حضور “وليد سيف” في التغريبة الفلسطينية!

(ثقافات)

حضور “وليد سيف” في التغريبة الفلسطينية!

زياد أحمد سلامة

 

مقدمة:

   مَنْ منا لم يشاهد مسلسل “التغريبة الفلسطينية” ـ لا سيما في بلاد الشام ـ حيث التفاعل المباشر مع الحدث الفلسطيني ـ هذا العمل الأدبي الذي تم عرضة عام 2004 والذي ما زال يحقق حضوراً ومشاهدة طيلة هذه المدة، وصار نقشاً في الذاكرة لا ينمحي مع مرور الأيام، لقد تكرر عرض المسلسل عشرات المرات؛ وفي كل مرة يثير المواجد نفسها والانجذابَ نحو تلك الأحداث وما صاحبها من أسى وشقاء ومكابدات رافقت مسيرة عائلة (صالح الشيخ يونس) بأجيالها الثلاثة منذ عام 1933 وحتى 1967   عام الهزيمة النكراء.

  هذا العمل ظهر أخيراً بشكله الروائي، إذ أصدر الأديب الكبير “وليد سيف” مسلسله ذاك روايةً مقروءة عام 2022 وقد تكونت الرواية من جزئين، وبنحو ألف صفحة.

(1)

شخصيات العمل بين الحقيقة والخيال

   في هذا العمل رأينا وقرأنا أشخاصاً كثيرين كانوا الواجهة المرئية والمقروءة لأشخاص حقيقين، صحيح أنه لم يتحدث عن كل حياتهم، ولم يكن ترجمة لهم، ولكن شخصيات أولئك الحقيقيين تداخلت مع أبطال العمل الفني،

 رأينا “جدة” الدكتور وليد في “أم احمد” كما أشار الدكتور في كتابه “الشاهد المشهود”

 ورأينا “والدة” الدكتور وليد في “فتحية زوجة أبي صالح” فكلاهما من حيفا ومن أصول “مدنية” وتزوجتا “من فلاحين” (الشاهد المشهود ص 113)

 حتى أم سالم التي أخذت وسادة بدل ابنها أثناء الاضطراب والخوف والسرعة عند حدوث الهجرة عام 1948.

   أهم شخصية كان لها حضورها اللافت شخصية الدكتور “محمود إبراهيم” وهو عمُّ الدكتور “وليد” وذو تأثير أدبي كبير وواضح عليه، رأيناه في شخصية “علي”، وبمناسبة الحديث عن شخصية هذا العالِم الكبير، لا يفوتنا أن نذكر أن شخصية “علي” في المسلسل لم تكن كلها شخصية الدكتور “محمود إبراهيم”، وإن كان فيها الكثير من شخصيته، ولا بأس هنا أن نذكر تقاطع شخصية (علي) مع الدكتور “إحسان عباس” الناقد الأدبي العالمي، فكلاهما جاء من أصول فقيرة ريفية وذهب “علي” إلى عكا للدراسة الثانوية؛ وذهب “إحسان” إلى حيفا، وكلاهما كان يذهب للمدرسة بثوبه الفلاحي الرث (القمباز) وكانا شديدي الذكاء ومن البارزين في دراستهما، وقد لفت لباس إحسان عباس المخالف لبقية الطلاب نظر أحد أستاذته في المدرسة فطلب منه أن يلبس كبقية الطلاب.  وكذلك كل من “إحسان عباس” و”علي” درس في الكلية العربية في القدس، وكلاهما أتم دراساته العليا خارج فلسطين.

رأينا أبا عزمي، والدكتور أكرم، وأبا عايد، والمختار وغيرهم يمثلون شخصيات حقيقية عاشت آنذاك ولكن لمَّا كان حالها يشابه حال المئات من الفلسطينيين فلا يهم أن نبحث عمَّن تكون شخصياتهم الحقيقية.

(2)

ما بين “وليد” و “صلاح” لقاء ومفارقة!

  رأينا مقاطع كثيرة من حياة “وليد سيف” نفسه تتقاطع مع شخصية “صلاح” أحد أبطال الجيل الثالث من عائلة (أبي أحمد، صالح الشيخ يونس).

