خاص- ثقافات
محمد أمين أبو العواتك*
نواصل المسير في رحلة الاستنارة إلى جمال وكمال رسالة الأخلاق التي بُعث سيدي رسول الله صلوات ربي وبركاته عليه ووالديه وآله لإتمامها، فكان مثالها الباهي، أدّى أمانتها على الوجه الأتمّ والأكمل وهو قدوتها الممدوحة ومرجعيتها، لذا كان المدح الإلهي له بالأخلاق (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ).. لا بالعلم رغم أنَّه (مدينة العلم) وفي ذلك إشارة لأولي الألباب.
وما كانت الرسالات السماوية جميعها إلا نسخاً من دين واحد هو الإسلام (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) لأجل خلق المجتمع الفاضل، ومقصدها جميعاً الأخلاق وليس الحكم السلطاني أو إقامة الدولة والعدوان على الآخر، لأنَّ أمر الدين كله لا إكراه فيه ولا عدوان إلا دفاعاً ضد معتدٍ.. والهيمنة المذكورة للهدي الإلهي الخاتم ما هي إلا لشموليته لكل الرسالات السابقة وليس إلغاء لها.. فأهلها مأمورون بنص القرآن الكريم بإتباع ما أُنزل إليهم (وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ..) و (وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ..)، فالمرفوض هو (التفسير الخاطئ) من الأتباع في كل الرسالات السماوية وهو (التحريف) في كلام الله، فالرسالات نزلت صحيحة كما أمرنا الله بالإيمان بأنبيائها وبكتبهم.. ولكن (لتتبعنّ سُنن الذين من قبلكم شبراً بشبر..)!!
فتبيان هذه الكتب موجود في القرآن الذي ما فرط الله فيه من شيء.. فالأنبياء جميعاً هم أحبُّ خلق الله إليه، وهم قمة أممهم وقمة الأخلاق في من بعثوا فيهم، ويستحيل أنْ يكون هناك من يفضلهم في أممهم وإلا لكان هو الرسول!!
فهم مرجعية الأخلاق والبيان مع كتبهم السماوية فحاشاهم البلاغ الخاطئ أو مخالفة الحق في ما بعثوا به، فلنراجع الأخطاء في ما يوجد من إساءات بحقهم.. فلا تنفك الرسالة عن الرسول وما الآفات التي دخلت علينا إلا من هذا الباب، وهو فصل الرسول عن الرسالة فإثبات العصمة للنبي الأكرم من الثوابت مع الكتاب (.. وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ..).. فالرسل هم كلمات الله التامّات، وهم الذين يختطون الطريق لمن بعثوا فيهم سيراً إلى الله، فهم (الشرعة) والذي يختط الطريق لا يقال له إنَّه يخطئ فالذي يخطئ هو المُتبِع له.. لذا التزام معية الأنبياء بها النجاة حتى لا نكون كالحواريين الذين قال لهم عيسى عليه السلام (..قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ..) ولم يقولوا نحن أنصارك إلى الله.. وهو ما فعلته بلقيس ملكة سبأ عندما قالت (.. رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، وهو أمر متسق مع (.. اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)، والهدي الذي أنزل إليهم كتباً سماوية وعلماً هو (المنهاج) المضمن في رسالاتهم السماوية المختلفة (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا).

ثقافات موقع عربي لنشر الآداب والفنون والفكر يهتم بالتوجه نحو ثقافة إيجابية تنويرية جديدة ..!