لم أنتبه إلا مؤخرا لأسم أطلق عليّ ، لكنه كان في وعيي الباطن. وقد تذكرت حديثا مع أمي شدني الاستماع له مرة، وظل في رأسي إلى أن نطقت به صديقة لي كنت أرسل لها بعض يومياتي ، وكانت ترد عليّ برحابة ، وتبث في روحي أملا لم يكد أن يزول بانتهاء المحادثة .
سألت أمي عن لون بشرتي ،ملامح وجهي ،التجعد القليل في خصلات شعري ،عن لونه الأشقر الفاتح ،عن لون عيني المائل إلى صفرة نوعا ما …. أراني أختلف عن أخوتي ؟! هم يتميزون ببشرة أقرب منها إلى سمرة محببة ، وشعر كشعر ذيل الحصان أسود. قالت : ربما لأني وضعت صورة القديسة ” مريم ” على جدار غرفتي عندما أخبرتني الطبيبة بحملي ، وطلبت من الله ، وبشفاعتها أن تكون كمريم ، النطفة التي أحملها بأحشائي . وكنت ، كلما صحوت ، نظرت بصورة تلك القديسة الطاهرة ، وأيقنت أني سألد بنتا جميلة كما هي . لكني دعوت الله أيضا أن يجنبها الشقاء والألم. ويوم ولدتك كنتِ كطير من الذهب. أستغرب الجميع من هذا البياض النقي في بشرتك،وذلك اللون الأشقر لشعرك ، والخصلات المجعدة . لكنك أيضا لم تسلمي من الألم،ولا الفقد المبكر. في حادثة أخرى لم أنسها قالت :كنتُ أحملكِ على كتفي صيفا وقد خالطت بشرتكِ حمرة ، وتوهجت خصلات شعركِ بخيوط شمس الظهيرة ،أسير وأحاول أن أخفي جمالكِ عن العيون،على وقع خطواتي ، تسير أحدى المعلمات ، والتي لحقت بها أخرى ، قالت أحداهن : من يجرؤ على ولادة ملاك كهذا ؟! يومها وضعت يدا على قلبي والأخرى تمسكتْ بك جيدا،خفت عليكِ أكثر لأني كنت أعرف أن الملائكة لا تعيش على هذه الأرض : يا بنيتي .