أهم ما يلتقي “وليد سيف” مع “صلاح” ويفارقه، أن كليهما كان ذكياً ومتفوقًا في دراسته، في مجالي الدراسة العلمية والأدبية، وأن كليهما كان ذا مواهب أدبية لا سيما في قول الشعر ونشره في وقت مبكر في الصحف والمجلات آنذاك، ولكنهما سيفترقان في نوع الدراسة الجامعية، فـ “وليد سيف” سيذهب في بعثة دراسية للجامعة الأردنية لدراسة اللغة العربية وآدابها في كلية الآداب، بينما يتجه “صلاح” لدراسة الطب في مصر، ولكن بدعم من أعمامه الذين أنعم الله عليهما (علي ومسعود)

  “صلاح” شاب وُلد قبيل النكبة ببضع سنوات، وعاش التهجير واستقر مع عائلته في “مخيم طولكرم” وكان يتمتع بذكاء شديد ويتمتع بوهبة أدبية جعلته معروفاً في المخيم وموضع إعجاب وتقدير من أهاليه، وكان ينشر قصائده في الصحف والمجلات في الضفة الغربية حتى وهو في المرحلة الدراسية الثانوية، “صلاح” كان متمرداً على الواقع الذي عاشه وتعيشه أسرته وبقية الأسر التي وجدت نفسها تعاني الفقر والضيق الذي سببته الهجرة وضياع ما كانوا يملكونه في “البلاد” رغم قلته، وكان يشكو من شعور الاستعلاء الذي مارسه أحياناً بعض “الوطنية” تُجاه المهاجرين المنكوبين، و”الوطنيون” هؤلاء هم سكان الضفة الغربية التي تبقت من فلسطين ولم تمتد إليها يد العدو الصهيوني الذي أخذ نحو أربعة أخماس (فلسطين التاريخية؛ كما صرنا نسمع وصفاً لها مؤخراً)، وللأسف فإن النكبة الكبرى عام 1967 جعلتهم في الهم والاحتلال سواء.

  “صلاح” رغم مواهبه الأدبية المتميزة الواعدة اختار الدراسة العلمية على الأدبية، فدرس الطب في مصر، وعايش “النكسة” عام 1967، وتعبير النكسة لفظ مهذب لوصف الكارثة الكبرى التي لا يمكن وصف حجم الكارثة التي لحقت بالأمة العربية ذلك العام البائس.

 وليد سيف شديد الشبه بصلاح، فهو قد ولد قُبيل النكبة بأشهر قليلة، ونشأ في بيت يطل على المخيم، ودرس في المدرسة “الفاضلية” التي درس فيها صلاح، وكان يتردد على مركز الشباب الاجتماعي في المخيم ويشارك الشباب (المُهَجَّرين) انشطتهم الثقافية؛ كما كان صلاح يفعل… فهناك قواسم مشتركة كثيرة بين الشخصيتين؛ الحقيقية والخيالية ابنة الرواية.

(3)

مع العم: ” محمود إبراهيم ” و”علي الشيخ يونس”!

  رأينا “الأستاذ علي” يعتني بابن أخيه “صلاح” ويرعى موهبته الأدبية الناشئة ويحرص على تقويم لغته لتخلو من اللحن، يقول د. “وليد” في “الشاهد المشهود” ص  عن عمه الدكتور “محمود إبراهيم” 126:” تعهدني صغيراً قبل أن يتزوج وينشئ أسرته الخاصة، وأَغْدَقَ عليَّ من محبته ورعايته فوق ما يغدق الأب الحاني على ولده، وأدرك ميولي الأدبية والإبداعية مبكراً وأنا بعد في الصفوف الابتدائية، فآمن بها مصدقاً، وأرشدني كيف أرعاها حق رعايتها حتى تستغلظ وتستوي على سوقها، وعلمني الاهتداء بنجوم الأدب الخالد لمعرفة الوجهة والطريق في رحلة البحث عن صوتي وذاتي، فكان يدلُني عليّ، ويرشدني إلىّ”. ويكمل د. سيف: “كان لي العم والأخ والمعلم الأكبر الأَجَلَّ والخِلَّ الأدنى” (الشاهد، ص 131).

  كذلك رأينا وفاء د. سيف تُجاه عمِّه رحمه الله في مسلسل “صلاح الدين الأيوبي” إذ أسقط هذه العلاقة الوثيقة على شخصية “شيركوه” عمِّ صلاح الدين؛ يقول “سيف”:” لم أقرأ العلاقة الحميمية الخاصة بين “شيركوه” وابن أخيه “صلاح الدين” بِحِيَدَةٍ عاطفية، فوجدتني أكتبها بكل ما يحمل صدري من مشاعر خاصة تجاه العمومة في أروع صورها وأسمى معانيها، كما تجلت في تجربتي الخاصة مع عمي محمود” (الشاهد، ص 132).

(4)

عبد الرحيم العلي:

  ذكر الدكتور “وليد سيف” في “الشاهد المشهود” وهو يصف بلدته طولكرم علاقته بالسيد “عبد الرحيم العلي” صاحب مكتبة في البلد فيقول (الشاهد، ص 53 والتغريبة الحلقة 25) وقال بأنه إكراماً لهذا الرجل ذكر اسمه في “التغريبة الفلسطينية”.

  رأينا “صلاح” في التغريبة يستعير كتباً من مكتبة “عبد الرحيم العلي” فأثناء الحوار بين أفراد عائلة أبي أحمد وبوجود عمه “علي” بعد تخرجه من الجامعة الأمريكية في بيروت حاملا درجة البكالوريوس في الفيزياء بدرجة امتياز، وكانت العائلة في غاية السعادة وقد تشعب الحديث ليأخذ مواضيع شتى، فيخاطب أبو صالح ابنه صلاح متفاخراً به ويقول له:

ــ لازم تبقى تورِّي عمك اللي بتكتبه.

فتتدخل أم صالح وتقول: ــ بس كاسر ظهر أبوه في شِرا الكتب والمجلات… ولما بقوله بكفِّي اللي صار عندك، زي اللي بكون كفرت. عصبي كثير..

وبعد سلسلة حوارات بين أفراد العائلة، يعود صلاح إلى الكلام مسوغاً لنفسه (عملية الحصول على الكتب) فذكر أنه لا يحصل على الكتب دائماً بالشراء، فكثيراً ما يتبادل الكتب مع أصحابه. وأحياناً يعيد الكتاب الذي قرأه لصاحب المكتبة، “عبد الرحيم العلي”، ويأخذ غيره، ولا يدفع إلا فرق الاستعمال، والرجل طيب النفس ويثق به فيمكن أن يؤجل السداد حتى تتوفر النقود، (رواية التغريبة، ج2، ص 303) وفي المسلسل والرواية يذكر من الشعراء الذين قرأ لهم: الشابي والسياب ونازك الملائكة وأحمد عبد [المعطي حجازي] (ص 305 الرواية).

 في رواية “التغريبة الفلسطينية / ج2 ، حكايا المخيم” سنرى ما كان من “صالح” وعلاقته بمكتبة “عبد الرحيم العلي” والحركة الأدبية آنذاك، يقول الروائي وليد سيف على لسان حال “رشدي” ابن عمة “صلاح” وهو ينظر إليه بإعجاب بعد نقاش عاصف حول الوجودية أحرج فيه رشدي صلاحاً:

  ــ لا، لم يكن اللؤم ولا الغيرة دافع رشدي لإحراج ابن خاله، بل هو معجب وفخور به حقاً، وكيف ينكر موهبته المبكرة وهو ينشر نصوصه الشعرية والقصصية في مجلة الأفق الجديد التي تصدر في القدس، وينشر فيها أهم الأدباء على ضفتي الأردن، وينشر كذلك في الصحف اليومية وملاحقها الثقافية، دون أن يعرف المحررون والأدباء أن “صلاح أحمد الشيخ يونس” ما يزال طالباً في الثانوية (الرواية ج2 ص 346).

  وعن صاحب المكتبة يقول “وليد” عن “صلاح”: وبالطبع، كلما أرسلَ نصاً للنشر، كان يبكر متلهفاً إلى مكتبة الرجل الطيب “عبد الرحيم العلي” لالتقاط الصحيفة أو المجلة في الموعد المنتظر، ثم يسرع في البحث عن اسمه ونصِّه فيها، فإذا وجدهما مشى بعد ذلك في الناس وقد طالت قامته شبراً أو شبرين! (الرواية ج2 ص 346).

 وفي” الشاهد المشهود” يكمل سرد تأثير وفضل هذه المكتبة وصاحبها عليه فيقول: ولولا تلك المكارم من ذلك الرجل النبيل، لما أُتيح لي في وقت مبكر أن أتعرف على سارتر وكامي وكولن ولسون وأن أقرأ روايات نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس ويوسف السباعي، وكتب طه حسين والعقاد وأحمد أمين ولويس عوض ورجاء النقاش، وشعر شوقي وحافظ والشابي وإيليا أبو ماضي وجبران وإبراهيم طوقان ثم صلاح عبد الصبور وأحمد عبد المعطي حجازي والبياتي ونازك الملائكة والسيَّاب، أن أتابع كل عدد جديد من مجلة الآداب ومجلة الأفق الجديد التي كانت تصدر في القدس وتؤسس لحركة أدبية أردنية فلسطينية غنية، وما كان لموهبتي الشعرية أن تتفتح وتنمو في وقت مبكر لولا تلك القراءات التي أتاحها لي كرم الرجل ومروءته: ( الشاهد، ص 54).

  تحدث “صلاح” انه نشر عدداً من القصائد في الصحف والمجلات آنذاك، وهذا ما كان من “وليد سيف” فعلاً، فقد نشر عددا من القصائد والمقالات في الصحف آنذاك منها:

  1. الشابي وأثره في التجديد، صحيفة الجهاد المقدسية 17/10/1964 ص 4، مقال نقدي

  2. نهاية المطاف، صحيفة المنار المقدسية، 22/10/1964 ص 4، زاوية “في روضة الشعر” قصيدة عمودية.

  3. من أمراضنا الاجتماعية، صحيفة الجهاد، ص 4، مقال

  4. التجربة الجديدة، صحيفة المنار، ص 4، زاوية “في روضة الشعر” قصيدة تفعيلة.

  5. سيموت الخريف، صحيفة الجهاد، 21/2/1965 ص 4 قصيدة عمودية.

ونشر في مجلة الأفق الجديد (التي أشار صلاح إلى انه نشر فيها) القصائد التالية:

  1. سماء تأبى أن تموت. الأفق الجديد آذار 1965 ص47

  2. أغنية إلى بلدي” مجلة “الأفق الجديد” ع 12 س 5 (1965) ص 38 ـ 40

  3. حروف من الجرح، الأفق الجديد، ع 2، س 5، ص 44و45

ونشر قصة قصيرة في مجلة الأفق الجديد عام 1966.

(5)

ابحث عن سارتر

  شَعَرَ “صلاح” وهو في مقتبل العمر بالضياع والغربة والتأزم بعد أن تلقى تقريعاً من أخيه “صالح” على خلفية علاقة “صلاح” بالفتى صاحب المشاكل “عطية” وكيف أن مواجهة بين “صلاح” وعدد من الشبان كادت أن تسبب لصلاح خسارة جسدية جسيمة لولا تدخل “عطية” الذي تغلب على أولئك الشباب بإشهار (الموس) في وجوههم وإصابة أحدهم، وهنا تحمل “عطية” المسؤولية كاملة أمام الشرطة فأنقذ صاحبه “صلاح” من السجن، بعد هذا التقريع من الأخ الأكبر “صالح” خرج من البيت هائماً في شوارع المخيم وسهول طولكرم، فجلس على صخرة وهو يصارع مشاعره المقهورة، ولما جاءه ” رشدي” جرى بينهما حديث عن “التأزم” وأثناء الحديث قال لرشدي “وهو يرمقه مصارحاً إياه بأن أصل تأزمه أنه ناقم على نفسه ومخيمه، وأنه يريد أن يتحرر منه ومن وصمته في أسرع وقت، وأنه يرى نفسه أكبر منه، بل أكبر من طولكرم كلها، ولذا يرى الناس جميعاً خصوماً وكأنهم تآمروا عليه شخصياً، ولكن ، أولى به أن ينقم على من اقتلعوه وقومه ورموا بهم إلى المخيم ( ص 382 الرواية)

