خاص- ثقافات
*محيي الدين كانون
0
لم يعدْ بستانكِ مترع بَأزهار اللوز المشعشعِ البياض …
ولم يعدْ لقلبي من محطة فوق أغْصانكِ ..
غادرني لقاؤك ……
وغادرني زمنك ….
وعصفت ذكريات الريح بأجنحتي….
بين البرْدِ و الأنْواءِ وحبّات المطْرِ الثقيلِ ….
1
تعطّرَ بكامل ذكرياتِه الحُلّوةِ …
وخرجَ في الصّبَاحِ مع شمس طروب ضاحكة ٍ ..
2
وحينَ تسرّب تلاميذ الصّباح لمدارسهم …
كقطرات ندى داخل أجفان الورد ….
حطّ السّنُونُو العُنَّابي الجميل عِنْدَ أولِ مقهي
طرابلسي …
يوزع ابتساماتِه للصّباحِ كحبّات اللؤلؤ من شفيف
كريستال بريء
3
يُفتْشُ عنها بين موائد أشجار اليوسيفي وحنايا
أركانِها الأربعةِ…
بين دخان عيدان القرنفل المحترق و زهر الإقحوان
المشرئب الأعناق …
يستجلي مقطورات الحُبِّ بين محطات اللقاءات
القديمة …
4
لم يعثرْ على شَذاها البَتَّةَ ….
ولا مداخل ابتساماتها في كل الطرقات الطرابلسية …
لا في عنوانين الحدائق والميادين….
ولا في مبنى البلدية و تحت أقواس أبراج الحمام
لا في أشجار ها و حواري مدينتها القديمة ….
5
توكأ على زِنْدهِ وراحَ في دروب الذكرى عند مرفأ
النسيان ….
ليرحْ من الماضي في شرنقته ويرتاحُ . ..
يُكَفْكَفُ دموع الذِكْرَى .
و جُرْعاتِ غُصّةِ حُبِّهِ الحزين …
حين كان الناس يعرفون …
كَيْفَ يَحِبُّون …؟!
وَ كَيْفَ يخْلِصون …؟!
6
لاحَ طيْفُها فوق الرصيف بمشيتها ونظرتها وصوتها
وخصلة من شعرها..
إطلالة أزهار شجر اللوز المشعشع البياض
نسْمةُ بحرية قادمة على الشاطيء الجميل …. …
قفز من قارب ذكراها يستطلع في المحطةِ كلّ قاطراتِ
الزمنِ البعيدِ …
يولولُ القطار بعدد السنين التي مرّت في دقائق ..
وسيصفّر من جَديدٍ حينَ الرحيلِ …
7
عند عتبة العمر تعثر بجادة عمر ابن المختار …
ارتعش ظلال ذكراها و قوس قزح قديم …
8
عيناه على خطوط المشاة ..
حين أفسح الطريق لسيدة جميلة …
أنيقة لم تمحها ذكريات الزمن الجميل ..
هي مَن تعثرت قبله فوق خطوط المشاة …
بمشيتها ونظرتها وخصلة من شعرها…
صاح وهو يعبر الطريق ….
كم أُحِبْكَ أيها العمر الجميل …!!
* شاعر وروائي من ليبيا