حوار مع جيمي فورد مؤلف ” فندق على ناصية المر والحلو”

خاص- ثقافات

*أجرته الدكتورة: تشايا بوفانسوير/ ترجمة: إبراهيم عبدالله العلو

يستخدم جيمي فورد في روايته الأولى التي نشرت عام 2007 بعد عقود من اعتذار الرئيس الأسبق رونالد ريغان عن اعتقال المواطنين الأمريكان من ذوي الأصول اليابانية على التراب الأمريكي “إطاراً” ساحقاً جارفاً أشبه بالتيتانيك لأفراد من الجيل الراهن الفتي المواجهين لحكاية دفينة تلقي الضوء على الفروقات العرقية والطبقية التي أضحت من الماضي.

يكشف هنري،المسن الأن، عن تجربته الفتية لحكايته الرومانسية العابرة للأعراق لولده مارتي الذي يوشك على الزواج من خطيبته البيضاء.

ومن بين أعاجيب ذلك الكتاب طلاوة الرومانسة الرقيقة بين هنري وحبيبة طفولته كيكو- وحقيقة حلاوة الشاعرية عموماً- التي لم تتلطخ بقتامة الخلفية السياسية.

ولكن قراءة ذلك الكتاب الآن في أمريكا ترامب لا تنكر تلك الكآبة.

وكوني أنتمي إلى عائلة أمريكية مسلمة أطالع مشاهد التنمر والصراخ والإحراق ورسم شعارات الكراهية وحتى إطلاق النار بإحساس مباشر من الأسى والغضب والذعر.

وأتذكر ما شعرت به بعيد الانتخابات بيوم وأنا أشاهد أي منزل مسلم ذي نوافذ كبيرة أو أبواب بلورية للشرفات واستذكر كريستال ناخت Kristallnacht  وتراءت لي الشعارات النازية الجديدة والمعادية للمسلمين التي علقت على جنبات الجسور أو فوق تقاطعات الطرق السريعة ومهرجانات ترامب وتشارلوتسفيل.

وفكرت بسيدتين أحضرتا في الإسبوع الماضي كلباً إلى مسجد في أريزونا لينشر القذى على الأديم الطاهر ثم قامتا بتمزيق الصور والحوائج الدينية وبصقتا عليها ودعتا الأطفال الصغار للقيام بالشيء ذاته وهن يرددن أقاويل العهر.

في خضم هذا الجو الجيوسياسي، حيث تربع كتاب فورد “فندق  على ناصية المر والحلو” على صدارة قائمة الكتب الأكثر مبيعاً لمجلة النيويورك تايمز لمدة مثيرة وفي الوقت ذاته قريبة للقلب تزيد عن 130 أسبوع، أي شعور نستخلصه من تزامن الفضول والتعاطف والإحترام الأمريكي المتبادل الذي يتعايش في عالم(كتاب) حيث تتواجد كتب أخرى على شاكلة كتاب iAdios, Americaلآن كولتر على قائمة نيويورك تايمز للكتب الأكثر مبيعاً (وإن لمدة عشرة أسابيع)؟)تتحدث كولتر عن الأثر السلبي للهجرة من المكسيك والدول الأخرى على الولايات المتحدة)

قمت بإجراء هذا الحوار مع فورد هذا الشتاء وأنا أحاول الحصول على إضاءات حول السيميائية الفريدة التي يمارسها كمؤلف لكتاب،يسعى لتخليد معاناة المهمشين  اللافحة والخاضعين لشتى أنواع التمييز، وفي الوقت ذاته قصة مشوقة بحد ذاته وهي من نوع القصص التي يقرأها الناس من شتى المشارب (بما فيهم المنتخبين لترامب) ويستمتعون بها.

تشايا: كيف أصبحت مؤلفاً؟

جيمي فورد: بدأت بشهادة جامعية في الفن والتصميم. وقبل ذلك وقبل أن أمتهن الكتابة كنت فتى  متقلب المزاج.  كتبت الشعر خلال سنواتي الأخيرة في المدرسة الثانوية حيث كنت أعبر من خلاله عن فيوض مشاعري. لم أتمكن من كبح أحاسيسي،وأحياناً قوتي الأعظم، وفي أحايين أخرى كريبتوني الخاص. وتابعت قرض الشعر وأفكار القصص في دفاتر رسوماتي. وفي العشرينات من عمري أدركت أن كتابة القصة قد تكون الوسط الأمثل لمعالجة المشاعر. وربما أكتب ، قد يبدو الأمر مستهجناً، لأعبر عما يجيش في خاطري وعما يشغل تفكيري. وفي بداية الثلاثينات من عمري فقدت والدي- وغالباً ما ذكرت ذلك رغم الأسى واللوعة- أن بداية إحترافي للكتابة بدأت عندما نعيت والدي. وكل ما كتبته بعد ذلك كان ذا منظور عاطفي حقيقي. ربما لا يتمكن الكتاب الشباب من الكتابة بصدى شعوري لإن الحياة لم تمتحنهم بما يكفي. وهذا جزء من رحلتي. رحل والدي إثر مضاعفات داء السكري وكان فقداً مفاجئاً وغير متوقع. وبعيد ذلك بقليل إكتشفت والدتي إصابتها بمرض السرطان الذي لم يمهلها طويلاً حيث توليت عيادتها مع شقيقي. تدهورت حالتها الصحية بسرعة وخلال ثلاثة أسابيع رحلت عن عالمنا. فقدت خلال سنة ونصف والدي كليهما وآخر أجدادي.

