كما تأكل قطرة اليم من الصّخر
لا يثنيها شيء من الخيط الأبيض
ولا يثنيها شيء من الخيط الأسود
هو الفجر ينسحب إليك
والصبح آتٍ عليك
والغروب آتٍ إليك
ولو إلى حين..
كما يأتي عليك المساء واقفا
وأنت تُناجي النّجوم
وتُضيء بالعتمة
وتتأمل القمر
تتنهد تارة
وتتأفف تارة أخرى
وتُناجي من تُناجيه
كأنك على إحدى عتبات اللاَّهُنا
أو على أبواب الهُناك
كأنّك على مرفئ الانتظار
كلاجئ غريب
أو مسافر عابر
ترْقُب الأمواج بالهدير
وتتماهى بالتّرقب مع المد والجزر
قلبك بين الأضلع يخفق
كالنورس الجائع في بطن قارب
باغتته السُّدول في الأمس
يبيت طول الليل،
يعُد نقيق الضفادع
يتأهب من نباح الكلاب
ويرتعد حين عُواء الذِّئاب
لا يتوقف عن لعن القراصنة والظلام
وثمة قلب يخفق..
نبض في الرواح لِلَّذي لا يأتي
ونبض في المجيء لِلَّذي ذهب
نبض لا يطيق الوداع
ونبض لا يعرف الهجر
يخفق في الصبر طويلا
ويخفق في الانتظار أطولا
ويحضن في السّديم اللاشيء
كما يحضن الثمل القارورة ليلا
ويروح إلى مرفئ النّسيان
بصدره الثقيل كل مساء
ينفث بِوَجعٍ عطر الألم
ليمتطي، إلى عُمق البحر، القارب القديم
ليغرق على غير مهل
بين تنافس أمواج الحزن الباردة
وتصارع عواصف ذكريات “الحب” الحارقة..!