خاص- ثقافات
*عزالدين الشدادي
تحل ذكرى اليوم العالمي للفلسفة كل سنة بشكل خاص ، تحضر كحياة مليئة بالحب والمحبة ، كأنها طاووس يحمل حضارات العالم بألوان مختلفة اللغات على ريشه ، وهي لحظة حب ، لا لحظة موت أو نواح وبكاء ، ولغة قوة لا حديث منع وعدم إعتراف .
إن ذكرانا اليوم ذكرى عقل مليء بالمحبة ، لأن الأصل في الفلسفة كان حُبا ، أعلنه فيتاغور قبل الميلاد ، وهي أيضا إعتراف بماضي في قالب حاضر ومستقبل ، وذكرى اليوم الذي يوافق الخميس التالث من كل نونبر لها طابع خاص ومتفرد ، طابع عقلي ورياضي ومنطقي وقيمي تمتزج فيه قوة العقل بعزيمة النفس العاقلة وإرادتها في تخطي شوائب الخرافة و الأسطورة .
نحتت على معبد دلفي عبارة جميلة يقال أنها لسقراط مفادها ” أيها الإنسان اعرف نفسك بنفسك ” ومعرفة كهذه لا يمكن أن تتأتى إلا بحب للنفس أولا ، لأن حب النفس يقود إلى المعرفة ، لتغدو المعرفة حبا ، لذا نحت تعريف أولي للفلسفة كان عنوانه الحب ، عندما عرف فيتاغور الفلسفة قائلا ” محبة الحكمة ” .
إن حبنا للحكمة يجعلنا متميزين ومغايرين للجموع ، حب في الرؤية والتفكير والبحث ، اتنباطا واستدلالا ، فنكون بذلك محبين ، باحثين عن الحكمة أينما وجدت ، بدون إدعاء لامتلاكها أو تحنيطها ، لأن الحب لا يحنط ، بل ينشر على القلوب ، فما بالك إن حولناه إلى حب ينشر على العقول .
ذكرانا اليوم رغم أنها تحمل حبا ، فهي كذلك تحمل تساؤلات لا حد لها ، منها ما يتعلق بوضعية الحكمة في بلداننا منهجا وتربية وتعليما ، ومنها ما يتعلق بحضور الحكمة في أذهان الأفراد سلوكا وممارسة ، وهي جوانب ينبغي استحضارها في هذا الوقت ، بالتساؤل والحوار واللقاءات والندوات والمحاضرات بعيدا عن كل حشو أو إطناب في إعادة تمثيل ما قيل سلفا .
في هذه الذكرى ، نستحضر وبكل حب صور آلاف الفلاسفة ، وآلاف الحضارات من مختلف أماكن الوجود ، بمدارسهم وتياراتهم وكأننا نحلق في عوالم لا حدود لجغرافيتها ، متجاوزين مركزية أوروبية ، أو تمركز حول الذات ، منفتحين على العالم بكل حب ومحبة .
في يومنا العالمي للفلسفة ، تقول الحكمة لنا :
كونوا محبين للحكمة