 وهذا يذكرنا بقصيدته المبكرة عن طولكرم “أغنية إلى بلدي”  المنشورة في مجلة “الأفق الجديد ع 12 س 5 (1965) ص 38 ـ 40” عندما كان عمره سبعة عشر عاماً؛ يتحدث عن مدينته “طولكرم” ويظهر تذمره من واقعها واليأس الذي سببت له ما سببت من الجهل والعذاب، يقول في قصيدته:

” سئمتُ دروبك يا طول كرم

تعشش فيها عناكب يأس وينداح فيها نعيق غراب

سئمت الأصابع تصلب فيك وتذوي على صفحة من جدار

وتغزل كفك يا بلدتي”

وفي نهاية هذه القصيدة ويقول:

” متى يشرق النور يا طولكرم

متى ترجع الصهوة الدامية

تذب عن القلب وخز الذباب

تجرده من ستور الضباب

وأين لنا الفارس الغارب

ليصنع من قش أجوافنا

لهيباً يحرك أقدامنا

إلى القيم الحقة الخالدة

ويخرج من صدره الشمس خضراء يزرعها في سماء خصيبة

ويهدم جدراننا الجامدة”

صحيح أنه يمكن قراءة النص على أنه تفجُّع على واقع الأمة العربية، ولسكونها وعدم تفاعلها مع الحياة لتنهض وتتقدم، وأنه ينتظر الفارس الذي سينقذ هذه الأمة ويخلصها من واقعها، ويبدو أن قراءات “وليد سيف” و “صلاح” لمذهب الوجودية الفلسفي هي التي كانت خلفية في ولادة هذه القصيدة، وذاك التأزم الذي عايشه “صلاح” ودفعه للحيرة والشرود على تلك الصخرة في سهول طولكم، وذلك الحوار الذي دار بينه وبين رشدي، وهذا ما نسمعه من رشدي، الذي قال:” الواقع أنك متأزم.. وأنا متأزم.. وغيرنا كثير… اللي مش واقع إنه أزمتنا هي أزمة أبطال سارتر اللي بتحكي عنهم كثير.. هذا وهم.. على الأقل بالنسبة إلنا. الواقع إنه قضيتنا قضية وطن مسلوب ومجتمع بعاني من التخلف.. اللي مش واقع في حالتنا هيِّة قضية الإنسان المطحون في المدينة الصناعية القاسية” (الرواية ج2 ص 382).

  فعلاً لم يكن تأزم “وليد” أو “صلاح” تأزماً طبيعياً ناتج عن صراع الذات مع مسببات التأزم في العالم الغربي كما هو تأزم أبطال سارتر، بل هو تأزم مصطنع، وأما ما يدعو إلى الصراع مع النفس أو التأزم مع الواقع فله مسببات أخرى: ضياع البلاد والتخلف والفساد وما نتج عن الاحتلال.

(6)

أخيرا

  من الطبيعي أن يعطي الكاتب شيئاً من حياته ومعاناته وآماله وطموحاته ونجاحاته وإخفاقاته لأبطاله، وأن يستقي أحداث روايته من خبراته في الحياة مما قرأ ورأى وسمع، والإبداعُ الصحيح المتميز يكون في بث الحياة في هؤلاء الأشخاص وفي ربط هذه الأحداث وتلكم الشخصيات ربطاً فنياً محكماً يجعل منها ذات حضور ورسوخ في ذاكرة المتلقي، وهذا ما صنعه “وليد سيف” في روايته ومسلسله الخالد “التغريبة الفلسطينية” ومن بعد في روايته التي تحمل الاسم نفسه، وهذا ما عشناه مع “صالح” ابن الجيل الثالث في التغريبة والذي دلنا على آلامنا ومراراتنا وهزائمنا المادية والنفسية خلال عشرين سنة من عمر القضية الفلسطينية، في الفترة الممتدة منذ ولادة صالح (قبيل نكبة 1948) وإلى (بُعيد نكسة 1967).

زياد أحمد سلامة

ziadaslameh@yahoo.com

5/12/2022

شاهد أيضاً

لا شيءَ يُشبه فكرَتَه

 (ثقافات)  نصّان  مرزوق الحلبي   1. لا شيءَ يُشبه فكرَتَه   لا شيءَ يُشبه فكرتَه …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *