*راسم المدهون
تحتدم الحياة الفلسطينية في الواقع وتغيب عن الدراما.
من يتابع ما تحقق من أعمال درامية فلسطينية خلال السنوات الماضية لا بد أن يخطر له سؤال كهذا، خصوصاً أن أدوات النهوض بالدراما والارتقاء بها كماً ونوعاً موجودة ولها مفرداتها القادرة وذلك واضح في الفنية العالية التي حققتها أعمال سينمائية فلسطينية عدة. ما نتحدث عنه هو بالتحديد الإنتاج: كيف يمكن الفلسطينيين خلق صناعة درامية كاملة لها دورتها ومواظبتها على الإنتاج كي يمكن ضمان تحقيق نتائج فنية وثقافية عالية من خلال تبني ومعالجة قضايا المجتمع الفلسطيني وهمومه.
ليس هذا هيناً أو بسيطاً، لكنه ممكن ويستحق البحث والنقاش بين المعنيين بالفن والأدب والمعنيين بالثقافة والسياسة على حد سواء، فنحن نعرف أن المال بما هو عصب تأسيس الدراما متوافر لدى كثر من المواطنين، لكنه يحتاج دوماً الى نجاحات تسويقية تحقق انتشاراً فضائياً عربياً يفتح الباب أمام رأس المال الخاص ليخوض في مجال الإنتاج من دون خوف الوقوع في الخسارة. لا بد من ريادة تقوم بها جهات تمتلك الى جانب الشجاعة الاستعداد لتحمل أية نتائج سلبية أو قليلة النجاح.
ولا شك في أن الضمانة الأبرز في هذه الحالة هي الفنية العالية، المميزة والقادرة على إكساب الدراما الفلسطينية هويتها الخاصة. ليس الحديث عن الهوية كما يمكن أن يخطر بالبال مرتبطاً بتقديم دراما عن الموضوع الوطني الفلسطيني، بل هو مرتبط بالنجاح في استلهام صور الحياة الفلسطينية المختلفة والمتنوعة انطلاقاً من رؤى واقعية ذات خصائص واضحة.
نقول ذلك من دون التقليل من شأن الموضوع الوطني وأهمية معالجته، لكننا نريد تأكيد الفكرة الأساس وهي أن حضور صور المجتمع الفلسطيني يليق بالمجتمع ويليق بنضج الثقافة الفلسطينية في المجالات كلها والتي تحتاج فقط لتحويل ذلك الى صناعة حقيقة تتجاوز الموسمية الى وجود فاعل ومتواصل وله حضوره في الفضاء التلفزيوني الواسع والذي يتسع بل ويحتاج ويمكن دخوله من خلال الإبداع الجيد الذي يمتلك شرط الجاذبية القادرة على كسب المشاهد وتشجيعه.
_______
*الحياة
مرتبط