّ الكاتبة امرأة ‘إلاّ أنّها قدّمت نفسها إلينا في ثوب ذكر وعقله’ على حدّ قول الباحثة.
ويضمّ الكتاب في الملاحق معظم المقالات والتّصريحات الصحفيّة التي دارت حول ‘حقيقة مؤلّف’ ذاكرة الجسد. هذا، ومن الجدير بالذّكر أن النّقد اللغويّ في حقل الدراسات الجندريّة (النِّسويّة) مايزال شحيحاً. ويعتبر هذا الكتاب إضافة نوعيّة فيه.
– القدس العربي