خاص- ثقافات
*طلال حمّاد
سنهرُبُ من قصفِ المَوْتِ
فوقَ رؤوسنا
في حربٍ لم نَخْتَرْها
سنتسلّلُ عبر الحُدودِ
إلى أوطانٍ لا نَعْرِفُها
سنُجَدِّفُ في البحْرِ
ونحنُ لا نَضْمَنُ
أنْ لا يَقْلِبَ البَحْرُ قوارِبَنا
ويُلْقي بِنا في جوْفِهِ
إلى أن تلفُظَنا أحشاؤُهُ
فَنَطْفو على السَطْحِ
جُثَثاً
ونحن الذينَ
أدَرْنا ظُهورَنا للمَوْتِ
وقَصَدْنا الحياة….
فهل يُمكِنُ أنْ نكونَ أخطأنا
في اختيارِ الموْتِ
أم أنّنا بالغْنا
في الهُروبِ
إلى الحياة؟
نَهْرُبُ مِنَ المَوْتِ
لأنّهُ ليْسَ لَطيفاً
فيَسْبِقُنا
ويَسْتَديرُ نَحْوَنا
مُخْرِجاً لِسانَهُ
مُسْتَهْزئاً
ثُمَّ يَقْفِزُ
مِثْلَما تَقْفِزُ أفْعى
لِتَلْتَهِمَ ضَحِيَّتَها
وَنَكونُ نَحْنُ
ضَحِيَّةَ المَوْتِ
فَوْقَ اليابِسَةِ
وَتَحْتَ السَماءِ
وفي عُرْضِ البَحْرِ
نَهْرُبُ مِنَ الجوعِ
كيْ لا نَكْفُرَ بالحَياة
وَنَهْرُبُ مِنَ الفَقْرِ
والقَهْرِ
وَمِنْ نَهَمِ القَبْرِ
وَنَهْرُبُ مِنَ الحَرْبِ
وكانَ يُمْكِنُ أنْ نَتْرُكَها
في مُواجَهَةِ المَوْتِ
فَيَقْتَتِلانِ
وَيُقْتَلانِ
فَنَسْخَرُ مِنْهُما نَحْنْ؟
أحد لم يقرأ ما جاء
في الرسالة التي
قذف بها الموج
على الشاطئ المسكون
بالناس
والحراس
والمصطافين
والباعة المتجولين
بأي شيء
أي شيء
والحراقين
والمتسولين
لأي شيء
أي شيء
لكن لم يعرها أحد بالا
فصاحت
كما يصيح الغريق
في عرض البحر:
“الموج يعلو
ويعلو
والقبطان مخمور
والمركب مثقوب”..