ـ تشايا: أنا آسفة.هذا فقد كبير. هل عرفتك عائلتك كمؤلف؟

-جيمي: كلا. ولكن والدي كان يطمح لرؤيتي كفنان بصري. أما والدتي فقد رغبت على الدوام برؤيتي ككاتب. وبعد أن مررت بكل ذلك وتلك الخسارة لم أكتب شيئاً تاريخياً ولكنني أفتتنت بمراتع طفولتهما.

– تشايا: هل لك أن تحدثنا عن كيفية استلهامك لـ”فندق على ناصية المر والحلو”؟

-جيمي: عندما كتبت ذلك الكتاب كنت أعني كتابة قصة حب. لم أقصد أن يكون تعبيراً عن العدالة الإجتماعية وافترضت خطأ أن الجميع كانوا يعلمون بالاعتقال. ولكنني سرعان ما أدركت أن ذلك لم يكن معروفاً للعموم وأن هناك شرائح اجتماعية كبيرة لم تكن تعلم  الحقيقة.

وسئلت مرات عديدة إن كان ذلك سيحدث مستقبلاً.قلت لا. ولكن ذلك الجواب تغير في ظل الإدارة الراهنة. أعتقد أن هناك شريحة من المجتمع، وإن لم تصرح بذلك على الملأ، تفضل بقاء مجتمعنا مجتمعاً يسيطر فيه البيض بالمطلق،حيث يشعرون بمستوى أثير من الراحة وعوداً إلى سبعينات القرن الماضي عندما كافحت جل الأقليات للحاق بركب الطبقة الوسطى.

لا أعلم إن كان ذلك يمنح الناس الشعور بالراحة وربما يعيدهم إلى عصر الرسوم المتحركة الجميل. يرغب الناس بالعودة إلى زمن  كان فيه كريستوفر كولومبوس  مثالياً لم يرتكب أي خطأ. ثمة تنافر إدراكي في الاحتفاظ بالعديد من وجهات النظر ويسري ذلك على ترامب ومناصريه- يريدون التخلص من كل من يرغب بالقدوم إلى هنا، ويتناسون أن آبائهم وأجدادهم هاجروا إلى هذه البلاد.

لا أعتقد أن الأعتقال سيتكرر ثانية لصعوبة ذلك من الناحية اللوجستية. كان بإمكان مكتب التحقيقات الفيدرالي خلال الحرب العالمية الثانية الذهاب إلى البنوك التي تقدم له جرداً بالأسماء اليابانية.أضطرت الأقليات للعيش في أحياء معينة. كان من السهل سوق الناس بسهولة. ولكن ذلك لم يعد يسيراً في هذه الأيام. إنه عسير من الناحية التقنية. ولو كان سهل المنال لرأيت أفراداً يتبجحون بمثل ذلك الفعل. أعتقد أن ذلك هو صليل الموت لجيل عنصري بحت ونحن على شفا التخلص منه. أزور الكثير من المدارس الثانوية وغيرها وأرى أن الناشئة لا يأبهون بشيء. فهم لا يصادقون أو يحبون الآخرين على أسس الهوية العرقية. ولكنه تعبير متفرد  عن كينونتهم وليس عن شيء يستخدمونه لضرب رؤوس بعضهم البعض. أتمنى أن نتوقف عن استخدام العرق كعقبة وأن ننظر للأشخاص كأفراد بناء على ماهيتهم.

– تشايا: هل لك أن تحدثنا عن طقوس وعملية الكتابة لديك؟

-جيمي: عادة أعمل ابتداءً من فكرة أو  إطار محدد. أفكر بمقدمة وخاتمة غالباً في الخلاصة. وأعمل على المحتوى مع متابعة الكتابة ولا أحدد رؤوس أقلام. وبعد ذلك لا أزال أستكشف طرائق جديدة للعمل الإبداعي. عملت مع مخرجة في الصيف الماضي وأرشدتني إلى طريقة  لإيجاد  خلاصة لا خطية.

ودفعتني للتفكير بمواضيع، أي المواضيع الأكثر أهمية في القصة التي أرويها، وتسجيلها دونما ترتيب محدد ومن ثم حمل صندوق المشاهد وتحريكها ومحاولة إيجاد طريقة أفضل لترتيبها. وقد ساعدني ذلك كثيراً. في البداية ظننت ذلك ضرباً من الجنون وأنها فكرة متبخرة من أفكار هوليوود.

وسوف تكون أعمالي التالية على ذلك النسق.  دفعتني لإيجاد خلاصة صلبة وفي النهاية أقوم بالتلاعب بوحدات البناء حتى أكون الخطوط العريضة. لم أقم بذلك من قبل-حيث لم أعمل بناء على تلك الخطوط.

– تشايا: أية أفكار عن العمل منفرداً بالمقارنة مع العمل مع آخرين وأين نجد أولئك الآخرين؟

– جيمي: أعتقد أن كل واحد منا بحاجة إلى القارئ الحصيف. القارئ الحكيم. وربما كان ذلك الشخص بالنسبة للبعض زوج أو ناقد أو وكيل أدبي. بالنسبة لي هي زوجتي. لم أجد النجاح في مجموعات الكتابة. لدي بعض الأصدقاء الكتاب اتبادل معهم الأفكار وقد تنجح أحياناً في الحالات الإسعافية. ربما كان هناك ذئباً منفرداً ولكنني أعتقد بضرورة وجود من يصادق على اعتقاداتنا قليلاً. فرداً محباً أميناً. أعتقد أن ذلك بالغ الأهمية.

________________

*المصدر:

PLOUGHSHARES

AT EMERSON COLLEGE

 

شاهد أيضاً

أول رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي

(ثقافات) أوَّل رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي: أركيولوجيا الصورة في رحلة ابن بطوطة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *