الـــوجه الآخـــر

خاص-ثقافات

* عبدالله زغلي

وهو يتجول في مدينة الكفار ـ كما يسميها البعض ـ لاحظ نقاء شوارعها … وانتظام تحرك سياراتها ، وراجليها …

دور متراصة .. بهندسة تكاد تكون متشابهة … ونوافذ زجاجية واسعة … لا أثر للحديد الصلب عليها …

يخالها المتجول خالية من سكانها … لا أطفال يهرولون ،  ويعربدون … أو يتصايحون ، ويصرخون ..

بين الحين والآخر .. وخلال مدد ، تطول وتقصر .. يمر أحدهم ، أو إحداهن … في هدوء .. كثيرا ما يبادلون الغير التحية .. والابتسامة … مدينة توحي بالأمان والاطمئنان .. وتغري بالبقاء والاستقرار ….

انزلق نحو حديقة … متوسطة الحجم ..   تأمل جمالية هندستها ، أشجار عالية متراصة .. لم تزهر بعد ، أرضية معشوشبة ، زُينت بممرات مبلطة … صُفت بها مقاعد من خشب ، صُبغت بألوان مختلفة …

خصصت أماكن للعب الأطفال ، حسب اختلاف الأعمار … لكل شريحة ما يناسبها ….

استدار لمقعد .. وأخذ مكانه يتأمل الحاضرين … والعابرين .. القادمين .. والمغادرين …

استقبلت عيناه رجلا … يمسك بواصل كلب متوسط الحجم … وقد ألبسه بذلة مزركشة … لاءمت لونه الأسود … وهو يطاوعه في تحركه وتنقله … يجذبه إليه .. فينجذب .. يرخي الواصل … فينطلق في هدوء .. اقترب من جذع شجرة … اشتمها .. رفع رجله …  ــ كما تفعل الكلاب عندنا  ــ

تبعتْه سيدة ـ يبدو أنها في سن الخمسين من عمرها ـ  رفقة كليب ، أبيض اللون … أنيق …  وقد نفشت شعيرات رأسه … وذيله … يرتدي بذلة سوداء اللون …. يوحي منظره بمقدار جاهه ، ووجاهة حياته … تلاطفه بسلسلة ذهبية اللون في يدها … وهو يتحرك في خفة ورشاقة … يتنقل يمنة ويسرة … أسرع الخطى ، فخاطبته بلطف وحنو  : ” نو شيري ” ــ  سمع الجملة ، ولم يرها مكتوبة ، لذلك لم  يتمكن من تحديد جنسه  ــ 

كلاب تتزين بأبهى الملابس والشارات  …. وفي أماكن أخرى يتحرك الأطفال عراة ، أو أشباه عراة …

تلاحق مصاحبو ، ومصاحبات الكلاب … في شبه كرنفال … متنوع الأشكال والألوان … ربما كان ذلك بدافع المباهاة … أو أنها ثقافة هؤلاء … أم أن لبعضهم فيها مآرب أخرى

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *