الفكر الشمولي في الثقافة العربية

خاص- ثقافات

*العربي الحميدي

(المفكرون العرب يكتبون في مجتمعاتهم بلغة أجنبية  ولا يتركون مجتمعاتهم تتكلم عن نفسها باللغة العربية)
للمطران كبوتش “مطران القدس”

أحاول  فهم  ما  يخفيه  هاذ  الرأي  المبطن،  مع  انتظار الجواب  من  مجهول،  في  زمن  عربي  رديء  و محيط  مكبل  إن  لم يكن  محنط  بفكر طفولي  متشبع  برضاعة  التخلف ….!
إذا  كانت اللغة  عبارة  عن  مجموعة  من  الإشارات  و الرموز فهي إذا  تشكل  أداة  للتواصل و المعرفة  و تبادل الخبرات بين  الأفراد  في  جل  المجتمعات.  فالتفكير يصاغ  دوما  في  قالب  لغوي  أيا كانت رموزه.
إن  المطران  ومن  يدور في  فلكه  او من هو في  مجرى  فلكهم  لم  يستوعبوا  بعد  دور اللغات  في  تقريب  المفاهيم  قبل  تناطحها.
هل  الدول  المغاربية  دول عربية؟  الجواب  بالتأكيد  ليست عربية.
إن  صراع  الهوية  المعاش  فيها  في  هدوء  أحياناً  و صاخبا  أخرى.  يجعلني  أتساءل بأي  لغة  يجب  التعبير بها  في  مجتمعنا  المغاربي، الذي  لا  يحق  لأي  أحد  فيه  أن يستفرد  به  لهويته. هل  علينا  التعبير باللغة  العربية  او الأمازيغية ؟
المفكر المغربي  أحمد عصيد الأمازيغي  وهو الكاتب  و الشاعر مثل  يحتذى  به  في  مجال  الكتابة  باللغة العربية
من  وجهة  نظر حرة  لكل  فرد  الحق  في  التعبير بأي  شكل  من  اشكال الرموز المفضلة  إليه.
وإذا  بحثنا  في  تاريخ  الشرق  الأوسط  هل  الدولة  العراقية  و السورية  جميع  شعوبها عربية؟
أليس  من  حق  الأكراد  وباقي  (القوميات)  أن  تعبر عن  مجتمعاتها  بلغتها  الأم.
إن  رأي  المطران  شمولي،  يذكرني  بعهد  الاتحاد  السوفياتي  الذي  حاول  طمس  لغات  الدول  المنضوية  تحت  لواءه.
ان  الرغبة  في  مواصلة  الإستمرارية  في  إزاحة  باقي  اللغات  و اللهجات،  هي  بمتابه ثورة  وانقلاب  على  الخصوصية  اللغوية  لأي  شعب،  و ترسيخ  الانزواء  و الانكفاء.

أليست  اللغات  التي  تسمى  ب (الحية)  سلاح المثقف العربي للتعبير وشرح القضية الفلسطينية  و معاناة  الإنسان  الفلسطيني  من  الاحتلال. أحسن  و سيلة  للتعريف  بقضايا  المنطقة  العربية  و شمال  افريقيا؟

إذا  كانت  الأصالة  هي  البحث  عن  الجدور و عودة  الاستسلام  و استعادة  الجمود الفكري  و اللغوي،  فهي  ضارة  بالمجتمعات  العربية .  وأعتقد  جازما  ان  عدم  وصول نهضتنا  إلى  التنوير هي  البيئة المعوقة  للفكر العربي  و البنية  المتهالكة  و المنغلقة  التي تحاول  قتل  كل  ما هو جديد و محاربة  تجديد كل ماهو قديم.
وهنا  سوف  أعطي  الأمثلة  للمتفق  المغربي  ودوره  في  طرح  القضايا المغربية  بلغات مختلفة.
يعد محمد  زفزاف  وعبد اللطيف اللعبي أحسن دليل على التنوع اللغوي الذي ساهما به الكاتبان لإيصال  معاناة  الإنسان  المغاربي  و العربي على  حد  سواء.  فقصيدة (يعد الخريف)  التي  ترجمها  روز مخلوف  تعد  روعة  في الكتابة  و التعبير عن المعاناة  لعبد اللطيف اللعبي.  وقصة (هل تذبل الأزهار)  لمحمد  زفزاف  هي  الأخرى  نوع  من  تعرية  الواقع  الذي عاشه  المفكر المغربي  مع  السلطة في  وقت من الأوقات.
لقد  انتهى  زمن  الكبت  اللغوي  ولا  يليق  بمجتمعاتنا  ان  تسير علي  طريق الانفعالات  الصبيانية  في  الاختيارات  و المناهج  التربوية  والمعرفية  إذا  أردنا الإسهام  في  الإنتاج الإبداعي  المميز،  وعدم  وضع  الاستفهامات  الأدبية  الخاطئة.  لم يعد وقت للانبطاح.  إن الأصالة  قد  اصبحه  شائخه.  وفرض التعبير باللغة  العربية  أصبح  متجاوز لان  الدول التي  تلقب  بالعربية،  شعوبها  حديقة  من  الفسيفساء  العرقية  وللكل  الحق  في  التعبير عن  المجتمع  الذي  يعيش  فيه  باللغة  المتاحة  و المتناغمة  مع  شعوره  لإعطاء  صورة غير مشوشة  للقارئ  أي  كان.

شاهد أيضاً

في اليوم العالمي للشعر: كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !

(ثقافات) كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !  هذا ما قاله المكسيكيّ خُوسّيه بَاشِيكُو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *