* خلدون العزّام
ما قالهُ القرويّ في غابة يلو ستون
yellow stone
ماذا تريدُ أن تقولْ ؟!
ما زلتَ كل الاربعين واقفاً
مرتجفاً
في حضرة الشتاء والرياح والرعود ترتدي الفصولْ
في دهشة العينين …. كالبعيد في الفضولِ
يشربُ السماء قطرةً فقطرةً
وزرقةً تسكنه
كالحب مرَّ نسمةً بامرأةٍ يانعةٍ فمسها الذهولْ
مشت بها غزلانها
والنهرُ يعزف الربيع مثل سمفونيةٍ
وبلبلٌ يرفُّ قربها
وينشدُ الألحان والأشعار في مشمشها الخجولْ
يرقُّ عشبها
يفوحُ زهرها
يفيضُ في مدى العبير نحلها
تميدُ في أغصانها حواءُ
والسماءُ في عشتارها تعبق بالطيورْ
حدائقٌ تضجُّ في أشجارها فاكهةً
بالخوخ والرمان بالأعناب بالنخيلِ
بالورود بالجوريِّ
بالنرجسِ يسهو في خيال نهرها
فتسرح العطورْ
لا بدَّ من سنابلٍ
أيائلٍ
تركضُ في المدى كما
تمشي هنا قطعانها
و تنبت الغيوم مثل القمحِ في الحقولْ
لا بدَّ أن تفوح من دراقها مزارعاً
لا بدَّ من حديقة الريحانِ والنعناعْ
في البيت أو في القلب كي تخضرَّ ملأ خصبها
والزعتر البريَّ في الهضاب والوديان والسهولْ
هُناك في البعيدْ
في قمم الجبال عندَ الريحِ تخلقُ الجليدْ
في سروةٍ شامخة
أو أرزةٍ ، صنوبرٌ يعلِّمُ الحياة ما الصمودْ
يُقَصِّفُ الهبوب في أغصانها
تميلُ تدفعُ الجهاتِ حرّةً
لا ترتدُّ أو تعود
هناكَ في الشرقِ البعيدْ
في غزة الصمود والحديدْ
في واحةٍ
أو بقعةٍ جرداءَ
في زعرورة
أو دومةٍ شاردةِ في القاعْ
رافلةٌ على ظلال وقتها
وشمسها وارفةٌ في فيئها
تحاورُ الماعز والأغنام في أطرافها
تأوي العصافيرَ إذا حلِّ المساء في الشتاء بالصقيعْ
برعشةِ النسيم في الربيعْ
ماذا تريدُ أن تقولْ؟!
مرتعشا
تستنشق الإيحاء كالترابِ
كالضباب مرّ في القرى
كم رقرق الندى على وجناتها
كم طاف خصبه على زهراتها
كم مسحت يداهُ تلكَ الارض كم
مرت أصابعي على خصلات شعرها بقمحها
وحرتُ في الحاراتِ والبيوتْ
كأنني الطينَ المصاب باستعارات النعوتْ
بالحب بالحنين بالأشواقِ
لكني أحاور السكوتْ
هذا الذي آوى إلى غاريَ
للكهف الذي ناموا به
فأصبحت قصيدتي حمامةً
نسجتُ بيتَ عنكبوتْ
ألوذُ بالغيابِ
كم مرّ الضبابُ في القرى
وأكمل الطريق للجبال في الذُّرى
فأمطرت غيماتها كالوحي في الرسولْ
ماذا تريدُ أن تقولْ ؟!
في غابتي
ماذا استفدتَ من قراءتي
أنا الحياة في البروق والرعود في الشروق والأفولْ
ماذا تريدُ أن تقولْ ؟!
– سيِّدتي ،
أيتها الخضراءْ
يا جنتي ويا هديةَ السماءْ.
يا غابةً سميتُّها حواءْ
عشتار في تموزها.
أو وطنٌ قدستُه في طينه
في خضرة السهول ، في الهضاب والجبالِ
في مرارة الصحراءْ
فقيرةٌ جرداءْ
تعوي الذئابُ ملأها ولا صدى يجيبُ للنداءْ.
حلمتُ أنني أفقتْ
فعدتُ نام الحلم في غيبوبتي ونمتْ
في يقظتي
دوخني هذا الصباحُ سحرهُ تميمةٌ وكمْ غفوتْ
وكم سرحتُ في بحيرتي
في حيرتي
وكم ذهبتُ في البعيدِ كم أتيتْ ؟
حريّتي في حيرتي
في رحلتي
بُحيرةٌ زرقاءُ والسماءُ في مرآتها
صلَّى على محرابها الصفاءُ
والنجومِ في مساءها كم ركَعَتْ !!!
وكم سَجَدْتْ
مثل الغيومِ في الظهيرةْ
لما رأتْ خيالها نرجسةً وأمرأةً آلهةً
حوريةً
وكنتُ صافناً هناك دهشةً
في حضرة الملاك يسهو في الشعيرةْ
ذهبتُ كالصوفيِّ في آفاقها
وحلَّ في قلبيَ شيىءٌ كالسكونِ
ثمَّ هبَّ الياسمينُ كالشُّرود في الحنينِ
بالغروب في ليمونها
في صفرةٍ من خجلٍ
في خدِّها في شفقٍ
مشمشةٌ مشمسةٌ
وغار بعضُ البرتقالْ
وجالَ في أنحائها
وطاف في موالها
وكم يميلُ هذا القلبُ
كم من مرةٍ قد فاضَ في ربوعها
نهراً وجالْ
كم رقَّ في سمائها
في طينها في مائها
وكم رعى نجومها
وكم أسرَّ للقمرْ
حكاية النسيان والزمانِ يمضي في السفْر
كليلةِ العشاقِ عجلى في السّهرْ
والسندباد ظلَّ في المدى
وعاد من ترحاله
صفر اليدين ، مبحراً في موجة الخيالْ
ها إنه قد غاب مد الكون ثمَّ عاد بالسؤالْ
– ما يفعلُ الصوفي في بُحيرتي ؟!
في لغتي؟!
في البجع البريِّ في أطرافها هناك في الجزيرةِ الصغيرةْ.
قد وضعت في عشها بيضاً وحان فقسهُ
كفرحةِ الصغارِ بالجزيرةْ.
لتملأ الصيصانُ في بحيرتي
ودهشةُ الأطفال كالصوفيِّ يهمي في الشعيرة
– ما يفعلُ الصوفيُّ في بُحيرتي ؟!
إِوزها مهاجرٌ إليْ
فضاءها في غربتي.
مسافرٌ في أفقه عليّْ
في غيمها أو زرقتي
والسندبادُ تاهَ بالصوفيّ واختفى هناك مثل زورق المدى
وعاد سربُ البطِّ عاد مالكُ الحزينْ
لوحده هناكَ كالصدى يفيضُ كالحنينْ
بحزنه في صمته
في حرقة الأشواق بالجليد في الأنين
ورعشة الغياب في احتراقِ شمعةٍ
تذوبُ كالسنينْ
-
شاعر أردني يعيش في أميركا