خاص- ثقافات
*خلود الفلاح
معتوق ابوراوي فنان تشكيلي ليبي (1967 )، جمع لوحاته في أربعة كتب، هي “تأبين المفقودين بقوارب الموت”، “الجنوب والحلم”، “تأبين المفقودين بالربيع العربي” و”أحلامي بغرناطة”. في معرضه التشكيلي”تايتانك الفقراء” وثق رحلة ليبيين حالمين بوطن مختلف، غرق غالبيتهم قبل أن يصلوا شواطيء الأمان الإيطالية. إيقاعاته اللونية عنيفة وغاضبة. الإنسان في لوحاته يعيش حالة انتظار طويلة، وحسب قول ابوراوي: “مهمتي أن أخرج ماعندي من وجوه بائسة وكادحه قد امتلئت بها ذاكرتي في سفرياتي. هذه الوجوه قابلتها في مجمل حياتي. وكل البورتريهات التي رسمت هي في جلها من الخيال ولا تمثل شخص بعينه”.
تمرد التشكيلي
قال التشكيلي معتوق ابوراوي: ليس لدي طقوس خاصة أثناء الرسم، وأضاف: “الحالة الإبداعية ليست دائما حاضرة بالنسبة لي، لذلك أحمل معي كراساتيً للرسم في كل مكان أحط فيه سواء مقهي أو نزهة. يقول بيكاسو، المهم العمل الدائم عندما يزورك الإلهام يجدك جاهز”.
وأشار ضيفنا: اللون وسيلة للتعبير ومهمته تقريب مخيلة الفنان للوحة التي رسمها في ذهنه إلى السطح الذي يرغب في تلوينه. أنا انتمي للمدرسة التعبيرية، حيث أسجل حالتي في وقت ما، وقليلة جداًهي الأعمال التي نقلت شيء موجود أصلا مثل البورتريه والطبيعة الحية والصامتة، أحاول إظهار شيء قد يكون مرتبطا بالمحيط الخارجي والظروف المحيطة بي، وأحيانا أخرى أنقل بقصد أو بغير قصد حالة نفسية خاصة ليس لها علاقة بالمحيط ، أختيار الألوان يعتمد على مخزون ذاكرةً الفنان وقدرته التقنية بالتعامل مع كل الألوان، وأضاف: التجريد في واقعه حقيقه ويستمد اللون والتكوين من الأشياء الواقعية، ولايمكن فصل التجريد عن الحالة الواقعية للأشياء التي اختزلت في الذاكرة البشرية. التجريد الناجح هو من نتائج العمل التجريبي المستمر. أستطيع القول بأن لدي تجربة متواضعة فنية تشكيلية معاصرة بكل أدواتهاوكان التجريب عنوانها.
وتابع: من الضروري للفنان التشكيلي أن يكون مطلع على ثقافات بصرية كثيرة، تتيح له مخزون كبير من النماذج والصور التي تساعده إلى حد كبير. أن يكون ملما بالفنون وكافة العلوم الإنسانية. الفنان الناجح هو فضولي بطبعه ومتمرد على كل الأشكال التقليدية بالنسبة لعمله الفني.
الخراب والبورتريه
يقول ضيفنا: الحروب والخراب والفقر والنكبات الإنسانية عادة ماكانت مهمه لإلهام العديد من الفنانين أذكر هنا الفنان الإسباني فرانشيسكو دي قويا، وانحيازه الكبير لإبراز مآسي الحروب الطاحنة بإسبانيا، لاسيما لوحاته المهمه ” 3 مايو” أو الأب يأكل ابنه، أو لوحات الإعدامات الجماعيه والفردية.
هدا لايعني على الإطلاق أن هذه الموضوعات هي سبب نجاح أعماله من الناحية الفنية. أود الإشاره بإن مايجري في ليبيا من انفلات أمني وفوضى مؤسساتية وأجتماعية، لربما قد أثر بشكل كبير في لوحاتي الأخيرة بما تحتويه من سرعة التخطيط والقلق المستمر في التخطيط، هناك مجموعة لوحات تتشكل من كائنات بأحجام صغيرة سميتها “من مذكراتي اليومية”. هذه اللوحات سوف أعرضها قريباً بمعرضي القادم بمدينه غرناطه الإسبانية.
في لوحة “الشهيد” و”قوارب الموت”، هناك ربط بين اللون الأحمر والفقد وهنا أوضح ضيفنا: في بعض تجاربي الأخيرة، اركن أحياناً لإبراز بعض القضايا الإنسانية مثل الهجرة الغير شرعيه وثورات الربيع العربي، لم يكن ذلك توجه مني لإنجاح العمل دعائيا وبصرياً، ولكن لخلق فضاءات وبعد جمالي آخر بمفردات تكوين جديدة لاسيما بإن الموت كموضوع كان حاضر في مفردات الكثير من أعمالي.
وتابع: في اعتقادي الفن يتطور موازيا للتقنية والفنان جوهره التجريب ولابد أن يكون منفتح على هذه التقنيات الحديثة، منذ القرون السابقة لعبت الفرشاة والقماش والألوان المسحوقة ظاهرة حداثية في عصرها وكانت حاضرة في حياة الفنانين فيما بعد وبقوه، ولكني وبصراحة لست من المنحازين عاطفيا لهذه التقنيات الحديثة، تعلقي بفانتازيا الزيت والورق والقماش كان له اثر عميق فيما بعد وأسس في ذاكرتي كل مايتعلق بالجماليات سواء كانت نوستالوجيا أو تعبير، بمعنى آخر أنا لم أرفض التكنيك الحديث، بالعكس اجربه من حين لآخر بنوع من الحذر، ولأول مرة في تاريخي الفني، استعملت مع مجموعة من الأعمال التي رسمتها ولونتها آليا وطبعتها بأحجام كبيرة على سطوح مثل القماش أو البلاستيك الأبيض، كان بإسبانيا العام 2014 .