وهو يتجول في مدينة الكفار ـ كما يسميها البعض ـ لاحظ نقاء شوارعها … وانتظام تحرك سياراتها ، وراجليها …
دور متراصة .. بهندسة تكاد تكون متشابهة … ونوافذ زجاجية واسعة … لا أثر للحديد الصلب عليها …
يخالها المتجول خالية من سكانها … لا أطفال يهرولون ، ويعربدون … أو يتصايحون ، ويصرخون ..
بين الحين والآخر .. وخلال مدد ، تطول وتقصر .. يمر أحدهم ، أو إحداهن … في هدوء .. كثيرا ما يبادلون الغير التحية .. والابتسامة … مدينة توحي بالأمان والاطمئنان .. وتغري بالبقاء والاستقرار ….
انزلق نحو حديقة … متوسطة الحجم .. تأمل جمالية هندستها ، أشجار عالية متراصة .. لم تزهر بعد ، أرضية معشوشبة ، زُينت بممرات مبلطة … صُفت بها مقاعد من خشب ، صُبغت بألوان مختلفة …
خصصت أماكن للعب الأطفال ، حسب اختلاف الأعمار … لكل شريحة ما يناسبها ….
استقبلت عيناه رجلا … يمسك بواصل كلب متوسط الحجم … وقد ألبسه بذلة مزركشة … لاءمت لونه الأسود … وهو يطاوعه في تحركه وتنقله … يجذبه إليه .. فينجذب .. يرخي الواصل … فينطلق في هدوء .. اقترب من جذع شجرة … اشتمها .. رفع رجله … ــ كما تفعل الكلاب عندنا ــ
تبعتْه سيدة ـ يبدو أنها في سن الخمسين من عمرها ـ رفقة كليب ، أبيض اللون … أنيق … وقد نفشت شعيرات رأسه … وذيله … يرتدي بذلة سوداء اللون …. يوحي منظره بمقدار جاهه ، ووجاهة حياته … تلاطفه بسلسلة ذهبية اللون في يدها … وهو يتحرك في خفة ورشاقة … يتنقل يمنة ويسرة … أسرع الخطى ، فخاطبته بلطف وحنو : ” نو شيري ” ــ سمع الجملة ، ولم يرها مكتوبة ، لذلك لم يتمكن من تحديد جنسه ــ
كلاب تتزين بأبهى الملابس والشارات …. وفي أماكن أخرى يتحرك الأطفال عراة ، أو أشباه عراة …
تلاحق مصاحبو ، ومصاحبات الكلاب … في شبه كرنفال … متنوع الأشكال والألوان … ربما كان ذلك بدافع المباهاة … أو أنها ثقافة هؤلاء … أم أن لبعضهم فيها مآرب أخرى …