مقطع من رواية طقوس الغواية” لأحمد الحلواني

خاص- ثقافات

أسير في أرجاء الغرفة كالمجنونة أفكر بصوت عالٍ:
– ضغطة يده لا تعني إلا شيئًا واحدًا، قلقه وتوتره وهو يطلب لقائي، انتظاره حتى انفرد بي، كل ما جرى بسرعة من هذه الأمور تشعرك بأن هذا الموعد لا يحمل غير معنى واحد.

التفكير فيما حدث يقف أمامي كجدار هائل لا أستطيع أن أتخطاه، قال غدًا، يا ترى ماذا يحمل الغد؟ وما الذي يريده مني؟! أفكاري تتساقط كأوراق الشجر… أتخبط خوفًا وفزعًا… تحتبس الكلمات والمعاني في عقلي وفمي… وقفت أمام المرآة أنظر لنفسي، أرى خوفي يرسم ظلًّا مجهول الملامح، أتساءل… لمن هذا الظل الذي يطل عليَّ؟! لا أعرفه ولا يعرفني.
عصام… ما سبب انجذابه لي، هل جمالي أنا الفتاة فقيرة الجمال؟! أنا فتاة عادية، لا أنكر أني بيضاء البشرة، وتعلو خدودي حمرة طبيعية، لحمي البضّ جعل أصابعي مكتنزة اللحم قليلًا رغم أن جسدي ليست به أي علامة من علامات السمنة.. عينان متسعتان، وأهداب طويلة، قصيرة الطول، لا يوجد ما يميزني بشكل لافت، فلماذا اختارني وهناك بنات تفوقني جمالًا وبهاء؟!
لا بد أنه حين باغتني أكثر من مرة أتلصَّص، رأى في عيوني نظرات الرغبة والشهوة، فهل يكون هذا ما أغراه بي؟! ربما الطريق لدرب الأشواك بدأ تلك اللحظة… لا بد أن يعلم أني لست تلك الفتاة الشبقة، وأنه لن ينالني أبدًا… فأنا لست كما يظن.
هل أذهب لمقابلته غدًا؟… لا… لن أذهب… ترتجف أوصالي، أسقط فوق الأرض، ألملم جسدي الذي تفتت… ما الذي أصابني؟! أطلق العنان لبكائي كي يغسل جنوني… وكأني وصلت لنقطة التلاشي.
أدب صدري بيدي، أصرخ في قلبي:
– أيها المجنون ماذا حدث لك؟ لماذا صارت ضرباتك موجعة؟ ملعون أنت… ملعون ضعفي وقلة حيلتي، أنفاسي تتقطع، أتشظى كزجاج مكسور.
الحالمون مثلي يهربون دائمًا من الواقع للعالم الخيالي، ولكني بالعكس… أدرك الواقع وأنغمس في الحقيقة التي أعيشها.
لقد وهبني الثقة بالنفس، وهبني شمسًا تمتطي الحلم، تشع بهاء في روحي، حتى لو راقصت ألف حزن في سمائي، يكفيني أنه اختارني…
الكلمات الآن لا تعني لي شيئًا، ربَّما العشق يُغْني عن كل المعاني والكلام، ولكن هل أنا عاشقة؟! أتململ، نشوتي لا أجد لها مسمَّى، لها مذاق مختلف لا أجد في جعبتي ما أصفها به الآن ربما أدركها فيما بعد.
ما لم يبدأ بعد كيف نضع له نهاية؟! صرتُ حُبْلَي بسري الكبير، سألقاه غدًا، أستعجل الساعات والوقت البطيء، أتوسَّدُ الحلم ولا أريد أن أستيقظ منه أبدًا.
أشعر كأني مركب، أمد شراعي لتطوحني الريح كيفما شاءت، ربما تلقيني بجزر الفردوس، أو أبواب الجحيم.

شاهد أيضاً

العهدُ الآتي كتاب جديد لمحمد سناجلة يستشرف مستقبل الحياة والموت في ظل الثورة الصناعية الرابعة

(ثقافات) مستقبل الموت والطب والمرض والوظائف والغذاء والإنترنت والرواية والأدب عام 2070 العهدُ الآتي كتاب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *