في التغيير والضرورة والحاجة وعن العجز والضعف والتواكل

خاص- ثقافات

*كفاح جرار

لا أومن بالمؤامرة ولا أعتقد بوجود مؤامرة بعد مؤامرة سايكس مع بيكو وانسحبت منها روسيا بعد ثورتها، وفضحها الزعيم البلشفي لينين، وهي التي اقترنت وتزامنت بمؤامرة التفريط بفلسطين بوعد بلفور، الذي يجب على بريطانيا أن تحاكم بسببه.

مؤامرتان عظيمتان تسقط بعدهما كل المؤامرات، إلا ما تعلق بالمستقبل وأبناء المستقبل وبناة المستقبل، وهؤلاء هم أطفالنا وتلامذتنا وطلابنا، الذين يجري التآمر عليهم بشكل سريع وحثيث ودؤوب.

والسؤال الذي يكشف بعض خيوط المؤامرة الثالثة، يتعلق بالتعليم نمطا ومناهج وأساليب ووسائل وبرامج ومعدين ومعلمين، فهل أحسنت نظمنا السلطوية وأخلصت بأداء هذا الدور من حيث الواجب والمفروض والاختصاص؟.

إن أردتم الإجابة السريعة والقاطعة والحاسمة فابحثوا عن حال قطاع الصحة، سوف تجدون في الصحة صدى التعليم ونتائجه وتداعياته.

السؤال الأمثل هو: متى تجدد وتعدل المناهج التربوية ونظم التعليم في الدول العاقلة الراشدة البالغة، التي لم يرفع عنها القلم، وإنما هي مسؤولة وتحاسب على خياراتها، وفيها من يقوم ويقيم ويعدل ويعاقب ويقيل ويحبس ويصادر ويبهدل أيضا؟.

السؤال لأهل الاختصاص، وقد يجيبون تعدل المناهج كل جيل تقريبا، هذا إن دعت الحاجة لذلك، فيطل هنا سؤال آخر، طيب وكيف تعدل تلك البرامج، هل يصح مثلا أن ينام التلميذ ماركسيا ويصحو رأسماليا، كالتاجر مثلا الذي يمسي اشتراكيا ويستيقظ ليبراليا، هل يحق أن ينام على تربية إسلامية ويصحو على عدم التربية، وهل من الجائز أن يغمض عينيه على لغة عربية ويفتحهما على لغة ليست بلغة.. أليست هذه هي البهدلة بعينها إن كان للبهدلة وقلة العقل والذوق والضمير أعين تبصر بها؟.

ما الذي يجري ويحدث لمنظومتنا العلمية والتعليمية والتربوية والقيمية والدينية غير تصرفات مراهق أرعن عديم تربية وخلق، فيجربون ويخلطون ويخلّطون في استراتيجيات وطنية وقومية لا يحق اللعب والعبث بها أبدا، بل اللعب والعبث مرفوضان قطعا بما يتعلق بحياة الشعوب والأمم، فكيف بميادين ومجالات وساحات يصنع فيها فكر الإنسان ومستقبله؟.

من يتآمر على من؟ هو سؤال يذكرني بسؤال كرهته لسذاجته وخبثه، ومع ذلك لا تحملوا الغرب ولا الامبريالية والصهيونية وقوى العمالة والكمبرادور المسؤولية، وإنما يتحملها النظام الاستبدادي العربي فقط وفقط، فهل اكتشفتم وعرفتم كم نحن أنانيون وذاتيون وطفيليون؟.

عندما تفقد الأمم معاني التضحية، وعندما ترى في الواقع رغم سوئه ورداءته بديلا حسنا عن مستقبل مشرق، فذلك يعني أن هذه أمة ميتة لا خير يرتجى منها ولا تحمل غيماتها مطرا ولا طلا.

ما الذي يحدث على الأرض أو بالأحرى في الأرض حاليا؟ أهو الجنون أم تمرد الانسان على نفسه أو ربما من شدة الرغبة في الحياة تفنن البشر باختراع آلات الموت وسؤالي هل لو أدركت الدواب والأنعام لديها الاستعداد لصنع قنبلة ذرية وأخواتها من ذات الفصيلة المدمرة أما جوابي فإنها لن تصنع.

