عن الشهداء والحق والواجب وفي الظلم والعدل والاختلاف

خاص- ثقافات


*كفاح جرار

من هم الشهداء؟

رغم بساطة السؤال وعفويته، غير أنه من الأسئلة الشائكة وربما هو الشوك بعينه، وأكثرها إثارة للجدل لمن يفكرون فيه، فأن نقول شهداء فذلك يعني آليا أنهم سيشهدون على غيرهم أمام غيرهم، وإلا كيف تتحقق الشهادة؟.

في المحكمة يدلي الشاهد بشهادته على جريمة/ واقعة/ قضية/ مشكلة.. يعترف فيها على الخصوم أمام رئيس المحكمة، الذي يستمع ويقارن ويحلل ويستقي ويستشير ثم يحكم، وهذا يخص شهداء الدنيا على قضايا الناس وأشغالهم، فماذا عن شهداء الحق في اليوم الحق على موقف حق أمام الحق جل شأنه وعلاه؟.

كثيرون لا يأبهون لذلك اليوم، وربما لا يؤمنون به، ومع ذلك يسمون قتلاهم شهداء، ويتفاخرون بهم كأنهم قدموا شيئا للمستقبل والتاريخ والإنسانية، فكيف يستقيم مثل هذا السلوك وذلك الفهم؟.

أن تكون شاهدا عند غيرك على غيرك، وأمام الملأ العظيم، فذلك يعني إقرارك المبدئي والحاسم بالدينونة والحساب، وأن الشهداء يبعثهم الله تعالى ليقدموا شهادة الحق على أهل الظلم والطغيان والجور، ومن عجز عن الإتيان بشاهد، فإن الخالق تكفل بجعل بدنه يشهد عليه، فماذا بعد؟.

ما نحتاجه هنا، وما يعنينا أكثر من غيرنا، ألا نكون من الذين يكتمون الحق وهم يعرفونه، والذين يكتمون شهادة الله وهم الآثمون، وقضايا الساعة تستدعي من الجميع أن يجهروا بما لديهم من آراء ومواقف، على الأقل لكي يستوي ميزان العدل ويستقيم، وما نراه من قتل وسفك واغتصاب وسبي يستدعي كما سأل أحدهم، عن السبب في استشراء كل هذا الظلم والطغيان والجور، ثم قال وهو يستغفر الله تعالى، كمن عاد وارتكب إثما مبينا، لماذا لم يتدخل الله تعالى وترك كل ذلك يحدث، أليس الله تعالى مع المظلوم وضد الظالم، ألم يعلمونا أن الله هو الحق ويقف مع الحق ويسانده وينصره فلماذا تخلى عنا ولم ينصرنا إذن، بل سلط علينا كل سفلة الأرض وحثالتها، قال ذلك وعاد للاستغفار حتى لا تحسب عليه كلماته.

أي ظن رديء وسيء بالله هذا، أو بالأحرى لا يقول ذلك إلا جاهل وما أكثر الذين قالوا، ويحملون نفس الاعتقاد، لأن الذين يعملون بعقولهم بين الناس قلة قليلة، هم في الغرب تحركهم المصالح والأفكار والقوميات، ونحن تحكمنا وتحركنا العصبية والأنانية والمذهبية والفوضى، وما بيننا وبينهم شعرة معاوية التي جعلت مصالحهم عندنا، ومعيشتنا عندهم، وبالتالي فالحاجة مشتركة وشعارها الزور والبهتان، لا عرفنا كيف نضغط عليهم ونستل حاجتنا منهم، ولا استطاعوا نزع الثروة منا والسيطرة عليها، وهنا للشهداء دوهم وقيمتهم.

لولا كل هذا الظلم والقهر والتجبر والكفر والمروق، هل كانت ستمتلئ جهنم؟.

لمن يجهل أو نسي، فالذكرى دوما تنفع حتى غير المؤمنين، إن عملت عقولهم قليلا، فالرحمن في علاه أقسم قبل أن يملأ جهنم ولم يتطرق إلى الجنة أبدا، ما يعني أن النهاية لن تكون إلا بامتلاء النار بأصحابها المقيمين الدائمين وليس بالزوار عابري السبيل، وإلى حين امتلائها سيظل سيف القتل والظلم مشرعا.

فمن هو الشهيد ومن هم الشهداء؟.

شاهد أيضاً

في اليوم العالمي للشعر: كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !

(ثقافات) كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !  هذا ما قاله المكسيكيّ خُوسّيه بَاشِيكُو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *