خاص- ثقافات
*سيومي خليل
قَبلَ النّوم
لمْ يَقصْ عَلينا أحدٌ حكَاية
جَميع منْ عَرفنَاهم
كَانُوا مَشْغُولين بحكَاية وَاحدَة :
كَيفَ يُطعمون الأَفْواه عنْدهم ؟
الأيَام ، رَغمَ طُولها ، كَانت قَصيرَة
لا سَاعة تَفْرغُ من التَّفْكير والحَرَكة
حينَ يَأتُون إلى البَيت
يَتَسَاقطُون نيامَا
فَنَبْدأ نَحنُ بِقَص الحكَاية
بَعدَ أنْ نَسد أفْواهنَا
بأَكْل مّلَطخ بالعَرق.
لم نَعرفْ ، إلاَّ بَعد حين ، أنَّهم
كَانُوا مجْهَدين
بسَبَب نَفْس الحكَاية :
الركْضُ جهَة بَاب فتح للتَّو .
كانَ منْهم البنَاؤُون
وَنَشَالو الرزْق من الموقف
حُراس الأمَاكن المَجْهُولة
والمَصَانع الغَريبَة
عُمَّال الحطْ والرَّفع
عُمَال النَّظَافة فِي المَزَابل
مُزينو النسَاء والرجَال
علَى حَد سَواء
وطلاب معاشو الكُثُر…
لاَ أََحدَ منهُم
استَطَاع أنْ يَدّخر وقتَا
لحَيَاته الشَّخْصية
بالكَاد، خَصَّصوا زَمنا
من نَومهم
ليلدُوا منْ جَديد
وليمَارسُوا تَعبهم الجَميل .
منْ كَانت عنده جدَّة منَا
صَار يَبْحث فِي جرَابهَا القديم
عنْ أجْوبة عَاجلَة
لكن كُل الأسْئلة التي طَرحهَا
كَانت تَتيه دَاخلَهُ
ولا يُخْرج منْه إلاَّ هلَاوس
امرْأة كَبيرَة في العمر …
ومنْ لم ير جَدَّة لَه
فَتَح خَصَاص النافذَة الوَحيدَة
التي لمْ تُقْفل بَعد
لكنْ لاَ شُعاع شَمس
أو نَجْمَة
أو جَذْوة شَمعة
تَسَللت إليه .
كبرنَا بِرعَاية تَعب
الآبَاء العمَال
والأُمهَات الطَّيبَات
المُّنْهكَات
بالحَمل والرضَاعة والطبْخ
تلك اللائي ، حينَ تَرْغَبُ
الشَّمْس بالمَغيب ، تَمرُّ
علَى ظَفائرهنَّ.
لمْ يَكن هُنَاك وَقت
لشَيء آخَر
غيرَ العَيشْ
لذَا كنَّا نَخْترعُ
أحَابيلَ عَديدة للهُرُوب ؛
كأنْ يَضع أحدنَا
تَحت غطَاء نَومه
عالمَهُ الصَّغير جدَّا
ويُوَزع علَى أَحبَابه
مَفَاتيحه الصَّغيرَة
أَو ..
كأنْ يَقُوم آَخَر
بِجَمْع فُتَات الآخَرين
ليَصْنَع مَأدبة
تُغني أبَاهُ عنْ التَّعب
أَو…
كأنْ يَرْفَع ثَالث
سبَابَتَه جهَة السَّمَاء
معلنَا حُدُوث ثَورَة .
رغمَ أن لاَ وَقت أمَامنَا
كانَ لغير العَيش الجَاف
المَّمهُور بِالقُطْران
إلاّ أننا صنَعنا زَمنا
لحكايتنَا الخَاصَة
الخَاصة جدّا
جدَّا .