معظمنا يريد كل شيء دون أن يقدم أي مقابل، هم يبحثون عن العمل بدون جهد، وعن المال بدون كد، وعن الرخاء بدون نصب وعن السلام بدون حرب وعن الرفاهية والسعادة والهناء والطمأنينة والمستقبل الرغد والوطن الآمن القوي العزيز ووو..

لكن ما الذي قدمناه لكي نحصل على كل تلك الامتيازات العزيزة، في زمن استشرت فيه المادة وعظمت فيه المصالح، وانقلبت فيه القيم والموازين؟.

ليس عيبا أن تسعى وتجتهد من أجل حياة أفضل، لكن العيب كل العيب أن تتمنى ذلك وترغبه وتلعنه وتغضب إن لم تحققه دون تعب أو جهد.

هل وصل الفرنسيون إلى ما هم فيه من عزة ورخاء إلا بفعل ثورة لاكتهم وطحنتهم وغيرتهم وقلبت أمعاءهم؟.

هل كان الإنكليز ليحققوا كل ما هم فيه من هناء ودعة لولا ثورتهم واتفاقهم على تحجيم صلاحيات الملك ودسترته؟.

هل كان الأمريكان ليتقدموا لولا حربهم الأهلية التي أكلت منهم الملايين؟.

وعن روسيا وثورتها البلشفية وقبلها حربها الأهلية والصين ومسيرتها الحمراء بل وكل الأمم الحية العزيزة، فالحياة بلا عزة الموت أفضل منها وأحسن، وأي قيمة للإنسان إن فقد كرامته وعنفوانه وإباءه؟.

نعم نحن نريد ونخشى من التضحية ولا نحبها ونمقتها ونفقر منها، مع أن الله تعالى اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة..مقابل ماذا.؟ يقاتلون في سبيله فيقتلون ويقتلون، بفتح الياء الأولى وضم الياء الثانية فهل استوعبنا معنا الآية هذا إن كنا مسلمين؟.

عليكم أولا أن تقتلوا ثم من بعدها سوف تقتلون ولكم مقابل ذلك الجنة، لكن وقبل القتل اشترى شيئا آخر وهو المال؟.

يبدو أن الأمة اليوم رغبت بمالها عن ربها، فصارت أرزاقنا تذهب لأعدائنا باسم الكماليات والرفاهية وغيرها، بخلنا بها على أنفسنا، فترى الثري المترف يجاوره الفقير المعدم في أحزمة بؤس، لو أقمنا التضامن بيننا ما كنا لنرى كل هذا الفقر والتخلف والجهل، ولكن من يعطي لله صدقة، وقد صار بعضنا مثل يهود الذين قالوا لرسول الله عليه وآله الصلاة والسلام، ما بال ربك يطلب الصدقات، هل فقر ربك؟ ثم عاندوا أكثر وقالوا، إن الله فقير ونحن أغنياء.

مثل هؤلاء الذين يلعنون التغيير وتبعاته، فيما حدث ويحدث من بلدان عربية، يرون الخراب فقط ولا يفكرون بما وراءه من نعيم، يسعون وراء العسل واللبن والمن والسلوى باعتبارهم من الصديقين الصالحين إخوان مريم عليها السلام، التي كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا، فهل فينا من هم كزرياء عليه السلام حتى يكون بيننا مريم العذراء جديدة، وقد قارب ابنها عليه السلام على الهبوط؟.

والذين يلعنون التغيير ويحذرون منه، تناسوا وألبسوا على العوام وعيهم، وأمعنوا في تضليل الناس بالغفلة والقنوط، هم يتجاهلون أن أول معركة وثاني معركة وثالث معركة خاضها رسول الإسلام عليه وآله الصلاة والسلام، كانت مع أهله وقومه وعشيرته، بل خاضها الأب ضد ابنه والابن ضد أبيه.

فهل عرفتم إجابة سؤال المؤامرة الثالثة، وقد عرفتم أحوال قطاع الصحة في دولنا البائسة؟.

شاهد أيضاً

في اليوم العالمي للشعر: كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !

(ثقافات) كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !  هذا ما قاله المكسيكيّ خُوسّيه بَاشِيكُو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *