الشاعرة أودري لورد تعود من جديد في كتاب “صمتك لن يحميك”

*ترجمة: أحمد الزبيدي

تعتبر أودري جير الدين لورد (1934-1992)، شاعرة أميركية كاريبية مميزة، وهي ناشطة في حركة الحقوق المدنية ومدافعة عن حقوق النساء، لها العديد من المؤلفات الشعرية والفكرية والأدبية.
(صمتك لن يحميك) هو عنوان الكتاب الذي صدر مؤخراً ويضم مجموعة من مقالاتها وقصائدها الشعرية. الدرس الأول الذي نتعلمه من هذا الكتاب، إن ما  يدمرنا ليس الاختلافات في الجنس واللون، ولكنه الصمت. فهناك الكثير من حواجز  الصمت التي يجب أن تكسر “، وهذا الكتاب يمثل أول مجموعة كتابات للشاعرة طال انتظارها تصدر  في المملكة المتحدة. وهي تسألنا في هذا الكتاب “ما هي الكلمات التي لم تبح بها بعد؟ ما الذي تحتاج إلى قوله؟ “ما هي جرعات الظلم التي تتجرعها  يوماً بعد يوم، وتجعلها جزءاً من ذاتك  بنفسك، ثم تمرض وتموت من جرائها، وأنت لا تزال صامتاً؟”.
يبدأ الكتاب مع الخطاب الذي حمل عنوان  “تحولات الصمت في اللغة والعمل”، الذي ألقته  امام  مؤتمر رابطة اللغات الحديثة في عام 1977 بعد فترة وجيزة من إجرائها  جراحة السرطان. (هذا المرض، الذي كتبت عنه  بعد حوالي ثلاث سنوات في “مجلة السرطان”، والذي كان سبباً في رحيلها المبكر  في عام 1992 وهي في سن الثامنة والأربعين). ويشتمل هذا الكتاب على  حوار  لها  مع الشاعر الراديكالي أدريان ريتش، نتعرف فيه عن  كيف كانت  لورد مترددة في المشاركة  في المؤتمر عندما اقترح صديقها عليها ، “لماذا لا تخبريهم عن الاحداث التي مررت بها لتوك؟” وهي تقترب من  الموت، وجدت  لورد أن هناك  ضرورة “لدراسة الطرق والوسائل التي ساعدتني في  العيش”.
يتميز الكتاب  بالانسجام الحيوي لمجموعة من المقالات والاشعار التي تتناول مواضيع حياتية  متعددة، حيث جمعت نصوصه معاً، بطريقه تناغم الكفاح الذي خاضته  – ضد العنصرية والتحيز الجنسي،. ومن خلال تلك  الخطب والمقالات والقصائد، يكتسب القراء نظرة ثاقبة على اسلوبها في العمل: كيف خرجت قصائدها  الشعرية من “مكان ما لا تنطق به الكلمات  فهو معبد مظلم، حيث تسمو فيه روحك الحقيقية”، في حين خرجت  نصوصها النثرية من خلال الخلفية الاجتماعية لمشاعرها.
تقول لورد في قصيدة لها “لم نكن نقصد أبداً البقاء على قيد الحياة”، “يا لتعاسة البقاء على قيد الحياة”، والواضح أنها تقصد بكلمة  “نحن” الأفراد الملونين على وجه الخصوص. بعض الكلمات كانت تنساب بحرية، ولا يمكن وقفها: فهي توقف سيارتها لتسرع وتكتب  قصيدة  بعنوان “السلطة”، عند سماعها خبر تبرئة ضابط شرطة قام  بقتل صبي أسود؛ أو تكتب قصيدتها “الاعتدال”، التي تبدأ مع عيد ميلاد ابنتها، قبل سماعها خبر اغتيال مالكولم اكس، من جهاز “الراديو الذي استعارته” يوم الأحد. وإذا كانت اعمالها تركز على الحوار مع الموت، فإنها تشدد قبل ذلك على  قوة الحياة.
كتبت مقدمة الكتاب  الكاتبتان اللتان تقيمان في المملكة المتحدة سارة أحمد وريني إدو لودج، واشارتا فيها الى أن عمق أعمال لورد يتجلى بوضوح  في خضم الدلائل على ازدياد مظاهر  العنصرية في عام 2017. وهي تحثّ قراءها على الوصول إلى دواخل أنفسهم والاعتراف بالمخاوف أو التحيزات التي يحملونها، من أجل “تلمس هذا الرعب والاشمئزار من وجود أي فرق بينهم وبين الآخرين”. ومن خلال هذا الاستجواب الذاتي، قد يكون من الممكن المضي قدماً في تحفيز  الطاقة الخلاقة في  المجتمع، حيث لا يمنح  الناس فرصة للتعبير عن انفسهم فحسب، بل و الفضاء اللازم  للإصغاء، بهدوء.
____________
 المدى/عن: الفاينانشيال تايمز

شاهد أيضاً

“المثنوى”و”شمس” من كُنوز مَولانا الرُّومي

“المثنوى”و”شمس” من كُنوز مَولانا الرُّومي منال رضوان     المثنوى المعنوى، وديوان شمس لمولانا جلال …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *