عمّان- ثقافات
تحكي رواية “كتاب المسافر الأكثر مبيعًا” للروائي الأمريكي “ريك إنكورفيا”، التي ترجمتها إلى العربية د. ربى أبوعلي، قصة أستاذ تاريخ يعلم أنه مصابٌ بالسرطان، فيخوض خلالَ بحثِهِ عن علاج لحالته مجموعة من التجارب التي تقوده إلى طريقة علاجية تجعله قادرا على الانتقال عبر الزمن، فيحقق عبر هذه الطريقة أمانيه وينتقل أكثر من مرة إلى مراحل في الماضي كان يتمنى أن يعيشها عيانًا، فيشهد ملامح من حرب الاستقلال الأمريكية، ويتقمّص شخصية الموسيقار موزارت، ويرافق كليوباترا في بعض رَحَلاتِها إلى روما، ثم بعد أن يشفى من مرضه، يدون تجاربه تلك في كتاب يسميه “كتاب المسافر”، ويلقى هذا الكتاب رواجًا كبيرًا.
والترجمة الصادرة عن الآن ناشرون وموزعون جاءت في 335 صفحة من القطع المتوسط، ورأت المترجمة في مقدمتها للرواية أن هذا العمل يجمع: “بين الأدب التّاريخيّ والتشويق والخيال العلميّ. ولما كان السَّفَر عبْرَ الزَّمن ليس فكرةً جديدةً في الأدب، فإنَّ القارئ سوف يلاحِظ أنَّ الخيالَ العلميَّ في هذا الكتاب ما هو إلّا وعاءٌ لإيصالِ رحلات الشخصيات التاريخية، بأسلوبٍ بعيدٍ عن الجُمود الذي قد يعتري السَّرْدَ التاريخيَّ في بعض الأحيان، ووسيلةٌ لتجوبَ الرسائلُ الإنسانيّةُ لِلمُسافِر أصقاعَ الدُّنيا، حيثُ تسمو الإنسانيَّةُ والرَّأْفَةُ التي جُبِلَ عليها البشَرُ، فوق كلِّ فروقٍ عِرْقيَّة وجغرافيَّةٍ ومذهبيَّة”.
وبينت أن اختيارها لهذه الرواية بالذات يعود إلى كونها تلامس شيئا في قلب القارئ وعقله على حد سواء، وتلك هي مهمة المترجم عند اختياره لعمل ما؛ فالمترجم قارئ قبل أي شيء آخر.
ويقول الروائي التونسي نصر سامي في تقديمه للرواية إن راوي هذا الكتاب يمضي بالقارئ إلى أعماق سحيقة في النفس البشرية، وأن الكتاب بمجمله يذكره بروايات أحبها: “مثل الشيخ والبحر لإرنست هيمنغواي والخيميائي لباولو كويللو والجميلات النائمات لياسوناري كاواباتا. تركيبة نادرة من العمق والبساطة لا تتيسّر أبدا إلا لمجرِّب أو غاوٍ أو ساحر. ولقد التقطها هؤلاء كلّهم من كِتاب أقدم وأهمّ هو ألف ليلة وليلة. هناك حيث العالَم مجال للتفكّر والتأمّل، وحيث اللغة طين هشّ حارّ بين يدَي خالق، وحيث العالم غواية مستحيلة وبحث محموم عن القيمة في عالم لا يحفل كثيرًا بالقيم. والراوي متأمّل، مفكّر، لا يسلّم بأيّ حقيقة، وهو تحت ضغط شعوره بالنّهاية بسبب «الإصابة بسرطان الرئة المتقدّم» ينفتح على مواجهة مع فكرة القدَر، فتندفع إلى رأسه الأسئلة: أيّ حياة عشتُها؟ هل عشتُ ما عشت وأنا أسبح في حوض الإنسانية أم وأنا منكفئ في حوض الذات؟ كيف استطاع هؤلاء المبدعون فعل ما فعلوه برغم آلة الإحباط الطاحنة؟”.
ويرى المؤلف ريك إنكورفيا أن المسافر الذي يتحدث عنه عمله هذا يخاطبَ الناسَ في جميعِ أنحاء العالَم. ويصطحبهم في رحلةٍ ومسعًى لاكتشاف السّلام، والتّسامُح، والغفران، والتّفاهم، وتقبُّلِ الآخرين ممَّن قد لا يشاركونَنا الملامحَ أو المعتقداتِ نفسها.
ويتحدث على لسان بطله قائلا: “في نهايةِ المَطافِ، لَستُ سِوى مُدَرِّسٍ لِمادّةِ التّاريخِ في مَدرسةٍ مُتواضعةٍ خارجَ مَدينةِ (كليفلاند، أوهايو). لَمْ يُخيَّلْ إليَّ قَطُّ أنْ يَرْغبَ النَّاسُ في سَماعِ قِصَّتي، وقَطعًا لمْ أَتَوقَّعْ أنْ يَكونَ بِمَقدوري تَغييرُ العالَمِ للأجيالِ القادمة، ولمْ أسْتَشْعِرِ احتماليَّةَ ذِكْرِ اسْمِي في كُتُبِ التّاريخ”.
ويثني على المترجمة التي امتلكت برأيه من الفصاحةِ والثراءِ اللغوي والسِّحر ما جعله يتشرف بأن تكون اللغة العربية هي أولَ لُغة يُترجَم إليها «المسافر» من الإنجليزية.
والدكتورة ربى أبوعلي طبيبة استشارية في أمراض الغُدد الصمِّ والسكريّ والأمراض الباطنية، وتمارسُ المهنةَ في عيادتها الخاصّة في عمّان- الأردنّ.
هي كذلك مُحرِّرةٌ للعديد من الدوريّات الطّبيّة العالمية المُحكَّمة، فضلًا عن عملها مراجِعةً للأعمال الأدبية المؤلَّفة بالإنجليزية.
ويُعَدُّ هذا الكتاب ثانيَ أعمالِها في التّرجمة الأدبية من الإنجليزيّة إلى العربيّة، بعد رواية (بَعد الرَّحيل) للكاتب نفسه.