رسائل فدوى طوقان: أضواء جديدة على حياة الشاعرة وشعرها

عن دار طباق للنشر والتوزيع ـ رام الله، صدر كتاب جديد تحت عنوان: «رسائل فدوى طوقان»، وهي الرسائل التي تبادلتها الشاعرة فدوى طوقان مع الأديبة الأردنية ثريا حداد لفترة طويلة تستغرق ثلاثة عقود، من أمكنة مختلفة: نابلس، عمان، لندن.
وقد بثّت الشاعرة في رسائلها جوانب ومواقف وخطرات ذاتية لا تخلو من أصالة وبوح واعتراف، ليس لأنها تخاطب أديبة ومثقفة من بنات جنسها تقدر مكانتها وتكنّ لها الاحترام، بل كذلك وجدت فيها المرآة التي تعكس أخاديد نفسها وجراحها الشخصية، كما وجدت أنّها شربت من الكأس المرّة نفسها التي شربت منها، إلى حد أن يتماهى الأنا والآخر ويتوهجان عبر رهان الغيرية.
في واحدة من رسائلها، مؤرخة بـ 19/2/1982، تعترف فدوى لثريا بقولها: «لقد انتهيت إلى يقين أكَّد لي أنك خير صديقة يمكن أن يصطفيها قلبي، وأنني أستطيع أن أفضي إليك دون حرج بكلّ ما بداخلي، فأتحدث بارتياح وبلا تحفُّظ، وأبرز أمامك نقاط ضعفي ونواحي نقصي، وأنا متأكدة من أنّك على استعداد لتقبل وتفهّم أخطائي الإنسانية. لقد أعطيتني الثقة بأنّك صديقة حقيقية تعتبر نفسها أنّها هي أنا، وأنّها لا يمكن في يوم من الأيام أن تأخذ ضدي ما أفضي به إليها».
وتجد الإشارة إلى أن هذه الرسائل التي أعدها للنشر سمير حداد، وراجعها وقدّم لها عبد اللطيف الوراري، تبلغ نحو ثلاثين رسالة متفاوتة الحجم، وتمتد زمنيًّا بين أعوام 1977 تاريخ أول رسالة شخصية من فدوى، و1996 سنة وفاة ثريا. كما وُضعت للرسائل عناوين خاصة ومستقلة حسب موضوعها ومزاجها العام، ونُشرت نسخها الأصلية بخطّ يد الشاعرة في آخر الكتاب.
وجاء على غلاف الكتاب من التقديم الذي كتبه عبد اللطيف الوراري:
«من رسالة إلى أخرى؛ من مزاج شخصي إلى موقف عام، ومن حادث طارئ إلى معتقد راسخ، ومن حالة ابتهاج إلى وضع حداد، ومن إرادة التحدي والصمود إلى إحساس بالاستكانة وانعدام الحيلة، ومن إيمان بالمطلق إلى شعور بالعدم. أقرأ وأكتب، وكنت أتخيل أنّ فدوى هي التي تملي عليَّ رسائلها فوق رأسي أو أمامي بعينيها السوداوين من وجه صبيح ينطفئ حينًا ويشتعل أحايين كثيرة، وتحفزني على ألا أتراجع؛ فهي كانت صادقة وحرّة حتى بينها وبين نفسها، ولم تكن تلهث وراء مغنم أو شهرة. ومن المعيب أن تظلّ شهادتها على قصة وجودها وعلى محيطها وعصرها «طيّ الكتمان». إنّها جمعت فيها بين العادي والبسيط كامرأة تحبّ وتشكو وتغضب، وبين الرمزي الأسطوري الذي يرفعها إلى درجة شاعرة فلسطين وأمّها بكل ما في الوصف من أبعاد تتعالى على الزمني والمتعيّن».
ومن المفترض أن تلقى رسائل الشاعرة الفلسطينية الكبيرة اهتمامًا من لدن دارسيها، فهي رسائل تنشر لأول مرة، وتلقي أضواء جديدة على حياتها وشعرها.

شاهد أيضاً

فرويد وصوفيا في جلسة خاصة

(ثقافات) فرويد وصوفيا في جلسة خاصة د. صحر أنور جلس سيجموند فرويد أمامها ينظر إلى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *