خاص- ثقافات
*خلود البدري
في الإهداء كتب القاص :
” إلى كل من أسعدني، وأيقظ في نفسي طعم الصبا وسحر مذاق
الماضي، ورماني منذ طفولتي إلى … الحياة
إلى زمن :
عبد الحليم حافظ .ص7
دائما كنت اسأل نفسي كيف كنت أحصل على الكتب ؟
ومن زرع في روحي حب القراءة .. نعم لقد وجدتني أقرأ كل شيء وأي شيء .لا أعلم كيف عشقت القراءة، كنت أقضي الساعات الطوال فيها ، كان لا يشغلني شيء عنها ، ذاكرتي تحتفظ بذلك. قرأت أمهات الكتب ولا زالت في مكتبتي، لمن تقرع الأجراس، زوربا، الجريمة والعقاب، البؤساء والكثير من الروايات العالمية. كانت كتب جبران خليل جبران معي دائما كالنبي، والمجنون وكنا في مرحلة الشباب الأولى نبحث عن الروايات العربية، ودواوين نزار قباني كديوانه “أحبك أحبك والبقية تأتي “.
وقع في يدي في أحدى المرات كتاب لعبد الستار ناصر “رسائل امرأة عاشقة ” بحثت عن رسائل رجل عاشق، أتذكر قرأتهما بشغف، أحببت في هذا الكاتب الروح الرقيقة، الحلم بالسفر ورؤية العالم، الرومانسية العذبة.
قد يسأل أحد ما ويقول: لماذا أكتب هذا اليوم !؟ : اليوم، عادت بي الذاكرة لكل هذا وأنا أطالع المجموعة القصصية التي تحمل عنوان السفر إلى الحب لعبد الستار ناصر، والتي ضمت القصص التالية :النورس في مدريد ، خصائص النوافذ ، السيد دعبول ، أبواب مفتوحة ، ثمان قصص قصيرة جدا ، السيد ، طعم الصبا .
في قصته المعنونه ” النورس في مدريد “اخترت مقطعا منها يُظهر رشاقة قلم الكاتب، وحسه المميز في الكتابة .” ” كيف لهذا الهاجس ينمو، وأنا في بلد غريب جدا ،لا أعرف إنسانا فيه ، ولا أفهم حتى هذه اللغة الجميلة الناعمة ؟ من ترى يطارد امرأة مثلي ، ليس في ملامحها إلا ما يمكن أن ترى في شوارع أسبانيا ، بل أدهشني جدا ، هذا النفور الأنثوي الطاغي في وجوه النساء ، هذه السعة الباذخة في العيون ، تسحرني ، وأنا امرأة على جانب بسيط من الجمال ، كل طفلة وكل صبيّة وكل امرأة تمر حولي ،تبهرني ، كأني في شارع تتسابق فيه النساء . كنت ألتفت ، مرة بعد أخرى ،أبحث عن سر هاجسي ، أقف فجأة ، في منتصف الشارع ، أو عند نافورة ماء ، أو خلف عمارة أو عند باب سينما ، أو قرب مكتبة ، أو أحدق في إعلان .. وفي كل مرة ، أنظر حولي ، خلف ظهري ، على يسار يدي علّني أرى هذا الشبح الذي يمرق في عروقي ، يشق مساماتي ويدخل أبواب جلدي ..
لكنني أبدا لم أعثر على أحد ، أو أثر ، أو جواب .. وأهملت البحث عن هذا الكائن الخفّي ، وبدأت أبحث عن أسرار هذه المدينة .”
من قصة النورس في مدريد /..عبد الستار ناصر ص42
رجعت بذاكرتي إلى أحدى محطات الحياة ، السفر إلى الحب .. إلى صدى الأصوات البعيدة ، إلى الشعر من خلال جهاز راديو صغير كان معي انصت إليه في الليل .. لأصوات إذاعية تصدح بقراءة الشعر الفصيح والشعبي ،احلق معها حيث العالم الآخر ، حيث الخيال الباذخ ، لمعلمي الذي عُوقب بعد فوزي بالجائزة الأولى في مسابقة الخطابة ، بسبب غيرة زميلاتي في الصف وكيدهن له ، أتذكر شخصيته المميزه وأناقته ، منذ فترة طويلة أحاول أن أتذكر أسمه ، لكني أخفق في ذلك . والسؤال لماذا أتذكر هذه الأشياء الآن هل هو بسبب ” السفر إلى الحب ” !؟