خاص- ثقافات
*محمد شاكر
لستَ مِن هَذا الْهُنا..
وإنْ نَقّلْتَ الخَطْوَ..
ومتاعَ القلب
مِن رِفاقٍ، لِزُقاقْ. .
لِتَفِيءَ إلى كنَف واضِحٍ
عاشِقًا ومعْشوقًا
تَقْتَفي أثَركْ
بِكامَل الخُيَلاءْ..
ولستَ مِن هُناك ْ
لِتحْفظَك في صُندوقِ العُمْر
بِكامِل الْعَبقْ.
تُرتِّب أحْلامَك الْقَديمة..
مَتى تَشاءْ..
وكيْف تَشاءْ
وِفْقَ عُذوبَة..
تُسْتَساغُ في هَذه الْحَياة
لِبهْجَة أجَّلتْها مَواسِم الغيْم، والبَلاءْ.
قدْ زادَ البرْزخُ اتِّساعًا بيْن الهُنا ،
والهُناك..
والبَحرُ شَفَّ عنْ جِراحاتٍ زرْقاء
طالما أخْفاها زبَدُ الوهْم
في جُبّة الكِبْرياءْ.
وانْتَفخَ الماءُ..
بِهَدير الأهْواءْ.
بهَذا وَشَتِ الرّيحُ عنْد الْمَغيب
كما لوْ أنَّ السِّرَ..
خَبا عنْه الألَقْ.
وَعليْك أنْ تَتهَجّى حَنينكَ
في كِتابِ الْعَتماتْ.
وَتسَوّي البَوْحَ
بَحبْر الأرَقْ.
وأنتَ الذي أسْلستَ روحَكَ
تَمْحو كُشوفاتٍ ..
تَدلجُ فيها مُضاءً بالْحُرقْ.
لِغَذائر النَّخْل ِ
وطوْق العَراجينِ على جيدِ الواحَة الْعَذراءْ.
أسْرَرْتَها في النَّفْس..
وقلتَ ما أوْحَش العاشِقَ
في غيْم الأهْواءْ..
حين يَسْري بِرقَّة حِسٍّ شَفيف
يَسْمع هَمْس الأفْياءْ..
ولا يُسْعِفه الجَناحْ.
يَحسبُ المَحْبوبَ في هَبَّة شوْق عارِمٍ
أدْنَى إليْه ..
مِنْ رجْعِ النِّداءْ.
وهْو ناء في سَراب البيْداءِ
ورمْلٍ ..
يَتيهُ الخَطْو فيه، ويَغْرقْ.
كأنْ لا مَكان ..لا زَمان تعتَّقتْ في كأسِه الأدْواءْ..
كأنْ لا هُناكْ ..
يَفْتح الْمَعارجَ لِطْفلٍ آيِبٍ. .
مِن مَتاهاتِ الْوَراءْ.
ها أنتَ، الآنَ، تَراكَ
كالَّذي يُخْرج نفْسَه في شاهِقِ الْفَضاءْ
فلا يَحُطّ على طُمَأنينةِ عَرْشٍ
ولا يَرْقى إلى سدْرَةٍ جَديرة. .
بِرغْبتِه في الْبَقاءْ.
أنتَ أفْسحُ مِن ضيْقِ الْهُنا..
والْهُناكْ.
في انْفِراجِك بِخفَّة الكائِن الشَّفيفْ
تمْسَح حُدودَ الضَّيْق
في اللاّمكانْ.
في انْعِتاقِك مِنْ أسْر الهُويّات ِ
وداءِ الْحَنينْ
تَدْحر جيْشًا مِن الأحْقادِ
بِلُطفِ النَّشيدِ..
ورِقَّة قلب أمينْ.