جهود المستشرق الروسي كراتشكوفسكي في الأدب العربي

خاص- ثقافات

أوصت اللجنة المكونة من: الدكتور غسان عبد الخالق مشرفًا ورئيسًا، والدكتور محمد عبيد الله عضوًا والدكتور عمر الكفاوين عضوًا والدكتور أحمد الخرشة عضوًا زائرًا، بمنح الباحث مثنى خالد محمود الذيابات، درجة الماجستير في اللغة العربية وآدابها، عن رسالته الموسومة (جهود كراتشكوفسكي في اللغة العربية وآدابها).

وقد تكونت الرسالة من: مقدمة وتمهيد دار من حول مفهوم الاستشراق ونشأته بوجه عام وحركة الاستشراق الروسي بوجه خاص، والمحطات الرئيسة في حياة المستشرق الروسي أغناطيوس كراتشكوفسكي. كما تصدّى الباحث في الفصل الأول من رسالته لرصد وتقييم جهود كراتشكوفسكي في تحقيق التراث العربي مسلّطًا الضوء على منهجه في التحقيق. وأما الفصل الثاني فقد أفرده الباحث لرصد جهود كراتشكوفسكي في دراسة الأدب ونقده مسلّطًا الضوء أيضًا على منهجه في دراسة الأدب ونقده. وقد خلص الباحث في رسالته إلى النتائج التالية:

  • تعددت تعريفات الاستشراق؛ ووجهات النظر المتباينة التي تناولته، فبعضها يرى أنه ذو طبيعة استعمارية تبشيرية، وبعضها يرى أنه ذو طبيعة فكرية ثقافية مجرّدة من الأغراض الأيديولوجية، وبالتالي فإن الاستشراق ليس كله شرًا وسلبيات، بل له كثير من الإيجابيات التي عادت بالنفع على الحضارة العربية الإسلامية.

  • أهمية جهود كراتشكوفسكي الذي نذر نفسه لهذا التراث، فأماط اللثام عن كثير مما تركه الأدباء والعلماء، ونفض عنه غبار السنين، فحقق ونشر وترجم كثيرًا من المخطوطات بأسلوب علمي دقيق، وجهد مضن، فضلاً عن حفظ وفهرسة كثير من هذه المخطوطات.

  • يرى كراتشكوفسكي أن الشعر العربي دخل الأندلس تامًا جاهزًا بجميع أشكاله الشرقية، وأن القصيدة الأندلسية قد حافظت على شكلها العروضي، وعلى بنائها الخارجي، فبقيت حبيسة الإطار الجاهلي والأموي والعباسي، ولكن ضمن التغييرات التي طرأت عليها في المشرق. إلا أن القصيدة الأندلسية استحدثت أيضًا شكلين آخرين، هما: الموشح والزجل، وذلك بفضل الظروف السياسية التي عاشها الأندلسيون، وبفضل الطبيعة الساحرة الفاتنة التي حظيت بها الأندلس.

  • يرى كراتشكوفسكي أن ابن المعتز هو أول من ألّف في علم البديع تأليفًا ذا صيغة منهجية محكمة، وأن مفهوم علم البديع لديه أقرب ما يكون بالأسلوب الجديد أو الاتجاه الجديد، وبالتالي فقد توصل إلى قناعة أكيدة بأنه لا أثر للبلاغة اليونانية في نشأة البديع العربي، وأن أثر ابن المعتز قد امتد إلى من جاء بعده، ولا سيما في القرنين العاشر والحادي عشر الميلاديين؛ أي في فترة ازدهار علم البديع.

  • اعتنى كراتشكوفسكي أيّما اعتناء بالأدب العربي القديم والحديث على حد سواء، وأمضى سنين عدة في البحث والدرس في كثير من القضايا المؤرقة، وأبدى وجهات نظر قيمة، تستحق التقدير والشكر؛ إذ درس الشعر الجاهلي والأموي والعباسي والأندلسي، وكذلك الأدب العربي الحديث، في مجال الشعر والقصة والمسرحية، فنشر العشرات من الأبحاث الجادة، فضلاً عن ترجمة بعض الآثار للكتاب والأدباء العرب المحدثين في اللغة الروسية.

  • إجراء المزيد من الدراسات الموضوعية لإنصاف جهود المستشرقين، ولا سيما الذين تركوا بصمات علمية جليّة في مجال التراث، والتنبيه على منهجيتهم التي اعتمدوها في نشر التراث العربي وإخراجه على الصورة القريبة من أصوله، وكذلك الحال في مجال الدراسات اللغوية والأدبية الحديثة، والإفادة منها.

  • إجراء المزيد من الدراسات الموضوعية لإبراز جهود المستشرق الروسي كراتشكوفسكي، وتعزيز صورة المستشرق الصديق في الثقافة العربية، بدلاً من التركيز على الصورة الهدّامة.

ويذكر أن كراتشكوفسكي عُرف في العالم العربي، من خلال مؤلفاته التي ترجمت إلى اللغة العربية، ومنها: “مع المخطوطات العربية؛ صفحات من الذكريات عن الكتب والبشر”، تعريب محمد منير موسى، منشورات دار النهضة العربية، القاهرة، 1969. و”تاريخ الأدب الجغرافي العربي”، تعريب صلاح الدين عثمان هاشم، منشورات هيئة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة 1963. و”الشعر العربي في الأندلس” تعريب محمد منير موسى، منشورات عالم الكتب، القاهرة، 1971. و”الرواية التاريخية في الأدب العربي الحديث ودراسات أخرى” تعريب: عبد الرحيم العطاوي، منشورات دار الكلام، الرباط 1989. و”دراسات في تاريخ الأدب العربي” ترجمة: محمد العصراني، منشورات (ناؤوس)، موسكو، 1995. كما حقق “كتاب البديع” لعبد الله بن المعتز، منشورات دار المسيرة، بيروت، 1982.

وهو لا يفرق في حبه بين الآداب العربية، والأمة التي أنتجت هذه الآداب، فهو يحب الأمة العربية حبًا جمًا لا يقل عن حبه لآداب لغتنا وثقافتنا، ثم هو يحبها حبًا فعالاً عمليًا لا نظريًا فقط. فكم له من أياد بيض على بعض أفراد هذه الأمة، وكم له من دفاع مجيد عن مصالحها الحيوية وحسن سمعتها وتقديرًا لمكانته العلمية، وقد انتخب عام 1923 عضوًا مراسلاً في المجمع العلمي العربي بدمشق. وخلاصة الأمر؛ فقد كان محور نشاطه الرئيس الآداب العربية وأعلامها، سواء أكان ذلك في القرون الوسطى أم غيرها، كدراسته عن الوأواء الدمشقي، وأبي العلاء المعري، وبإشرافه صدرت الطبعة الروسية الكاملة لترجمة “ألف ليلة وليلة”، كما قام بترجمة “كليلة ودمنة” من العربية إلى الروسية، وكتاب “الأيام” لطه حسين، وقام أيضًا بإصدار كتب مدرسية باللغة العربية، وتحت إشرافه صدر أول قاموس عربي روسي، وآخر ما ترجمه إلى اللغة الروسية القرآن الكريم، وقد صدر في الاتحاد السوفيتي عام 1963.

شاهد أيضاً

في اليوم العالمي للشعر: كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !

(ثقافات) كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !  هذا ما قاله المكسيكيّ خُوسّيه بَاشِيكُو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *