(ثقافات)
هشام الدباغ
الاعلامي والروائي والشاعر والمثقف المتصوف
بقلم : الاعلامي عامر الصمادي
يعتبر الاعلامي الاردني هشام الدباغ واحدا من ابرز الاعلاميين العرب الذين تركوا بصمات واضحة في العمل الاذاعي والتلفزيوني العربي على مدى خمسة عقود خلت ،وكان له حضور لافت على الشاشات ووراء الميكرفونات بسبب نوعية البرامج التي اعدها وقدمها، بالاضافة الى الثقافة العالية التي تميز بها وتنوع المهارات التي يتقنها والمجالات التي طرقها ، فقد جمع بين الاداء الاعلامي الراقي والثقافة العالية والاطلاع الواسع، فكان من اوائل من تخصصوا باعداد وتقديم البرامج الثقافية والفنية ذات المستوى العالي بالاضافة الى خوضه لمجالات فنية اخرى مثل التمثيل وكتابة الروايه والشعر والتعمق الديني المتصوف ،ووصل به الامر حد تفسير القرآن الكريم من زاوية صوفية .كما ان تنقله بين عدد من المحطات التلفزيونية والاذاعية في عدد من الدول العربية اتاح له ان ينهل من مصادر متعددة من مصادر العلم والمعرفة والاستفادة من تجارب الكثيرين ممن زاملهم او عمل معهم .ورغم استقرارة منذ ما يقرب من عشرين عاما في دولة الامارات العربية المتحدة الا انه بدأ يعود مؤخرا الى الاردن للمشاركة بالحياة الثقافية والاعلامية من خلال تقديم العديد من البرامج الاذاعية في عدد من الاذاعات الاردنية والقاء المحاضرات في عدد من المنابر الثقافية ،خاصة ما يتعلق بالتصوف والنظرة الجمالية للحياة .
ولد الدباغ في مدينة يافا عام الف وتسعمائة وثمانية وثلاثين وهو حاصل على درجة الدكتوراة في الفلسفة الاسلامية من جامعة البنجاب في باكستان وعلى درجة ماجستير في الفلسفة الإسلامية من نفس الجامعة. كما أنه حاصل على درجة الماجستير في التاريخ من جامعة القديس يوسف في بيروت.
بدأت مسيرته الإعلامية عندما كان طالبا في قسم الفلسفة بجامعة دمشق وكان ذلك في عهد الوحدة بين مصر وسوريا عام 1961 حيث أعلنت الإذاعة السورية عن مسابقة عامة لتعيين مذيع وتقدم للمسابقة ما يقرب من اربعمائة متسابق وفاز هو بالمركز الاول وتم تعيينه مذيعا في الإذاعة السورية، وكان ضمن المهام التي انيطت به تقديم الرئيس جمال عبد الناصر للجماهير ومستمعي الإذاعة ،مما حدا بالرئيس عبد الناصر ان يوفده للدراسة في معهد التدريب الإذاعي في القاهرة وكذلك للعمل في إذاعة فلسطين التابعة لاذاعة صوت العرب خلال فترة الدراسة في المعهد، وبعد انتهاء الدراسة عاد لاستئناف عمله الرئيسي في إذاعة وتلفزيون دمشق. وصدف ان شاهده وكيل وزارة الإعلام الكويتية الشاعر أحمد السقاف وهو يقرأ الأخبار من تلفزيون دمشق فطلب منه العمل في اذاعة وتلفزيون الكويت ، وكان ذلك في أواخر عام 1962 ،وبقي يعمل مع وزارة الإعلام الكويتية فترة طويلة مذيعا للأخبار ومقدما للبرامج الثقافية والمنوعة حتى عام 1974 (حسبما روى لي في مقابلة شخصية معه) الى أن حضر العاهل الاردني الملك الحسين في زيارة رسمية لدولة الكويت ، حيث أجرى معه هشام الدباغ مقابلة تلفزيونية اعجب من خلالها الحسين بشخصية هشام فطلب منه أن يلتحق بالعمل في التلفزيون الأردني مديرا للبرامج الثقافية ومذيعا للأخبار، فتقدم باستقالته لوزارة الإعلام الكويتية الا انها رفضت من قبل وزير الإعلام الكويتي الشيخ جابر العلي وتم الحاقه منتدبا للعمل كملحق اعلامي في سفارة الكويت في عمان مع قبول الوزارة ان يتم التنسيق بين عمله مذيعا وكملحق اعلامي في السفارة الكويتية في عمان ،وبقي بهذين العملين حتى عام 1989 حيث تم انتدابه للعمل في تلفزيون دبي ثم تم بعد ذلك انتدابه للعمل في تلفزيون ابو ظبي لمدة تسع سنوات ثم عرض عليه الشيخ سلطان القاسمي حاكم الشارقة أن يعمل استاذا للإعلام في جامعة الشارقة حيث عمل لمدة خمس سنوات وبعد ذلك عمل خبيرا اعلاميا مع الأمم المتحدة وسفيرا للنوايا الحسنة وكان مركز عمله في السودان، ثم عمل مع تلفزيون سفن ستارز في الاردن، و عمل بعدها في عدد من الإذاعات الأردنية منها اذاعة المملكة الاردنية الهاشمية و اذاعة الجامعةالأردنية وإذاعة هوا عمان التابعة لأمانة عمان الكبرى و إذاعة مجمع اللغة العربية الأردني، وما زال له عدد من البرامج المسجلة التي تبث حتى اليوم من بعض هذه الاذاعات .
خلال مسيرته الاعلامية عمل الدباغ بالتمثيل السينمائي حيث قام ببطولة فيلم تركي بعنوان “رجل من الأردن” و فيلم مصري بعنوان “من أجل العودة” وقد شاركته البطولة فيه الفنانة صفاء ابو السعود وسافر بعدها الى هوليوود للعمل مع النجمة لوريتا يونغ في السينما لكنه لم يوفق في ذلك ، فساعدته يونغ على الظهور في الإعلانات التجارية الامريكية مما مكنه من تكوين ثروة لا بأس بها في ذلك الوقت،وبالتالي التفرغ فيما بعد لاكمال دراساته العليا والتنقل بين كثير من الدول دون ان يؤثر ذلك عليه او على عائلته . ويقول الدباغ ان هذه التجربة كانت سببا في كتابته لرواية(غرام في امريكا ) التي نشرها فيما بعد والتي استوحى احداثها من خلال تجاربه في العمل بالوسط الفني الامريكي والعيش هناك لفترة من الوقت .
درَس الدباغ التاريخ والحضارة الإسلامية وفنون الخطابة والإلقاء ومبادئ التحرير الصحفي في عدد من الكليات الجامعية وكلية التقنية العليا في مدينة العين وجامعة عجمان وجامعة الشارقة.
وهو عضو مؤسس في اتحاد الكتاب الأردنيين وعضو في مجمع اللغة العربية الأردني.
خلال مسيرته الاعلامية قدم الدباغ الاف الساعات الاذاعية والتلفزيونية ،وكان ما يميزة بها هو اللغة السلسة التي يتحدث بها والثقافة العالية والواسعة وقدرته على تبسيط المعلومات بحيث يفهما الصغير والكبير وبالتالي الوصول الى قلوب وعقول المشاهدين والمستمعين بسهولة ويسر ، وهذا طبعا اقصى ما يتمناه الاعلامي والقائمين على المؤسسات الاعلامية لان ذلك يمكنهم من الانتشار وبالتالي تكوين الشعبية والحضورالاعلامي المؤثر ومن ثم تحقيق اهدافهم التجارية او السياسية اذا لم تكن المحطة تعمل على اسس تجارية، فيكون لها تأثير على الرأي العام وتوجيهه لمصلحتها .
كما أعد وقدم برنامجا تلفزيونيا بالتعاون مع مجمع اللغة العربية الاردني بعنوان (لغة العرب) وكان احد المعلقين الرئيسيين على برنامج شهير بعنوان (احداث القرن العشرين) الذي يؤرخ لاهم احداث القرن الماضي بما فيه من حروب وصراعات واختراعات وغيرها، وقدم برنامج العالم من حولنا، والإبداع والمبدعون والعلم في حياتنا ،وهي برامج حظيت بشهرة كبيرة وتمت ترجمتها الى عدد من اللغات وبثها في كثير من الدول . كما كتب عددا من القصائد التي لحنت وغناها عدد من المغنيين العرب .
له عدة مؤلفات وأبحاث منشورة واخرى غير منشورة في حقول الإعلام والسياسة والتاريخ الإسلامي، وصدر له عدد من الكتب والروايات الادبية وهي:
-
التفسير الصوفي للقرآن الكريم، وهو تفسير جامع مانع من وجهة نظر صوفية ، يقع في قرابة الف وسبعمائة وخمسين صفحة حاول من خلالها ان يقدم رؤية عصرية لتفسير القرآن لا تختلف مع ما كتب من تفسيرات سابقة لكنها تقدم نظرة جديدة قائمة الاسس التي يؤمن لها المتصوفة .
-
كتاب التلفزيون اسرار وعجائب، وفيه سرد لتاريخ التلفزيون وتطوره اضافة الى الغوص في اعماق الفن االتلفزيوني بشكل عام .
-
ترويض الشهوات \ رواية
-
غرام في اميركا\ رواية
-
محاورات وخواطر فلسفية وصوفية بحثا عن السعادة في الدارين.
وله عدد من الابحاث والدراسات غير المنشورة منها :
-
التكوين الثقافي للمذيع
-
العلاقات العامة وفن الخطابة
-
دراسة في رواية ( بنات الرياض) للكاتبة السعودية رجاءالصانع .
-
ديوان شعري بعنوان (حب بين الارض والسماء).