خاص- ثقافات
*ميمون حرش
الحمل الثقيل
الطفل، فوق الظهر، لا يكف عن البكاء.. أمه تنوء به، تناغيه، تحمله، وتسير به على أربع:
” نيني يا مومو
حتى إطيب عشانا
إلى ما طابْ عشَانَا
إِطيبْ عْــشَـــا جيــــرانا”
الأب يرمق الابن وأمه، يحملهما معاً..
يخرج، ينتشر في الأرض باحثاً عمن يحمله..
في الخارج ، العالم كله كان محمولا
رؤوس تماسيح..
بالنهار تطول يداه،يحضن حجراً، وينخرط مع أطفال الحجارة لإحياء كرنفال للحجارة.
وبالليل ينشغل بكلمات كبيرة: “نَشْجُب” ، و” نُـَنـدّد ” و ” هذا منكر “، و”نحتج بشدة”، و”نعقد قمة طارئة”،و “…”.
يكتبها في وريقات يقصها من دفتره المدرسي.
وحين ضاق ذرعاً بما يكتب من كلمات، حفر قبوراً صغيرة، ودفن فيها قصاصاته ثم ارتاح، لكنه في اليوم الموالي كانت المفاجأة:
“لقد أنبتت رؤوس تماسيح”.
الصغير في عالم الكبار
يعشق البحر، ويهوى اليابسة، وفي الحالين هو مجرد شِلْو بينهما، وفيهما.
الناس بالنسبة إليه صنفان :
سمك في الماء، وسمك خارج الماء.
لا مُنتم لا إلى هؤلاِء، ولا إلى هؤلاء،
هو صغير في عالم الكبار …
لا مال، لا بهاء، ولا جمال..
وحين قرر الرحيل فاض البحر، وغاضت اليابسة.
غُراب الزهايمر
القوم يأتمرون.. في ما يأمرون..
و يصرخون حين يختلفون في ما يأتون..
على مقربة منهم غراب مصاب بالزهايمر نسي نعيبه لسنين ..
كان يراقبهم وهم يتشجارون..
وصبي غريب فاجأهم بالقول :
” هل أدلكم على رأي سديد يجمعكم، فتهتدون وتكفون ؟”
نهره كبيرهم صائحاً :
” أها..استنت الجياد حتى القرعى”…
ولما هب الجميع للنيل من الطفل هرب، وانساب انسياب الأيم،
حينها فقط استعاد الغراب نعيبه.. وتبع الطفل..
رعــب
” في ( … ) أتوسد همي،
أحترق بنار أهلي ،
بين الموتى لا أعثر على جثتي..
ما همني غير طفل بجانبي،
رضاعته في فمه لا تزال..
أحضنه ونغرق في حــمم”
طيـــور..
في العرس ،
الرجال كأن على رؤوسهم الطير..
يستمعون وصايا الإمام حول الزواج، ونعيم الجنان..
النساء، في زاوية أخرى،
يحوم حولهن الصقـر ساعة الزفْن..
والأطفال في البيت فرادى تماماً،
في دفاترهم المدرسية يرسمون العُقبان..
أيـــن أمي؟
يقتفي الطفل أثر امرأة مجهولة عائدة من عملها..
تحس به ،تستدير بحنق ، تنهره، ويقول لها : ” لستِ أمي..”..
تتجاهله..
يتركها ..
يبحث عن أخرى..
يظل يتعقب كل العائدات بحثاً عن امرأة تلده.
أطــفال
يفك حنظلة يديْه، يخترق لوحة ناجيه،
يعانق أول طفل يصادفه، ويهمس له:
” لم نعد في خطر يا صاحبي،
“القدس” في المزاد العَـــ … “
حنظلة
انسل من لوحات ناجيه،باحثًا عمن يرسمه بالألوان..
ربيب
يجرني وراءه كجرو..
حين يلتقي بآباء( ليسوا مثله ) يمسد شعري بيد لا أشعر بها..
يصدع لهم بمحبتي، ويُبخبخ بصحبتي..
وينظرون إلي ويبتسمون ..
أنا لا أبتسم..
(…)
آه لو تركوني أتكلم .. !
حصان
هو عِلق ، كسَكاب..
لا يُعار ، ولا يُباع..
الحبل فوق غاربه، يظل يصهل ، وينتظر فارسه..
جرب ركوبَه الكثيرون، لكنه بقوة يلفظهم..
وفي يوم يا سادة ،
طفل صغير مسح على ظهره..حرك رأسه، جثا كما الجمل،
صعد الطفل ، وطار الحصان..
الطارق
الطرق على الباب قوي، كَدوِي..
الخوف يشل من بالداخل،
قال كبيرهم :
” هذا الطرْق لن يكون لغير الوحش الذي يفتك بالبلدة..”
وصوت لا يكاد يبين : ” أطفئوا الأنوار..اختبئوا..”
طفل من صلبهم أدار لهم الظهر،
انتعل حذاءه، شد أزره، حمل “النبيلا”.. وصعد السطح…