فكرت أن أكتب مديحا في الهزائم- أصابتك بالملل هي أفضل وقت للكتابة حول مديح غريب للانكسارات.
****
أجرب أن أعد الزغب على جسدي، قلت إنها حالة ملل، ثم أفكر أنه كان ينبغي أن يظل أمر الزغب سرا، هنا يعتقدون أن جسدي عورة، ربما لا ينبغي أيضا أن أتحدث عن وحمة على كتفي الشمال أو خال على خاصرتي.
كنت أتجادل مع شقيقتي
تقول: هي شامة
وتقول: هي سر.
****
أحدق بلوحات لنساء عاريات، اجسادهن خمرية مصقولة بلا زعب، ليست لواحدتهن وحمة على كتفها، او شامة فوق السرة، ربما أفكر ان ارسم هذا الجسد، جسدي، لكن الزغب عيب، فكرة الانكشاف عيب، والجسد الذي صنعه الله عيب.
ربما أرسم ظله.
****
تكتب شيئا لا يتوقعه أصحاب المعاول والشائهون وهؤلاء الذين سيشتمون انكشاف وحمة في الكتف في نص أو حديثا عن زغب طري على اللحم القمري، شيئا مقطرا مثل الدهشة.
****
لا تعني حالة الملل أن سعادة خفيفة كفت عني، أحس بنشوة غامرة، قلبي يضحك، ليس لدي فضول لأعرف كنهه.
****
غياب الفضول يساوي الملل.
****
ليس حولي أحد وأنا كثيرة
تعجبني وحدتي الغريبة.
****
أترك يدي في الفضاء المعلق، تمارس فكرة الحرية ثم تعود إلى سجنها، هكذا تماما مثلي، انظر إلى العالم، افكر بأن لونا آخر كان يمكن ان يكون أجمل، ارتدي زوجا من النظارات البنية او السوداء، واقنع نفسي ان العالم تغير، لكنني ما زلت احس بالملل، لا فضول لدي لأسأل صديقا يحس بالغبن دائما- اقصد لأنه تزوج امرأة غبية- هل تشبه الدنيا ما نريد من خلف زجاج معتم او من خلف زواج معشق؟
****
أمر على صورة وجهي في المرآة وأضحك، احس بملل ونشوة، أشبهني فعلا، ولكنني لا اعرف من منا تحس بالملل أكثر، أشفق على صورتي، هناك اطار كبير لا تستطيع ان تخرج منه، وتشفق صورتي عليّ، فلست أرى كل الاطر المعلقة حولي.
كلتانا تضحكان.
****
نرى مأساة الاخرين فقط، ونحتال بالوهم على مآسينا.
****
أفكر كثيرا كيف يمكن أن أكسر الإطار دون أن أخدش المرآة؟
****
على الوجه الخلفي للمرايا مسامير تمسك الفكرة ولون واحد كثيف وصنعة لما لا يُرى غير متقنة.
****
اقرأ عن بنية الرواية ومدارس النقد الادبي، أفكر بروايات ناجحة، تنجح رواية احيانا بالدهشة، هل يمكن ان يكتب أحد رواية عن الملل؟ وحيث نجحت رواية مثل “العمى” لسارماغو، رغم أنني لا أحبها.
****
الأمس بالنسبة لي نهاية، لا أعلم متى بدأت الأشياء التي انتهت أمس!
****
كنت بدأت من هناك، منذ أول شغف، منذ أن وجدت لغة تتجاوز ملل الخلود وحين صنعت لغة للحوار مع الكائنات وسرقت السر. سألت يوما: هل في الجنة مكتبة؟ لا أريد الدخول في تفاصيل الاندهاش في وجه المستمع، ولا إجابتي اللاحقة.
****
ما اكتبه هنا انزياح حر للفكرة، لغة رتيبة بلا صور شعرية، وبلا انفعالات كالتي أكتب بها عادة، حالة كالملل.
أمرُّ بطور غريب لكنني أحسن النظر الى فكرة النقص، فكرة قدمها صديق صباحا على انها قمة الاكتمال، قمة الكمال وأضيف : المعرفة.
****
تمر اللغة بطور مشابه، تخذلنا اللغة ونخذلها.
****
لا أتوق للفرح، أفكر باستمرار بالدهشة، كيف يمكن ان تولد وتتجاوز فكرة الكارما والأبدية البليدة، المدهش أنها-أي القدرة على الإدهاش، حرفة، مدهش حقا أن تكون هناك وظيفة تحمل اسم المدهش على غرار الساحر والشاعر، والأكثر متعة أن أتعرف اليها وأَن لا أملّ.
****
أترك فنجان القهوة يبرد، ماذا تفعل قهوة باردة في يدي، لا معنى للقهوة سوى أنها تذكرني بكل النصوص الغريبة والجيدة التي كتبها البعض عنها أو محاولة اقحامها في الكتابة مثلما أفعل الآن، ولا أريد أن أفعل.
****
أريد ولا أريد، أجرب الأشياء لأن التجربة بحد ذاتها تنفض الغبار عن الصمت، تنفض الصمت عن الشفاه، تشمس الكلمات وتدفعها باتجاه ما، أو لا اتجاه.
****
أرتب الكلمات أم أرتب الغسيل الذي تراكم منذ أيام؟ لا ينقصني الوقت لأمارس الأعمال الغبية، الكتابة هي ممارسة للكلام عن الغباء، أدرك ذلك وأفشل في المحاولة، دائما لدي افكار، ودوما يدي مشغولة بشيء آخر، عقلي مشغول بحبل الغسيل الممتلئ، الحبل الذي يحكي -ما يُنْشر عليه- قصةً ما، كما قالت صديقة، الحبل الذي يمتلئ بالرطوبة والماء واللون والحكايا.
****
انت بطريقة ما تخلق دهشة، أسطرة الدهشة فعل شعري وروائي، كما انه فعل بشري يمارسه الطفل الذي ظل يزحف بهيكله العظمي حتى التهمته الصقور الجائعة، فعل تمارسه نملة تحمل عشرة أضعاف وزنها، وأنا.
****
اللامنطق في الحب فقط
اللامنطق في بقية الأشياء غباء
وكلا الحالتين هزيمة.
****
اللامنطق في كل شئ، تنتقد ما تكتب بشدة، تكون قاسيا وماكرا وهادئا، تمكر وتبتسم، كأنك ضبطت ذاتك في مصيدة، ثم تنكر، وتقرر أن الحب هزيمة تليق بحالة ملل جامحة، تليق كاعتراف وفكرة.
****
أن أعترف، هذه هزيمة
أحبك!
وهذا القلب سهل للتنانين
****
تصنع هزائمك بمقاييسك، ولتنج هذي النبيَةُ.
****
تراقب بدهشة كيف تقسو حين تنكسر.
****
صعب أن ألم قلبي من حالة هذيان
يمكنني أن أقنعه بأن لا شئ يحدث هنا،
فكرة الوهم هزيمة.
****
كما أقول، نضحك على أنفسنا بالوهم، أفهم الوهم وأفهم الهزيمة وأدرك اين تقودني اعترافاتي، لكنني مصابة بحالة ملل.
****
أراك وأمر كشعاع في حقل الشوك
أتجنب في الحديث اسمك
(اسمك الحلو على اللسان الناشف)
هذا التفاف ماكر على ما أريد.
****
ماذا يعني الملل أكثر من الالتفاف الماكر، صديق لي يسميها الزئبقية، أيضا التف على اسمه هنا، لأن هذا النص كله لأجله.